< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد مهدی احدی‌

44/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الوضوء /افعال الدرس 108

 

الدرس (108):

«المسألة (٥٤): إذا تيقن بعد الوضوء أنه ترك منه جزءا أو شرطا أو أوجد مانعا ‌ثمَّ تبدل يقينه بالشك يبني على الصحّة، عملا بقاعدة الفراغ، ولا يضرّها اليقين بالبطلان بعد تبدّله بالشكّ، ولو تيقّن بالصحّة ثمَّ شكّ فيها فأولى بجريان القاعدة‌».

 

في المقام فرعان:

الفرع الأول: إذا تيقّن بعد الوضوء أنّه ترك منه جزءاً أو شرطاً أو أوجد مانعاً ثم تبدّل يقينه بالشك يبني على الصحّة عملاً بقاعدة الفراغ، ولا يضرّها اليقين بالبطلان بعد تبدّله بالشكّ.

والوجه في جريان القاعدة هو إطلاق دليلها، وقوله " كلما شككت فيه ممّا مضى فامضه كما هو"، مطلق يشمل مورد قاعدة اليقين، لعدم الدليل على حجيّة اليقين بحدوث الخلل لتبدّله بالشكّ.

فكذلك الوجه في عدم إضرار القاعدة باليقين بحدوث الخلل، إذ اليقين بالبطلان لا يوجب البطلان الواقعي لكي يصير في حال اليقين ببطلانه محكوماً به حتى يكون منافياً مع الحكم بالصحّة في حال الشك.

الفرع الثاني: لو تيقّن بالصحّة ثم شكّ فيها فأولى بجريان القاعدة، ولعل وجه الأولويّة؛ أنّه إذا كان غافلاً عن الصحّة بعد الفراغ وحدث الشكّ فيها فقد جرى فيه قاعدة الفراغ، فجريان القاعدة فيما إذا تبدّل اليقين بالشك ولم يثبت اعتبار القاعدة اليقين أولى من صورة الغفلة، لقوة الصحّة في صورة الغفلة.


التفصيل بين تبيّن الغسلة الثانية والثالثة:

«المسألة (٥٥): إذا علم قبل تمام المسحات أنّه ترك غسل اليد اليسرى ‌أو شكّ في ذلك، فأتى به وتمّم الوضوء، ثمَّ علم أنّه كان غسله، يحتمل الحكم ببطلان الوضوء، من جهة كون المسحات أو بعضها بالماء الجديد، لكن الأقوى صحّته، لأنّ الغسلة الثانية مستحبّة على الأقوى، حتى في اليد اليسرى، فهذه الغسلة كانت مأمورا بها في الواقع، فهي محسوبة من الغسلة المستحبة، ولا يضرّها نيّة الوجوب، لكنّ الأحوط إعادة الوضوء، لاحتمال اعتبار قصد كونها ثانية في استحبابها، هذا ولو كان آتيا بالغسلة الثانية المستحبة، وصارت هذه ثالثة؛ تعين البطلان، لما ذكر من لزوم المسح بالماء الجديد‌».

شرح المسألة: بيّن السيّد أمرين:

أحدهما: فصّل الماتن (قدس سره) فيما إذا علم ترك غسل اليد اليسرى أو شك في ذلك، وهذا العلم والشك قبل مسح الرأس والرجلين، وقد غسل اليد اليسرى ثم علم أنّه قد غَسله، واحتمل فيه بطلان الوضوء، وقوّى صحّته.

وأمّا وجه احتمال بطلان الوضوء؛ فلأجل أنّ هذه الغسلة بعد الشكّ هي الغسلة الثالثة، وكونها حراماً لأنّها بدعة، وتقع المسحات حينئذ بماء جديد أجنبيّ عن ماء الوضوء. وقد تقدّم في فصل مستحبات وواجبات الوضوء، أنّ المسحات ببلة ماء الوضوء واجب، و بماء جديد مبطل له.

وأمّا وجه الأقوائيّة؛ فلكون هذه الغسلة، غسلة ثانية، وكانت المسحات بالغسلة الوضوئية المستحبة، لأنّ صحيحة محمد بن فضيل ظاهرة في استحباب غسل كل من الوجه واليدين مرّتين.[1]

إن قلت: أنّ ما أتى به من الغسلة؛ كانت مستحبة، وهو قد أتى بها بعنوان الواجب.

قلت: لا يضرّها نيّة الوجوب، لأنّه من قبيل الإشتباه في التطبيق، والأمر واحد شخصيّ غير قابل للتقييد بالوجوب أو الندب؛ لأنّ العبادة يعتبر فيها إتيان ذات العمل وإضافتها إلى الله تعالى. وإضافة الغسلة الثانية إلى الله كافية في صحتها.

وبعبارة أخرى: إنّه من قبيل تخلّف الداعي، وأنّه غير مبطل، لأنّ المكلّف أتى بهذه الغسلة بداعي الوجوب، ثم تبيّن استحبابها، والمنشأ فيهما في نفسهما أمر واحد، والوجوب والإستحباب لا يتميّزان إلّا بجواز الترخيص في تركه وعدم جواز الترخيص في تركه.

وأمّا وجه الإحتياط بإعادة الوضوء؛ فلأنّا نحتمل أنّ هذه الغسلة بما أنّه لم ينوها ولم يقصد بها الغسلة الثانية، فلم تقع مصداقا للمستحب، كما أنّها ليست مصدقا للواجب، فتقع باطلة، والمسح بها مسح ببلّة ماء خارجي، فيحكم ببطلان الوضوء.

وحيث أنّ قصد عنوانها خالٍ عن الدليل؛ لإطلاق الروايات الآمرة بإتيان الغسلة الثانية بنيّة مستحبّة، لا نفتي بالإحتياط الواجب، فتبصّر.

ثانيهما: ما إذا أتى به بعنوان الغسلة الثانية، ثم تبيّن أنّ هذه ثالثة، تعيّن البطلان، لأنّها محرّمة وبدعة، وموجبة للبطلان، لما مرّ من أنّ المسح يعتبر أن يكون بالبلّة الوضوئية الباقية في اليد، والبلة التي مسح بها خارجية محرّمة؛ فيبطل وضوئه. فتحصّل أنّ بين التبيّن وعدمه تفصيل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo