< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /الدرس 66

 

الدرس ٦٦

المسألة ٢٨: قصد رفع الحدث او الإستباحة في الوضوء:

قال السيد رحمة الله عليه لا يجب في الوضوء قصد رفع الحدث او الإستباحة على الأقوی

أشار بقوله (على الأقوی) الى الخلاف في المسألة حيث إختلف الفقهاء في المسألة إلى خمسة أقوال؛

أحدها القول بوجوب النیة أحدهما تخييراً وقد إختاره الشيخ الطوسي[1] والمحقق[2] و العلامة[3] وإبن حمزة و إبن إدريس[4] والشهيد الاول[5] .

ثانیها القول بوجوب النیة كليهما وقد إختاره الحلبي[6] والقاضي إبن البراج[7] .

ثالثها القول بوجوب النیة رفع الحدث فقط معيناً كما نسب الى الشيخ الطوسي.

رابعها القول بوجوب نیة الإستباحة فقط وقد إختاره السيد المرتضى.

خامسها القول بعدم وجوب شيء منها رأساً وبالمرة لا على وجه التعيين ولا على وجه التخيير وقد إختاره الماتن وجماعة من المحققين وهذا هو الحق .

لأن الأدلة الآمرة بالوضوء مطلقة حيث أمر المكلفين بغسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين ولم يقيد الوضوء بنیة رفع الحدث أو الإستباحة ومقتضاها عدم إعتبار شيء من الأمرين في صحة الوضوء حتى في مقام الإمتثال والخروج عن عهدة التكليف لحكومة البراءة العقلية على الإشتغال لأن المقام من قبيل العقاب بلا بيان كما تقدم البحث في الدرس السابق ويشهد بذلك الإطلاق المقامي.

هذا ولكن إستدل على القول باعتبار نیة الرفع أو الإستباحة بوجوه؛ والعمدة منها صحيحة عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة، ولا صلاة إلا بطهور[8] .

ووجه الظهور ان تعلق الوجوب « الوقت » بالطهور وعدم تعلق الوجوب بالوضوء یدل على أن الطهور لا ينحصر بالغسلات والمسحات بل لابد من قصد العنوان الاخر الذي يكون إما بمعنى ما يرفع الحدث أو بمعنى ما يبيح الدخول في الصلاة فلا بد أن يقصد أحد هذين الأمرين وهذا العنوان وهو عنوان الطهور فی مقام الإمتثال ألذي تعلق به الأمر.

نظير ما إذا أمر السيد عبده بإطعام أمه فلابد من القيام إلى إطعام أمه فلو قام لا بقصد إطعامها لم يقع فعله ذلك إمتثالاً لأمر مولاه لأنه لم يؤمر بالقيام وإنما تعلق الأمر بعنوان الإطعام.

ولا يخفى ضعفه لأن للطهور عند أهل الحديث والفقه معان؛

أحدها: أن المراد منه في الإصطلاح « الطاهر في نفسه والمطهر لغيره » وعلى هذا كان معناه « وجب الطهور» ظاهراً في وجوب الوضوء عند دخول الوقت والحديث بالنسبة المبيحة و غير المبيحة و الرافعة و غيرها ساكت، بل غير ظاهر فإذن لا يمكن أن يستدل بالحديث إلى إعتبار النیة الرفع او الإستباحة.

ثانيها أن المراد من الطهور بحسب الإشتقاق أي ما يتطهّر به وهو الماء والتراب؛ فمعنى الحديث أنه إذا دخل الوقت وجب إستعمال الطهور بمعنى إستعمال الماء او التراب بتقدير كلمة الإستعمال أي وجب إستعمالها کما يقال يحرم الخمر أی يحرم إستعماله و شربه ولا مانع من هذا التقدير لأنه شايع في الآيات والروايات أما الآیة فلقوله تعالى:﴿« حرمت عليكم الميتة »﴾ فالتقدير هنا هو الأکل إذا فعل إذا أُسند إلى الذات لابد من تقدير فعل مناسب.

واما الروایة فقول علي عليه السلام أنه قال: حیث قال عليه السلام أ توجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من ماء؟ إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل‌.[9]

ولا توجبون عليه صاعاً من الماء اي إستعمال و سیأتی إن شاء الله أن هذا المعنى والمحتمل في قوله عليه السلام: « لا صلاة إلا بطهور» دون الوضوء والغسل والتيمم وتاتي ثمره ذلك عند التكلم على الجبائر ان شاء الله تعالى وعلى هذا الاحتمال لا يدل الحديث المذكور على قصد عنوان الطهور بمعنى رفع الحدث واباحه الدخول في الصلاة.

ثالثها أن المراد بالطهور معناه الإسم المصدر أعنی الطهارة فمعنى الحديث أنه اذا دخل الوقت فقد وجبت الصلاة والطهارة سواء كانت الطهارة مسببة عن الغسلات والمسحات أم كانت نفس الغسلتين والمسحتين فلا يشمل قصد رفع الحدث أو المبيحة للدخول في الصلاة بل الرواية ظاهرة في حقيقه الوضوء وكيفيته وهو خارج عما نحن بصدده أي عدم وجوب قصد رفع الحدث او الإستباحة في الوضوء.

وأما معنى «وجب» إما وجوب غيری مقدمی بناءً على القول بوجوب المقدمات شرعاً او وجوب إرشادي لأن الحديث إرشادي الى شرطية الوضوء للصلاة كالأمر بالركوع والسجود والقراءة إرشاد الى جزئيتها وكالنواهی المتعلقة بالقواطع إرشاد إلى المانعية وعليه لا يدل على قصد عنوان الطهور للأمر الغيري والإرشادي لأن الأوامر الغيرية لا تصلح للداعويّة الى الفعل والبعث اليه بما هی هی فی قبال الأوامر النفسية.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo