< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/06/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /الشرائط/ ادرس 62

 

الدرس ۶۲

ثانيها ان يؤتی بها بداعی إمتثال أمره تعالي: وذلك لصعوبة قصد الفعل إمتثالا لله خاصةً بل القصد إمتثالًا لأمر الله في غاية السهولة لعدم إمكان حصول الإخلاص بدون قصد إمتثال أمر الله فكما أن قصد إمتثال أمر الله بالسجود والركوع والقيام والقعود من أفعال المكلفين دخيل في هذه الأفعال فكذلك قصد إمتثال أمره من الأغراض الباعثة على ذلك العمل وهو أمر سهل.

وأما الداعي على إمتثال الله خاصةً مع الوسوسة التي تعتريه كما في الرواية في الزيارات والصدقات وعيادة المرضى وقضاء الحوائج والأذكار وقراءة القرآن ونحو ذلك فكيف يمكن خلوص الإمتثال. وبذلك الى ان النیة عباره عن الداعيه الذي يعرض على النفس موجب للانبعاث والميل الى العمل فاذا دخل وقت الظهر وهو عالم بوجوب الصلاة بوجوب الصلاة وعالم بحقيقتها وعباديتها فقد كان الحامل على الإمتثال والإيقان به إنما هو الإمتثال لأمر الله تعالى ولذا قام من مكانه وسارع ثم توجه الى المسجد ووقف في مصلاه مستقبل القبلة فأذّن وأقام ثم كبر وإستمر في صلاته.

وبالجملة أن أمر الله هو الموجب للإختيار الفعل وترجيح وجوده على عدمه ولذا عبر عنه بالداعي لا الإخطار والخطور والحضور لأن الإخطار يوجب العلم بوقت العمل بخلاف الداعي فأنه هو العلة الغائية للعمل الباعثة للمكلف على إيجاد العمل في الخارج وبذلك عرفت وجه تعريف النیة بالقصد والداعي لعدم كون مجرد القصد والإرادة باعثاً للمكلف نحو العمل بل یوجب العلم والحضور بوقت العمل ولذا لو سئل عن الغافل عن الداعي لقال أريد الفعل ولا ينبعث بجهته بل هو باق في حد الإرادة والقصد.

و أما دواعي النية:

فقد تعرض الماتن الى أقسام الدواعي من الأعلى وهو المكلف أتى العبادة بداعي أن الله تعالى أهل للطاعة والعبادة بدون أن يطمع بالجنة ويخاف من النار كما حكي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال ما عبدتك خوفاً من ذلك ولا طمعاً في جنتك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك.

ومن الدواعي أدناها وهو إتيان العبادة بطمع بالجنة والفرار من النار كما عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار[1] .

وما بينهما متوسطات نظير كون العمل موجباً للتخلص عن البعد عن الله تعالى أو موجبا للوصول الى مثوبة أخروية او للأمن عن عقوبة أخروية أو الوصول الى دواعي دنيویة إلهية كالنفوذ الى قلوب الناس عند النطاق والمقالات وأتى العبادة لأجل وصول الى البركات من الأمن عن النفس والنقص من الثمرات والأنفس والطعامات الأولاد والذراري وغير ذلك من الدواعی المترتبة لها الآثار التي كانت بمنزلة ميل القلوب الى إتيان العبادات حسب إختلاف النفوس في المعرفة والإدراك.

إنما البحث حول هذه الدواعی الأدنى والمتوسطة هل هي سبب لفساد العبادة أم؟

قال الشهید رحمة الله عليه وأما غاية الثواب والعقاب فقد قطع الأصحاب بكون العبادة فاسدة بقصدهما[2] وعن العلامة رحمة الله عليه في جواب المسائل المحنائيه الإتفاق العدلية على عدم إستحقاق الثواب بذلك [3] وعن الفخر الرازي في تفسيره إتفاق المتكلمين على البطلان وهذا حق إذا كان مرادهم ما إذا نوى المكلف من العبادة الثواب والعقاب او غير ذلك من الدواعی في قبال قصد الأمر وتيقن أنها والمراد من النیة ولا غيره بخلاف ما إذا إعتقد أن النیة هي إرادة وقوع الفعل داعياً الى قصد الأمر وهذه الدواعی موجبة لوصول قصد الأمر فلا موجب لفساد العبادة مثلاً إذا خرج جار المسجد من البيت و توجه الى المسجد بعنوان أنه سمع وقرء في الكتب الأحاديث أن «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» وهذا الداعي حمله إتيان الصلاة في المسجد والداعی الحامل لا يكون في عرض قصد الأمر بل في طوله فلا دليل على بطلانه بل سيرة العقلاء والكتاب والسنة على الصحة خصوصاً الثواب الذي ورد في بعض العبادات كالصلاة الليل والحاجات وصومها في بعض الأيام وصلاة الجعفر وغير ذلك مما لا يعد ولايحصى.

وبالجملة أن ما أفاده الماتن قدس سره هو الحق لأن الطاعة إما ذاتي لا قصدي كالسجود لله وإما قصدي والمكلف إذا أتى العبادة بقصد إمتثال أمر الله أو محبوبيته العمل فقد إمتثل ولا يضر بالعبادة قصد شيء من هذا الغايات لأنها في طول قصد الأمر لا في عرضه.

 


[3] المسائل المهنائیة/المخطوط للعلامة الحلی، ورقة 29.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo