< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

44/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /الدرس 96

 

الدرس ٩٦:

لا كلام في الحكم بالعود وإنما الكلام في معارضة صحيحة زرارة بموثقة عن عبد الله بن أبی يعفور، عن أبی عبد الله عليه السلام قال: إذا شككت في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشئ، إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه.[1]

وجه التعارض أن موثقة إبن أبی يعفور دلت على أنه إذا شك في جزء من الوضوء وقد دخل في الجزء الآخر منه لا يعتنى بشكه خلافاً لصحیحة حيث أمر الإمام عليه السلام بالرجوع وتدارك الجزء المشكوك.

وهذا التعارض مبني على رجوع الضمير في غيره الى الشيء لا الوضوء لأن كلمة «شيء» أصل و «من الوضوء» تابع لأنه جار ومجرور والضمير يرجع الى الأصل والمتبوع لا الى التابع وإن كانت القاعدة الأدبیة في اللغة العربية تقتضي رجوع الضمير الى الوضوء لأنه أقرب لكن جهة التابعية والمتبوعیة أولی عرفاً بالملاحظة من جهة القرب والبعد والمراد من «الشيء» هو الجزء المشكوك وکلمة «من» في قوله «من الوضوء» للتبعيض لا للبيان فعند ذلك دلت الموثقة على خلاف الصحيحة و تصیركقاعدة التجاوز ويؤيده ما دل على إلغاء الشك بعد التجاوز نظير صحیحة زرارة قلت: لأبی عبد الله عليه السلام: رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة، قال: يمضي، قلت: رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر، قال: يمضي، قلت: رجل شك في التكبير وقد قرأ، قال: يمضي قلت: شك في القراءة وقد ركع، قال: يمضي، قلت: شك في الركوع وقد سجد، قال: يمضي على صلاته، ثم قال: يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ.[2]

وكذا صحيح عن إسماعيل بن جابر قال قال أبو جعفر (عليه السلام) إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه.[3]

و حل عقدة التعارض إما متوقف على تضعيف سند أحد المتعارضين وإما على المحامل وروایة المعارض وإن كان في سنده احمد بن محمد بن الحسن إبن الوليد القمي ولم يرد في «احمد» توثيق وأثر في كتب الرجال لكنه ابوه جليل القدر، عارف بالرجال ، موثوق به، و للشیخ طریق صحیح آخر الی جمیع روایات.

محمد بن الحسن والد احمد نظیرإبن أبی جنيد و كذا قال:

أخبرنا بها جماعة عن احمد بن محمد وغير ذلك ومن حيث هذه الجهة حديث المعارض معتبر[4] .

وأما المحامل فعلى وجوه:

الوجه الأول: حمل الصحیحة على استحباب الرجوع والاتيان بالمشكوك فيه فبهذا يجمع بينها وبين الموثقة.

وفيه وهذا الجمع العرفي مناف للإجماع وتسالم الأصحاب و الضرورة.

الوجه الثاني أن الضمير في قوله عليه السلام «وقد دخلت في غيره» هو الوضوء لا الشيء وعليه تحمل الموثقة على إعتبار قاعدة الفراغ في الوضوء ولا تحمل على قاعدة التجاوز حتى تعارض الصحیحة لأن بين القاعدتين فرق بيّن كما مر ذكره كراراً ويتفاوت معنى الحديث لأن معنى قوله عليه السلام «وقد دخلت في غيره» إذا شككت بعد الوضوء لإحتمال خلل فيه بفقد شرط أو شطر منه لا يعتنى به لأن الشك في صحة الوضوء بعد العلم بوجوه لا يعتنى به فعلى ذلك کلمة «من» بيانية ولا تدل على التبعيض حتى دلت على التجاوز فكأنه كان صدر الموثقة «إذا شككت في شيء من الوضوء» صغرى لكبری قاعدة الفراغ التي يدل عليه ذيل الموثقة وقول الإمام عليه السلام «إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» بيان للكبرى.

وفيه أن هذا الحمل خلاف ظاهر للموثقة لأن الظاهر من الصدر والذيل في الموثقة ناظر الى عدم إعتناء الشك إذا وقع في الأثناء ولا يكون ناظراً الى الفراغ كما أن الظاهر من کلمة «من» في قوله عليه السلام «من الوضوء» هو التبعيض وحملها على البيان خلاف الظاهر.

الوجه الثالث جريان تفسير ظهور العام لإجمال الدليل المنفصل الخاص كما إذا ورد العام «ٱكرم العلماء» ثم ورد الدليل الخاص «لا تكرم زيداً» ودار الأمر فيه بين «زيد» العالم والجاهل فإن ظهور العام في العموم لما كان حجة صار تفسيراً للخاص ولازمه حمل الدليل الخاص على التخصيص أي زيد الجاهل خارج عن العام تخصصاً وموضوعاً.

وتطبيق هذه القاعدة على المقام واضح لأن الموثقة من حيث رجوع ضمير «غيره» مجمل والصحیحة مبينة فظهور الصحیحة في عدم جريان قاعدة التجأوز عند الشك في أثناء الوضوء ولازمه رجوع الضمير في قوله عليه السلام «في غيره» في الموثقة الى الوضوء لا الى کلمة شيء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo