< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /الدرس 82

 

الدرس ۸٢:

المسألة ٣٥: عدم مبطلیة الإرتداد للوضوء في أثنائه أو بعده

إذا توضأ ثم إرتد لا يبطل وضوءه وعليه جمع من الأساطين منهم الشيخ و العلامة[1] و الشهيد الأول[2] واستظهر من كلامهم المفروغية عنه والدليل على عدم بطلانه أمران كما قيل لهما أو بهما[3] :

أحدهما: لأدلة حصر نواقض الوضوء بغيره وليس منها الإرتداد.

و ثانيهما: لأنه مقتضى إستحباب الطهارة من الحدث ألتی لا تنافيها بنجاسة الكفر بناءً على القول بنجاسة الكافر.

مضافاً إلی هذين الأمرين اطلاقات أوامر الغسل والمسح من الآیة والروايات في باب الوضوء يدل على عدم إبطال الوضوء بسبب تحقق الكفر والإرتداد.

هذا إذا إرتد بعد التوضوء ثم عاد إلی الإسلام وأمّا إن إرتد في أثنائه ثم تاب قبل فوات الموالاة لا يجب عليه الإستئناف وخالفه العلامة و ذهب إلی وجوب الإعادة[4] وكذا ذهب إليه المحقق الثاني و الشهيد في الدروس والذكرى.

قال المحقق الثاني[5] قدس سره والحق أنه إنما يعيد إذا جف البلل لفوات الموالاة حينئذ وبدونه يستأنف النیة لما بقي ويتم طهارته.

قال الشهيد في الدروس[6] : « ولا يصح الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر ولو نوى قطع الطهارة أو إرتد بطل فيما بقي فيبنى مع العود والبلل ويستانف مع الجفاف .

وقال أيضاً : ولو إرتد المسلم في الأثناء بطل لعدم البقاء على حكم النیة فإن عاد في موضع الصحة العود بنى بنیة مستأنفة إن بقي البلل وإلا أعاد ولو إرتد بعده لم يبطل لسبق إرتفاع حدثه قبل إبتداء الوضوء في الردة باطل فكذا دوام حكمه[7] .

وعمدة دليل المخالفة أمران: أحدهما بطلان الوضوء مع عدم بقاء البلل للأعضاء السابقة على الإرتداد.

ثانيهما: إعتبار إستمرار النیة في صحة الوضوء ومع الإرتداد في أثنائه إنتقض الإستمرار ولم يبق حكم النیة وكل هذين الأمرين حق.

وما قيل: « إن الاستمرار إنما يعتبر في الأجزاء دون الآنات المتخللة بينها[8] » غير سديد بل الإستمرار شرط في الأجزاء والآنات كما تقدم بحثه في الشرائط النیة فراجع.

هل يوجب الإرتداد نجاسة الرطوبة ألتی على يد المرتد؟

فيها قولان: أحدهما هو الحكم بنجاسة الرطوبة لنجاسة بدنه بالإرتداد بناءً على عدم جريان قاعدة التبعية، لأن الكافر أو المرتد إذا تاب ورجع إلی الإسلام تطهر بدنه و ريق فَمِه وعرقه أو الوسخ الكائن على بدنه تابع لبدنه، وأمّا رطوبة ماء الوضوء في أعضائه لم تكن من الرطوبات التبعية فلا بد من أن يغسل بدنه من جهة الرطوبة ألتی كانت عليه حين الكفر والإرتداد ثم يشرع في الباقي من أجزاء وضوئه قبل فوت الموالاة، مثلاً تتنجس يده اليسرى باليمنى لتنجس ماء الوضوء فيبطل.

وقد يتبع هذا ما إذا إرتد بعد غسل يد اليسرى قبل مسحه ثم تاب، يشكل المسح لنجاسة الرطوبة ألتی على يديه.

ولكن بقي الكلام في جواز المسح بعد تطهير أعضائه فالحق عدم تحقق المسح الصحيح لأن هذه الرطوبة الباقية في اليد لا تكون من ماء الوضوء بل تكون ماءً جديداً ولا يجوز المسح بالماء الجديد فيبطل الوضوء.

ثانيهما: حكمنا بطهارة الرطوبة لأن الأدلة على تقدير تمامية دلالتها على نجاسة الكفار، مختصة بالمشرك وأهل الكتاب فلا تعمّ غيرهم كالمنكر للضروري أو المرتد ملياً أو فطرياً فالقاعدة تقتضي الطهارة إلاّ أن يشرك أو يتهوّد أو يتنصّر أو يتمجّس فحكمه حكم تلك الطائفة فراجع ذيل الثامن من النجاسات: «الكافر» و هو المختار.

المسألة ٣٦: التوضوء مع نهي المولى أو الزوج ونحوهما:

أمّا نهي المولى عبده إن كان في ضيق الوقت فلا ريب في عدم مشروعية النهي ضرورة أنه لا إطاعة لهم في معصية الله وإن كان في سعة الوقت فالتوضوء مع نهي المولى إذا كان مفوّتاً لحقه يشكل الحكم بصحته لأن جميع أفعال العبد ومنافعه كنفسه مملوكة لسيده لقوله تعإلی: ﴿عبدا مملوكاً لا يقدر على شيء﴾

و كذا الروايات تدل على مملوكية جميع أفعال العبد ولذا يدل نهي المولى على حرمته و مبغوضيته ومبعد وضوئه عن القربة ولا تجري: «إن قاعدة الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده» لأن الوقت في وسعة و فسحة.

وأمّا الزوج والزوجة فالحق هو الحكم بالصحة فلا وجه للحكم ببطلان وضوء الزوجة إذا نهاها الزوج لأن المحرم والمنهي عنه ليس نفس وضوء الزوجة لكون عملها مملوكاً لها بل المحرم تفویت حق زوجها وعند وسعة الوقت فلا يلزم تفویت لحق الزوج إلا أن يكون التوضوء ندبياً فلا يجوز عند النهي مطلقاً بل يلزم عليه الصبر.

وأمّا الأجیر والمستأجر فلا وجه للحكم ببطلان وضوء الأجیر لأنه إستاجره لأفعال خاصة وأشغال معينة بما أن أعماله ومنافعه في ملكه وداخلة تحت تملكه وإذا كان الوضوء في زمان التوضئ وإن زاحم منافعه، ولكن العمل كالخياطة وكنس داره يفعله الأجیر كاملاً فلا وجه لإرتكاب المعصية والحرام خصوصاً في الفسحة.

وأمّا وقوع عدم إذنه بعنوان أنه تصرف في سلطنة الغير فقد كان تصرف الأجیر في سلطان الغير من غير إذنه معصية وله حرمة تكليفية فلا دليل على الحرمة الوضعية فتأمل.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo