< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/10/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /الدرس 107

الدرس 107:

المسألة (٥٣): الشكّ في الوضوء بعد الصلاة أو في أثناها

 

أما الشك في الوضوء بعد الصلاة؛ يعني يشك في أنّه توضأ أم لا، فإنّه يبني على صحّة الصلاة و على بقاء الحدث، فيجب عليه الوضوء للصّلوات الآتية.

والوجه في صحة الصلاة؛ جريان قاعدة الفراغ الجارية فيها و في غيرها، و لأجل جريان استصحاب بقاء الحدث يتوضأ للصلوات الآتية، ولا تثبت القاعدة لوازمها، كالحكم بطهارة المكلّف في المقام.

وأمّا لو كان الشكّ في أثناء الصلاة وجب الإستئناف بعد الوضوء، لأنّ مقتضي قاعدة الفراغ هو الحكم بصحّة الأجزاء المتقدمة من الصلاة، لأنّها ما قد تجاوز عنه و هي قد مضت، إلّا أنّها لا تثبت الطهارة حتى تصحّ الأجزاء الواقعة بعد شكّه، فلابدّ من أن يُحَصِّل الطهارة لتلك الأجزاء الآتية، وقد مرّ آنفاً من أنّ الطهارة شرط للصلاة من أولها إلى آخرها، فإنّ الطهارة كما أنّها شرط لنفس الصلاة، كذلك شرط لأجزاء الصلاة، حتى الأكوان المتخلّلة بين أجزائها، وحيث أنّ ذلك الكون مما لا يمكن تحصيل الطهارة فيه، فيحكم ببطلان صلاته وإستئنافها بعد تحصيل الوضوء.

وأمّا أنّه هل يكون إتمام الصلاة واجب عند الشك في الأثناء أم لا؟ فإنّ السيّد أفتى بالإحتیاط الواجب بالإتمام مع تلك الحالة، ثم الإعادة بعد الوضوء.

والوجه للإحتیاط بإتمام الصلاة وحرمة قطعها، هو إحتمال جريان قاعدة التجاوز لإثبات الوضوء قبل الدخول في الصلاة، و معه يجب إتمام الفريضة فيحرم قطعها.

ولكنّ الحقّ أنّه لا منشأ للإحتیاط في المقام، لأنّ الدليل على حرمة القطع هو الإجماع و القدر المتيقن منه هو الواجب المركب الذي يكتفي به في مقام الإمتثال، ولم يحكم بإعادته، وما نحن فيه خارج عنه للحكم باستئناف الصلاة وعدم جواز الإكتفاء بها.

 

بقي الكلام في جريان قاعدة التجاوز في نفس الوضوء لا في الصلاة، و لشرطيّة الوضوء للصلاة مبنَيان:

أحدها: أنّ نفس الوضوء؛ يعني الغسلتان والمسحتان، شرط للصلاة، فيكون نظير الأذان والإقامة ممّا له محل معيّن، ليكون الشك فيه أثناء الصلاة شكاً بعد التجاوز عن المحل، فعلى هذا تجري فيه قاعدة التجاوز و يجب إتمام الصلاة، و يؤيّده روايات[1] النقض،[2] و أنّه ممّا لا ينتقض إلّا بالنوم و غيره من النواقض، و يبقي الوضوء و يستمر مادام لم يُنتقض، ويساعده ظاهر الآية ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا﴾،[3] لأنّ الوضوء محدود بما قبل الشروع في الصلاة، و أما في الصلاة وأثنائها فقد يصدق عليه التجاوز فلا يعتنى به.

 

ثانيها: أنّ الشرط فيها الطهارة المسبّبة عن الوضوء كما هو المشهور، وقد كان الشرط عندهم من الشروط المقارنات لأجزاء الصلاة؛ كالسّتر والإستقبال، حيث ليس لها محلّ معيّن يصدق التجاوز عنه، فلا تجري القاعدة فيه؛ أي في أثناء الصلاة، لأنّ محلّ الشرط المقارن إنّما هو مجموع الصلاة، فإذا شكّ فيه في أثنائها فلا يحكم بتجاوز محلّ الشرط.

 

والتحقيق هو الثاني؛ لأنّ ظاهر قوله (ع) "لا صلاة إلّا بطهور"[4] هو أنّ الطهارة كالإستقبال من الشرائط المقارنة من أوّل الصلاة إلى آخرها، فلا محلّ معيّناً لها حتى يصدق عنوان التجاوز عنها.

إن قلت: إنّ وجوب الوضوء هو وجوب مقدميّ، يفهم منه شرطية الوضوء الذي لا یتعقّبه الحدث، فقد كان الوضوء شرطاً متقدماً للصلاة وهذا محله.

قلت: لا أثر للوجوب المقدميّ وليس من هذه الجهة محلّ للوضوء، لعدم كون المقدميّة علةً لتعيين المحلّ، لأنّ الصلاة مقيّدة بالطهارة من أوّلها إلى آخرها، فقد وجب إيجاد الوضوء قبل الصلاة عقلاً، لتحصيل الصلاة المقيدة بالشرط، والإيجاد لا يحتسب بعنوانه المحل كما هو الظاهر.

نظيره قبليّة صلاة الظهر للعصر، ولا يدلّ على أنّه محلّها، لأنّه لو صلّى الظهر و لم يأت بالصلاة العصر أصلاً، وقعت الظهر صحيحة، و إن كانت القبليّة محلاً لها فلازمها الحكم بعدم الصحة، والحال أنها صحيحة.

و بالجملة: لا تجري قاعدة التجاوز في أثناء الصلاة للوضوء، ولا دليل للإحتیاط، بل الدليل على خلافه، وإعادة الوضوء واجب وجوباً مقدميّاً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo