< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

42/09/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الصوم/أحكام المفطرات /الامالة و القیء

 

مبطلات الصيام (18): الإحتقان والقيء

8 _ الإحتقان[1] :

المسألة (1): الإحتقان بالمائع ولو لمرض ونحوه، مبطل للصيام.

والدليل على ذلك: قال السيد المرتضى في كتاب الناصريات:" فأما الحقنة فلم يختلف في أنها تفطر"[2] . وأكد الشيخ الطوسي في المبسوط والعلامة في المعتبر على صحة هذه الفتوى. ودليلهم صحيحة البزنطي عن أبي الحسن (ع):" أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان، فقال: الصائم لا يجوز له أن يحتقن" [3] .

شرح الحديث:

1_ ليس مقصود الإمام (ع) من نفي الجواز، الحرمة التكليفية، لأنّها تدل على البطلان في العبادات كالصيام والصلاة، بل المقصود الحرمة الوضعية؛ أي أنّ الإحتقان بالمائع مبطل للصوم.

2_ الظاهر من الإحتقان عرفا خصوص المائع لا الجامد، لذلك لم يقيّده الإمام (ع) بالمائع.

3_ يستفاد من ظاهر الحديث أنه لا فرق في الإحتقان بين الإختيار والإضطرار ولم يفرق بينهما أحد من الفقهاء، فكل الفقهاء اتفقوا على بطلان الصيام بالإحتقان بالمائع ولو كان مضطرّا لذلك.

المسألة (2): الإحتقان بالجامد كاستعمال التحميلة المهبلية[4] (شیف) أو الصابون للتداوي لا يضرّ بالصيام، إلا أنه إذا اجتنب الاحتقان بالجامد في نهار رمضان يكون قد عمل بالإحتياط وهو أمر حسن، كما هو منقول عن الأئمة المعصومين (ع).

والدليل على ذلك: روايتين:

1_ عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال:" سألته عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان قال: لا بأس"[5] .

2_ عن علي بن الحسن عن محمد بن الحسن عن أبيه قال:" كتبت إلى أبي الحسن (ع) ما تقول في اللطف[6] يستدخله الإنسان وهو صائم؟ فكتب (ع): لا بأس بالجامد" [7] .

اللطف (ما صغر ودَقَّ.)

إلا أنّ الشيخ المفيد والسيد المرتضى وعلي بن بابويه والحلبي ذهبوا إلى بطلان الصيام بالاحتقان بالجامد كالأشياف، وقبل هذه الفتوى العلامة الحلي في كتاب المختلف والمعتبر، والدليل على ذلك: أنّ بنو فضّال المذكورين في الرواية سندهم ضعيف ولم يصدر في حقهم توثيق، كما أن الرواية صدرت مكاتبة ولم ينقلها بحضور المعصوم (ع) والمكاتبة ليست بحجة.

وأما سائر الفقهاء فهم يعتقدون بعدم بطلان الصيام بالاحتقان بالجامد، لأنهم ذهبوا إلى توثيق بنو فضّال واعتبار حجية المكاتبة، لذلك يوجد عندنا صحيحتين؛ أحدهما صحيحة البزنطي التي تنهى عن الاحتقان في شهر رمضان سواء كان بالمائع أو بالجامد والأخرى صحيحة علي بن جعفر التي تجيز استدخال الدواء في شهر رمضان وهي عامة تشمل المائع والجامد كذلك، فيتعارضان ولكن لا يتساقطان، لأنه يوجد عندنا موثقة أخرى وهي موثقة بني فضّال التي نفت الإشكال عن استعمال الجامد فتقيّد صحيحة البزنطي بجواز الاحتقان بالمائع فقط، عندها يصبح المراد من قول الإمام (ع) في صحيحة علي بن جعفر:" يستدخلا الدواء"، خصوص الدواء الجامد.

كما يمكن الجمع العرفي بينهما بحمل الاحتقان بالجامد في شهر رمضان على الكراهة، لذلك فالأحوط استحبابا ترك الاحتقان بالجامد في شهر رمضان.

المسألة (3): الأحوط وجوبا ترك استعمال الأشياف التي يوجد فيها خصوصية مغذية، كأشياف الترياك. لأنّ الأئمة المعصومين (ع) أجازوا استعمال الأشياف للتداوي وليس للتغذية، وكلمة الدواء الواردة في الرواية هي قيد احترازي؛ أي أنّ الاحتقان بالجامد يختص بالأشياف التي لها خصوصية دوائية لا التي فيها خصوصية مغذية.

 

9_ تعمد القيء:

المسألة (1): تعمد القيء في شهر رمضان مبطل للصيام، وإن كان للضرورة كالمرض ونحوه، دون ما كان منه بلا عمد.

والدليل على ذلك:

1_ الشهرة الفتوائية.

2_ إجماع الشيخ الطوسي والعلامة وصاحب الجواهر، كما أنّ أكثر الفقهاء ذهبوا إلى هذه الفتوى.

3_ الروايات:

     عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال:" إذا تقيأ الصائم فقد أفطر وإن ذرعه[8] من غير أن يتقيأ فليتم صومه"[9] .

     عن الزهري عن علي بن الحسين (ع) في حديث قال:" وأما صوم الإباحة فمن أكل أو شرب ناسيا أو تقيأ من غير تعمد فقد أباح الله له ذلك وأجزأ عنه صومه"[10] .

قال المرحوم ابن إدريس في كتاب السرائر: لا يجوز للصائم أن يتقيأ متعمدا، فإن فعل ذلك، كان مخطئا، ولا يجب عليه القضاء ولا الكفارة.[11] ودليله في هذه الفتوى أمران:

الأمر الأول أن حقيقة الإمساك عنده هو الإمتناع عن دخول الأشياء إلى المعدة عند طريق الحلق وأما خروج الأشياء من حلق الصائم فهو لا يدخل في معنى الإمساك ولا يبطل الصوم، لذلك حمل الروايات على حرمة التقيّأ العمدي وليس على البطلان.

والأمر الثاني صحيحة عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عن أبيه (ع) قال:" ثلاثة لا يفطرن الصائم القيء والاحتلام والحجامة"[12] .

وعن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال:" من تقيأ متعمدا وهو صائم قضى يوما مكانه"[13] .

جواب الدليل الأوّل: يوجد ستة روايات تشير إلى بطلان الصيام بالتقيّأ العمدي، كما أنها تأكد على أن حقيقة الصيام هو الإمساك عن دخول الأشياء إلى الحلق وخروجها منه إلى فضاء الفم. وقوله إنّ حقيقة الصيام هي دخول الأشياء إلى باطن الإنسان عن طريق الحلق لا خروجها منه، هو اجتهاد في مقابل النصّ وهو غير جائز.

جواب الدليل الثاني: تحمل رواية عبد الله بن ميمون على صورة السهو وعدم التعمّد، لأنّ الاحتلام والحجامة وردت فيها روايات خاصة أنها غير مبطلة للصيام كما أنه يوجد لدينا روايات خاصة كذلك حول التقيّأ العمدي وأنه مبطل للصوم، لذلك يُقَيَّد عموم رواية عبد الله بن ميمون بالروايات الخاصة، وتحمل على صورة الغفلة وعدم التعمّد.

المسألة (2): إذا أكل شيئا في الليل بحيث يعلم أنه سوف يكون سببا لتقيّأه في النهار ولو من دون إختيار منه، يبطل صومه والأحوط وجوبا عليه قضاء ذلك اليوم.

والدليل على ذلك: أن الروايات الخاصة بالقيء تحمل عبارتي "ذرعه" و "يبدره"، وهي بمعنى سبقه وغلبه؛ أي يسبقه القيء من دون تعمد منه، بحيث لا يتمكن من ردّه وإمساكه، وفي هذه الحالة يحكم بصحة صيامه. فإذا قام بعمل يسبب له القيء باختياره وعن عمد سواء قام به في النهار أو في الليل، كأن يأكل في الليل شيئا يعلم أنه يسبب له القيء في النهار، فلو تقي في هذه الحالة يبطل صومه.

كما أنّ رواية سماعة بن مهران تشير إلى بطلان صوم الشخص الذي يكره نفسه على التقيأ. حيث ورد فيها: وسأله (أي أبا عبد الله عليه السلام) سماعة بن مهران عن القيء في شهر رمضان؟ فقال: إن كان شيء يبدره[14] فلا بأس، وإن كان شيء يكره نفسه فقد أفطر".[15]

 


[1] الإحتقان واستعمال الحُقْنةَ، هي أن يُعطى المريضُ الدواءَ من أَسفلِه وهي معروفة عند الأَطِبّاء. واستثنی الجامد منها للتداوي کاللبوس أو التحميلة المهبلية (والمسماة باللغة الفرنسية suppositoire وباللغة الإنجليزية Suppository وباللغة الفارسية شياف).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo