< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/06/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /شرائط/ النیة/ ادرس 61

 

الدرس 61

 

قال الطبرسی قدس سره الشريف وإستدل بهذه الآية أيضاً على وجوب النیة في الطهارة إذ أمر سبحانه بالعبادة على وجه الإخلاص ولا يمكن الإخلاص الا بالنیة والقربة والطهارة عبادة فلا تجزي بغير نية[1] والمراد من الدين في الآیة هو العبادة لا الشريعة وأحكامها .

وفيه إن هذا الآية ظاهرة في التوحيد كما إتفق به المفسرون و فسروها به و عن البهائي الجزم به ويشهد به عطف الصلاة والزكاة وسياق نظائره من الآيات.

وجه الشاهد أن الآية متعرضة للأصول و الفروع بثلاث جملات فعلية (ليعبدوا) و(يقيموا) و(يؤتوا) فعلية للتوحيد والفعليتان للفروع.

وأما السياق فلأن الآية .. .. المشركين وأهل الكتاب بإختلافهم حول الإسلام فيؤمن بعض ويكفر بعض الآخر حال كون الدين متشكلاً من التوحيد والصلاة والزكاة و هذه قرينة على عدم ظهور الآية الى وجوب النية كما قيل .

وأمّا نظائره فقوله تعالى:﴿فاعبد الله مخلصا له الدين﴾[2] ، يدلّ على الإخلاص من الشرك وعبدة الأوثان والأصنام، وأيضا قوله عزّ وجل:﴿قل إنّي أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين﴾[3] .

وأمّا اللام في كلمة ﴿ليعبدوا﴾[4] فإذا كانت بمعنى الباء فالآية ناظرة إلى وجوب قصد القربة لحصر أوامر الله تعالى في العبادات التي لا تسقط إلاّ بقصد الطاعة، ومعناها ﴿وما أمروا إلاّ بعبادة الله﴾، وأمّا إذا كانت بمعنى الغاية والغرض كما عليه الأكثر، نظير قوله تعالى:﴿ وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون﴾ فالمراد من الآية عبادة الله وحده ونفي الشرك، فتكون أجنبية عن المقام، وقد احتمل بعض أنّ اللام بمعنى ﴿أنّ﴾ نظير قوله عزّوجل:﴿يريد الله ليبين لكم﴾[5] .

والعمدة هو الوجه الرابع، لأنّه إذا نوى فلا شك أنّ طهارته صحيحة لارتكاز المتشرّعة، لأنّهم يعدّون الوضوء أمرا عبادياً وعملاً قربيّا، كالصلاة والصيام، وهذا كاشف عن وصول ذلك خلفا عن سلف إلى الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وكذلك نعلم أنّه ما لم ينوي لا دليل على صحة الوضوء غير المنويّ، بل الدليل على خلافه.

الفصل الثاني: تفسير النيّة

فسّرها الماتن (قدس):" هي القصد إلى الفعل مع كون الداعي أمر الله تعالى"؛ فالنيّة إنّما تتحقّق بأمرين:

أحدهما: إرادة إيجاد الفعل، لأنّ المراد من القصد الإرادة، كما فسّرت النيّة بها في أكثر محكيّ عبارات الأصحاب، كصاحب الجواهر " وهي إرادة تؤثّر في وقوع الفعل"[6] .

والغرض من هذا التفسير أن يعلم بأنّ الفعل والعمل صدر عن اختيار، وأنّ النيّة باعثة على العمل منبعثة عن العلم والإختيار، على ما يظهر من ملاحظة كثير من كلمات الأصحاب وبعض كلمات أهل اللّغة.

نعم بعض الفقهاء كالمحقّق الحلّي في الشرائع قيّدها بالقلب، حيث قال: " تفعل بالقلب"، وإليه ذهب المتكلّمون حيث قالوا: إنّها إرادة بالقلب يقصد بها إلى الفعل، لأنّ النيّة من الأفعال القلبية التي ليس للنطق والتلفّظ فيها مدخليّة.

وربّما قالوا أنّه قيّد بالقلب لإخراج إرادة الله عن مسمّى النيّة، لمكان كونها لا تفعل بالقلب، فيقال أراد الله ولا يقال نوى الله، ولا يصدق على إرادة الله تعالى أنّها نيّة، وهذا باعتبار ظهور لفظ النيّة دون لفظ نوى، وإلاّ يقال: نواك الله بالخير، أي قصدك به وأوصله إليك، وفي الصحاح والقاموس "نواك الله"؛ أي حفظك الله وصحبك.

ونحن نرى بأنّ هذا التفسير يختص بعلم الكلام، ولا يفيدنا في مباحث الفقه التي تهتم بظهور الألفاظ. والحقّ أنّ النيّة من الأفعال القلبية والتي لا تحتاج إلى تلفظ باللسان، وهذا هو التفسير المناسب للأبحاث الفقهية.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo