< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /الدرس 14

 

الدرس 14

جواز المسح بالماء الجديد

إذا تعذر المسح بنداوة الوضوء من جهة الحرّ في الهواء أو حرارة البدن أو نحو ذلك هل يجوز المسح بالماء الجديد أو لا يجوز عليه إلا أن تكون وظيفته التيمم أو الجمع بين المسح بالماء الجديد وبين اليد اليابسة والتيمم؟

والأقوال ثلاثة:

أحدها: وجوب المسح بالماء الجديد كما ذهب إليه المشهور، فقد إستدل له بوجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: قاعدة الميسور بدعوی؛ أنّ المسح المأمور به في الوضوء مقيد ببلة الوضوء والمفروض تعذره إذا إنتفی القید إنتفی المقيد، فيجب المسح بمطلق البلة ولو كانت خارجية ناشئة من ماء جديد لكونها هي الميسور ومن المعلوم أنّ الميسور لا یسقط بالمعسور.

وقد يستند لقاعدة الميسور إلى رواية (عبد الأعلى مولى آل سام) عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ‌ سَامٍ‌ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) عَثَرْتُ فَانْقَطَعَ ظُفُرِي فَجَعَلْتُ عَلَى إِصْبَعِي مَرَارَةً- فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِالْوُضُوءِ قَالَ يُعْرَفُ هَذَا وَ أَشْبَاهُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ ﴿ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‌﴾[1] امْسَحْ عَلَيْهِ.[2]

بتقريب أنّ المسح على المرارة مستند إلى أنّه ميسورلا یسقط بالمعسور وإن استند إلى آية نفي الحرج، لكون نفي الحرج، بما أنّه حكم ميسور لا بما أنّ للحرج موضوعية.

وهو دليل عمل الدين السمحة والسهلة.

وقد أورد عليها السيد الخوئي: من أنّ الخصوصية المتعذّرة مختلّفة؛ فتارة: لا تكون مقوّمة كما إذا أمر بالصلاة في المسجد فتعذرت فصلى في غيره، أو أمر وقال جئني بماء بارد فتعذر فجاء بماء غير بارد، ففي مثل المثالين لا مانع من تطبيق القاعدة لكون الصلاة في غير المسجد ميسورة للصلاة في المسجد وكذلك الماء غير البارد يكون عرفاً ميسوراً للماء البارد وأُخرى تكون مقومة بحيث يرى العرف فاقدها مغایراً لواجدها فضلا عمّا إذا اشتمل الفاقد على خصوصية أخرى مغایرة لتلك الخصوصية، كما إذا أمر وقال جئني بماء الرمّان فتعذر فجاء بماء البطيخ أو الرقي أو بماء آخر ولو كان ماءاً مطلقا، ففي مثل هذه الأمثلة لا مجال لتطبيق القاعدة إذ لا يكون ماء البطيخ ميسورا لماء الرمان والمقام من هذا القبيل.[3]

بداهة أن المأمور به هو المسح بالبلة المضافة إلى الوضوء مع البلة المضافة إلى النهر الجاري -مثلا- متباينان ولا يعد إحداهما ميسورا من الأخرى .

وفيه: أن هذا المعنى مخالف للرواية النبوية التي إستدل بها علی القاعدة وهي ما رواها أبوهريرة بالطرق العامة «فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما إستطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه»،[4] لأنّ كلمة الشيء عامة تشمل المجانس وغير المجانس والخصوصية المقومة وغير المقومة، والتفصيل في الشمول بلا وجه.

الوجه الثاني: لإطلاق الآية والرواية؛ وأما الروايات المقيدة كصحيحة زرارة وغيرها فقد تختص بحال التمكن من المسح ولا تشمل صورة تعذّره.

وفيه: أنّ الآية كانت في مقام بيان أصل وجوب الوضوء وبصدد تشريعه غسلاً ومسحاً في الجملة وروايات التقييد إرشادية إلى الجزئية بكون البلة من ماء الوضوء وهو جزء للوضوء أو شرط للصحة ومن المعلوم أنّ الجزئية والشرطية لا تختص بحالة دون حالة بل فقدانها مو جب لبطلان الوضوء خصوصاً إذا كان مسحه بماء جديد لا بماء الوضوء.

الوجه الثالث: إستصحاب وجوب المسح؛ ووجهه أنّه إذا شك في وجوب المسح بعد طرو العجز وهو حدوث الحرارة بسبب البدن أو بسبب الهواء يستصحب بقاء وجوبه، و مقتضاه وجوب المسح بالماء الجديد.

و فیه: أنّ الاستصحاب يكون من قبيل استصحاب القسم الثالث من أقسام الاستصحاب الكلي لا مجال له فيه.

توضيح ذلك: أنّ وجوب المسح ببلة الوضوء قبل طروّ العجز ممّا لا شك في بقائه بعد طروه حتى يستصحب، بل هو المتيقن زواله وارتفاع بعده، و وجوب المسح بالماء الجديد أو اليد اليابسة مما يشك في أصل حدوثه فلا موقع للإستصحاب فيه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo