< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /المساله 40 و 41

 

الدرس 27

دوران الأمر بين الغسل والمسح عند التقية

المسألة (40): إذا أمكنت التقيّة بغسل الرجلين فالأحوط تعيّنه وإن كان الأقوى جواز المسح على الحائل أيضا.

والمسألة ذات قولين:

القول الأول: تعين الغسل، حكاه البحراني عن جماعة من الأصحاب[1] وصاحب المدارك[2] واختاره الشهيد الأوّل[3] والثاني[4] (قدس سرهما) والعلاّمة[5] .

والدليل على ذلك بما ذكره الشهيد الأوّل، أنّ في غسلهما بتحقّق مسح البشرة أقرب إلى الواجب، بخلاف المسح على الخفّ، إذ الخفّ موضوع أجنبي عن البشرة، كما أشير إليه في النصوص المتقدمّة.

وفيه: أنّ غسل البشرة برطوبة خارجيّة ليس بأقرب من المسح على البشرة برطوبة الوضوء، وهو أمر واضح، والنصوص المتقدمّة خالية عن أقربيّة الغسل عن المسح على الخفين.

القول الثاني: المسح على الحائل وغسل الرجل كل منهما جائز، ولذا فالمكلف مخیّر بينهما، كما هو مستفاد المتن في العروة الوثقى، والدليل على ذلك إطلاق أدلّة التقيّة، لكون كل منهما موافقا للتقيّة ومخالفا للواجب الأوّلي، ومجرّد أقربيّة أحدهما لا توجب إنصراف الإطلاق إليه.

وفيه: أنّ مذاهب المخالفين في المسح على الخف مختلفة، بل ذهب أكثر العامّة إلى التخيير بين المسح عليه والغسل، فلا يكون في ترك المسح على الخفين خوف الضرر، والحكم بالتخيير موافق لمذهب أكثر العامّة وخارج عن الإطلاق، ولا يكون موافقا للتقيّة. وبذلك نفى الإمام (عليه السلام) التقيّة في المسح على الخفّين، وقال (عليه السلام): والتقيّة في كلّ شيء إلاّ في شرب النبيذ والمسح على الخفّين ومتعة الحجّ، لانتفاء موضوع التقيّة لاختلاف العامّة فيها.

والحق هو القول الأوّل لدوران الأمر بين التعيين والتخيير، والمورد من صغرياته يقدم التعيين على التخيير كما قرر في الأصول.

إنّ ظهور الأمر في التعيين كظهوره في النفسي و العینی ، فالوجه فيه ورود الأمر بخصوص غسل الرجلين في مواضع التقيّة، فمقتضي الأصل اللفظي؛ أعني ظهور الأمر في التعيين، وجوب تقديم الغسل على مسح الخفين، كما أنّ غسلهما موافق للإحتياط، لأنّه من قبيل الشكّ في محصّل الغرض، حيث لا نحتمل وجوب المسح على الخفين غرضا تعيينياً.

 

هذا كله فيما إذا أمكنت التقيّة بغسل الرجل، وأمّا إذا لم تتيسّر التقيّة بغسلهما فالمتعيّن هو المسح على الخفّين بلا شبهة.

 

المسألة (41): زوال السبب المسوغ للمسح على الحائل

وللمسألة فرعان:

الفرع الأوّل: ما إذا زال السبب المسوّغ للمسح على الحائل من تقيّة أو ضرورة، فإن كان بعد الوضوء فالأقوى عدم وجوب إعادته وإن كان قبل الصلاة.

والدليل على ذلك أنّ البلّة غير باقية أو الموالاة مرتفعة، بحيث تحتاج تحصيل الوظيفة الأوّليّة إلى الإعادة وعليه الأدلّة المتقدّمة من أنّ التقيّة مجزئة ولا تجب معها الإعادة أو القضاء.[6]

وفيه: أنّ ملاك الوضوء التام بعد ارتفاع العذر والإضطرار خصوصا في حال الضرورة، باق ومقتضى قوله تعالى:" إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا..." هو الوضوء التامّ في صورة عدم العذر.

ولا دليل آخر على صحّة الوضوء الناقص بعد ارتفاع العذر وقد تقدّم في صحّة الناقص عدم وجود المندوحة بالتأخير، فإذا زال السبب فانكشف وجود المندوحة في البين فعليه الإعادة.

إن قلت: أنّ الوضوء الناقص طهارة شرعية ولم يثبت ارتفاع العذر ناقضا للوضوء، فكيف يقال بوجوب الإعادة (هذا الإشكال نسب إلى جماعة).

قلت: إنّ الوجه فيه يظهر من وجه فرض سقوط التكليف الواقعي لصاحب الأعذار، فإذا ارتفع العذر فلا يدلّ دليل على انتفاء ملاك الفعل التامّ ومصلحته في تلك الحال، فيكون إطلاق الدليل التامّ محكّما، فلا يكون الوضوء الناقص بعد ارتفاع العذر فردا لماهيّة الوضوء المأمور به.[7]

 


[7] فالوضوء الناقص يعدّ طهارة شرعية إذا كان فردا من الماهية، بينما ما نحن فيه لم يعد فردا من الماهية لارتفاع العذر، فيرجع الوضوء التام إلى محلّه لرجوع ملاكه ومصلحته بعد ارتفاع العذر. فشرط كون الوضوء الناقص فردا من الماهية هو بقاء العذر والإضطرار إلى غروب الشمس بالنسبة لصلاة الظهر، ومع ارتفاع العذر ترتفع ماهية الوضوء الناقص لارتفاع ملاكه ومصلحته فيحل محلّه خطاب جديد وماهية جديدة وهو يجب عليك الصلاة بالوضوء التام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo