< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد مهدی احدی‌

1400/02/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الصوم/أحكام المفطرات /ایصال الغبار

 

مبطلات الصيام (8): إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق

ذهب متقدمي الفقهاء حتى زمان المحدّث الكاشاني إلى بطلان الصيام بإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، وتجاوزت فتواهم الشهرة بل واقتربت من الإجماع. ولم يعترض الشيخ الصدوق والسيّد المرتضى والشيخ الطوسي على هذه الفتوى، وذهب سلاّر وأبو الصلاح إلى عدم بطلان الصيام، واعتبر المحقق الحلي في الشرائع أن المسألة خلافية، وعليه يجب الرجوع إلى أدلة كل طائفة والتي سوف نشير إليها في هذا المجمل.

المسألة (1): إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق مبطل للصوم، سواء كان غبار شيء حلال أكله؛ كغبار الدقيق والطحين ونحوهما، أو غبار شيء حرام أكله؛ كغبار التراب.

والدليل على ذلك:

عن سليمان بن جعفر المروزي قال:" سمعته يقول: إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شمّ رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار، فعليه صوم شهرين متتابعين، فإن ذلك له مفطر مثل الأكل والشرب والنكاح".[1]

فالوجه في ذهاب الفقهاء إلى بطلان الصيام بإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق هو هذه الرواية المنقولة عن الإمام الرضا (ع) حول كنس المنزل، لأنّه في زمان صدورها كان ينتشر الغبار كثيرا في فضاء المنزل بكنسه.

وعن عمرو بن سعيد عن الرضا (ع) قال:" سألته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه، فقال: جائز لا بأس به، قال: وسألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه، قال: لا بأس"[2] .

أقول والجمع بين الروايتين: أنّ هذا الخبر الأخير محمول على الغبار والدخان غير الغليظين أو على عدم التعمد أو عدم إمكان التحرز ولا إشعار فيه بتعمد الإدخال بل ظاهره عدم التعمد. وأما إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق عمدا، فإنه مبطل للصيام.

المسألة (2): لو أثار الهواء غبارا غليظا ولم يتحفظ الصائم عنه، فإنه يبطل صومه إذا دخل الحلق، وذلك لأنّ الفقهاء لم يفرّقوا بين إيصال الصائم الغبار بنفسه أو بإثارة غيره إذا لم يتحفظ عنه مع قدرته على ذلك، لأنه يصبح متعمدا في هذه الحالة، لذلك يبطل صومه.

المسألة (3): اختلف الفقهاء حول دخان السجائر والتنباك ونحوهما. إلا أنهم في الأخيرين يرون أن الأحوط وجوبا على الصائم أن يتجنّب إيصالها إلى الحلق.

ووجه اختلافهم يرجع إلى الرواية التي نقلناها سابقا عن عمرو بن سعيد عن الرضا (ع) قال:" سألته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه فقال: جائز لا بأس به، قال: وسألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه، قال: لا بأس".

وذهب الفاضل المقداد في كتاب التنقيح إلى عدم لحوق الدخان بالغبار الغليظ، حيث قال:" الدخان لا يفطر، لرواية عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السلام"[3] .

واستبعد لحوق الدخان بالغبار الغليظ كل من الموسوي العاملي في مدارك الأحكام والمحقق السبزواري في الكفاية ومحمد باقر السبزواري في الذخيرة.

إلاّ أنّ أكثر الفقهاء اعتمدوا في فتواهم على رواية سليمان المروزي ولم يعملوا بموثقّة عمرو بن سعيد، وقاموا بتأويلها بعدة أمور:

1_ أن هذا الخبر محمول على صورة عدم التعمد في إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق.

2_ مقصود الإمام الرضا (ع) من كلمة " لا بأس"، صورة عدم إمكان التحرّز من وصول الغبار الغليظ إلى الحلق، كعمال النظافة وعمال مصانع الإسمنت وحصّاد القمح والشعير وما أشبههم، لأنه لا مناص لهم إلا حصد القمح والشعير وإلا لفسد، وفي نفس الوقت لا يتمكنون من التحرز عن وصول الغبار الغليظ إلى الحلق. لذلك فإن الحديث لا يشير أبدا إلى صورة العمد، لأن ظاهره صورة عدم التعمد، لذلك العمل بفتوى المشهور يكون محرزا لدينا ويجب التحرّز عن وصول الغبار الغليظ ودخان السجائر والتنباك إلى الحلق.

المسألة (4): لا يبطل الصوم بإيصال البخار الغليظ إلى الحلق إلا إذا انقلب في الفم ماءا وابتلعه، لأن سيرة المسلمين قائمة على دخولهم الحمامات في نهار شهر رمضان مع العلم بأنه من البديهي دخول بخار الحمام إلى الحلق هناك.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo