< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /الدرس 22

 

الدرس ٢٢

البحث عن مشروعية التقية مع المندوحة العرضية والطولية

الأفراد العرضية من المندوحة كما إذا لم يتمكن من المسح على الرجلين في ساحة الدار خوفاً من البرد على رجليه و اضطرّ إلى المسح على الخفين ولكن له مندوحة في عرض الساحة وهي الغرفة لأنّه يتمكّن منه في داخل الغرفة بما أنّ الهواء متدافئ.

والأفراد الطولية من المندوحة كما إذا تمكن من المسح على البشرة إذا صبر وأخّر الوضوء إلى آخر الوقت، فإنه حينئذ تمكّن من المسح المأمور به، فهل يجزئ المسح على الخفين مطلقاً أي في موراد المندوحة العرضية و الطولية أم لا؟ وفيه قولان:

أحدهما: أنّه لا يعتبر عدم المندوحة الطولية في التقيّة وبإعتبار عدم المندوحة العرضية.

ثانيهما: عدم الفرق في عدم إعتبار عدم المندوحة بين الطولية والعرضية؛ فلو علم بإرتفاع التقية في أثناء الوقت جاز له المبادرة بالإتيان و الإمتثال بالعمل في أوّل الوقت ولا يلزم عليه التأخير. بل العمل مجزئ، وهو المختار. وإن كان اعتبار عدم المندوحة العرضية أحوط. لما ورد منهم (عليهم السلام) من الحثّ والترغيب في الصلاة معهم وفي عشائرهم وفي مساجدهم كما مرّ. بل في بعضها أنّ الصلاة معهم في الصفّ الأوّل كالصلاة خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنّ مقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك بين صورة التمكن من الإتيان بالوظيفة الواقعية إلى آخر الوقت وصورة عدم التمكن من ذلك، فلو حملها على عدم التمكن من الإتيان بالصلاة الواقعية ولو في داره في نهاية الوقت، حمل لها على كثرتها على مورد نادر وهو من الإستهجان.

نعم صرح بإعتباره عدم المندوحة العرضية في مكاتبة إبراهيم ابن شيبة إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فقد تقدم منّا ضعفه ولمعارضتها للأخبار المتضمّنة للحث على الصلاة مع المخالفين.

منها: رواية عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم، صلوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفرا ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، فعل الله بجعفر، ما كان أسوأ ما يؤدب أصحابه.

ومنها: روایة هشام الكندي قال أبو عبد الله (عليه السلام) فيها: عن هشام الكندي قال:

 

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: صلّوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم، والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخباء، قلت: وما الخباء؟ قال التقية. وقال فيها قبل ذلك؛ كونوا لمن انقطعتم إليه زينا، ولا تكونوا علينا شينا.[1]

ومنها: موثقة سماعة أنّه قال: فإنّ التقية واسعة، وليس شئ من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله.[2]

نعم إذا أمكن ترك التقية وإراءتهم المسح على الخفين مثلاً فالأحوط بل الأقوى ذلك كما هو المنساق من خبر أبي الورد بقوله (عليه السلام): «إلا من عدو تتقيه»؛ حيث إنه عام يشمل التقية في الدين والدنيا و كلمة التقية مشتق من (وقي يقي) والوقاية هو الحفظ عن المخالفين مالاً و روحاً و نفساً وبعض ما ورد في الصلاة معهم[3] و ظاهر موثقة سماعة.

«ولا يجب بذل المال لرفع التقية بخلاف سائر الضرورات»

للفرق بين التقية والضرورات؛ فإن الضرورات من قبيل العذر العقلي فمع القدرة على رفعها بالمال ترتفع موضوعاً بخلاف التقية فإنها من قبيل المانع الشرعي فيكون عدم التقية من قبيل شرط الوجوب، غير الواجب التحصيل، ولذا أجزأ الفعل مع المندوحة.

نعم إطلاق دليل الوضوء التام يقتضي وجوب بذل المال لرفعها، لما ورد في بعض الروايات من وجوب بذل المال على ماء الوضوء ولو كان كثيراً لأنّ الامام (عليه السلام) يقول: « وما سيوؤني بذلك مال كثير».[4]

وفيه: أن وجوب بذل المال ضرري فيرتفع بقاعدة نفي الضرر. ولا يكون نظير سائر الواجبات المالية كالخمس والزكاة والجهاد والحج لأنّها مبتنية على الضرر المالي أو البدني من الإبتداء. فالحق عدم وجوب بذل المال لرفع التقية لعدم المخصّص لقاعدة نفي الضرر.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo