< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/04/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /المسألة 36

 

الدرس 23

المسألة (٣٦): ترك التقية مع وجوبها

قال السيد رحمة الله عليه: لو ترك التقية في مقام وجوبها ومسح على البشرة ففي صحة الوضوء إشكال.

وجه الإشكال: عدم تمامية أدلة البطلان؛ وهي عبارة عن وجهين:

الوجه الأول: إحتمال كون ظاهر أوامر التقية كون المسح على الخفين جزء للمأمور به لكون العمل الموافق لها مأموراً به فعلاً، فترك التقية في العمل ترك للمأمور به، فيبطل لعدم إنطباق المأتيّ به على المأمور به، لأنّ المأمور به هو المسح على الخفين والمأتي به هو المسح على البشرة وهو غير منطبق عليه.

الوجه الثاني: إقتضاء الأمر بالتقية يستدعي النهي عن المسح على البشرة فيمتنع التقرب به، فيفسد كما عن الذخيرة لمحمد باقر السبزواري ومال إليه الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) من صيرورة السجود على ما يصح السجود عليه منهياً عنه لأجل التقية فتبطل السجدة و تبطل به الصلاة.[1]

لكن في كليهما ما لا يخفى؛

إذ في الأول: أنّه على الحكم بالتقية يوجب تبدل وظيفة المتقي، والمختار موضوعين مستقلين عرضيين؛ كالقصر و الإتمام للحاضر والمسافر، وليس الأمر كذلك، للفرق بينهما، لعدم كون القصر بدلاً عن الإتمام، بل لكل منهما مصلحة ملزمة مستقلة لإختلاف موضوعهما، بما أنّ موضوع القصر هو السفر و موضوع الإتمام هو الحضر، بخلاف التقية لأنّ غاية ما يستفاد من أدلة التقية هي بدلية الفعل الناقص عن التمام طولياً كسائر الأبدال الإضطرارية.

كما يشهد به موثقة سماعة، عن سماعة قال: « فإنّ التقية واسعة، وليس شيء من التقيّة إلاّ وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله».[2]

فإنه صريح على البدلية، لتوسعها وليست مشرّعة في قبال الواقع. و مرجع هذه التوسعة إلى جعل الفعل الناقص تقية مصداقاً إدعائياً للواقع الأوّلي، وافياً مصلحته أو معظمها.

ومن هنا ظهر إنطباق المأتي به على المأمور به الواقعي، لأجل قيام مصلحة الطبيعي المأمور به بكل من مصداقيه الحقيقي والإدعائي، وأدلة التقية تختص مصلحتها بإتيان الفعل الناقص لمبغوضية الفرد الحقيقي، لأنّه عند التقية غير صالح للمقربية كعنوان إذاعة السر و كشفه.

وفي الثاني: أنّه لا وجه لإقتضاء الأمر بالمسح على الخفين للنهي عن المسح على البشرة حتى بناء على أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده، لإختصاص ذلك بالضدّ المضيّق وليس منها في المقام.

إلا أن يقال: إنّ التقية كما تقتضي وجوب الفعل كالمسح على الخفين كذلك تقتضي حرمة الترك، لا لإقتضاء الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده، بل لإقتضاء النصوص الواردة على وجوب التقية، كقول أبي جعفر (عليه السلام): كل شيء خاف المؤمن على نفسه فيه الضرر فله فيه التقية.[3]

وغير ذلك من النصوص يوجب بطلان العمل المخالف للتقية، لأنّ مخالفة الخوف؛ أي الضرر الواقعي، تكون من التجري الذي هو محكوم بالعصيان وهو لا يصلح للمقربيّة مع أنّه لا يصح التعبّد به، بناءاً على أنّ وجوبه وجوب طريقي؛ أي طريقاً إلى الضرر الواقعي؛ وأما بناءاً على أنّ وجوب التقية وجوب نفسي؛ أي الخوف موضوعا في مقابل الواقع، لا يكون طريقاً إلى الضرر الواقعي، فمخالفة التقيّة حرام نفسي وإذا تعلّقت العبادة بالنهي التحريمي فقد كان فسادها اتفاقياً لعدم تمشّي القربة و التعبد بها.

فالمتحصّل: أنّ صحة عمل التارك للتقية محل إشكال.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo