< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد مهدی احدی‌

44/10/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /معنی الجبیرة

 

الدرس (109): فصل في أحكام الجبائر

متن العروة الوثقى: «و هي الألواح الموضوعة على الكسر و الخرق و الأدوية الموضوعة على الجروح و القروح والدماميل، فالجرح و نحوه إمّا مكشوف أو مجبور، و على التقديرين إمّا في موضع الغسل أو في موضع المسح، ثمَّ إما على بعض العضو أو تمامه أو تمام الأعضاء، ثمَّ إما يمكن غسل المحلّ أو مسحه ‌أو لا يمكن، فإن أمكن ذلك بلا مشقّة و لو بتكرار الماء عليه حتى يصل إليه لو كان عليه جبيرة أو وضعه في الماء حتى يصل إليه بشرط أن يكون المحل و الجبيرة طاهرين أو أمكن تطهيرهما وجب ذلك، و إن لم يمكن إما لضرر الماء أو للنجاسة و عدم إمكان التطهير، أو لعدم إمكان إيصال الماء تحت الجبيرة و لا رفعها.

فإن كان مكشوفا يجب غسل أطرافه و وضع خرقة طاهرة عليه و المسح عليها مع الرطوبة، و إن أمكن المسح عليه بلا وضع خرقة تعين ذلك إن لم يمكن غسله كما هو المفروض، و إن لم يمكن وضع الخرقة أيضا اقتصر ‌على غسل أطرافه، لكنّ الأحوط ضمّ التيمم إليه، و إن كان في موضع المسح - و لم يمكن المسح عليه كذلك- يجب وضع خرقة طاهرة و المسح عليها بنداوة، و إن لم يمكن سقط و ضمّ إليه التيمم، و إن كان مجبورا وجب غسل أطرافه مع مراعاة الشرائط و المسح على الجبيرة إن كانت طاهرة، أو أمكن تطهيرها، و إن كان في موضع الغسل، و الظاهر عدم تعين المسح حينئذ، فيجوز الغسل أيضا، و الأحوط إجراء الماء عليها مع الإمكان‌ بإمرار اليد من دون قصد الغسل أو المسح، و لا يلزم أن يكون المسح بنداوة الوضوء إذا كان في موضع الغسل و يلزم أن تصل الرطوبة إلى تمام الجبيرة و لا يكفي مجرّد النداوة، نعم لا يلزم المداقّة بإيصال الماء إلى الخلل و الفرج، بل يكفي صدق الإستيعاب عرفا، هذا كلّه إذا لم يمكن رفع الجبيرة و المسح على البشرة، و إلاّ فالأحوط تعيّنه، بل لا يخلو عن قوة إذا لم يمكن غسله كما هو المفروض، و الأحوط الجمع بين المسح على الجبيرة و على المحل أيضا بعد رفعها، و إن لم يمكن المسح على الجبيرة لنجاستها أو لمانع آخر فإن أمكن وضع خرقة طاهرة عليها و مسحها يجب ذلك، و إن لم يمكن ذلك أيضا فالأحوط الجمع بين الإتمام بالاقتصار على غسل الأطراف و التيمّم»

 

نبّه الماتن (قدّس سره) قبل الشروع في مسائل الجبيرة لأمور:

الأمر الأوّل: أنّ الجبيرة لا تختصّ بالكسر، بل وسّع دائرتها الفقهاء حتى تشمل الأدوية الموضوعة على الجروح والقروح والدماميل، لعدم الفرق بين الألواح الموضوعة على الكسر وبين الأدوية الموضوعة عليها.

وقد يشير إلى هذا التوسّع صحيح ابن الحجاج عن أبي الحسن (عليه السلام): " عن الكسير تكون عليه الجبائر أو تكون به الجراحة، كيف يصنع بالوضوء وعند غسل الجنابة وغسل الجمعة؟ فقال (عليه السلام) يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر، ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله، ولا ينزع الجبائر ولا يعبث بجراحته"[1] .

والكسير فعيل بمعنى المفعول، والجبيرة الخرقة مع العيدان التي تُشَدُّ على العظام المكسورة، والفقهاء يطلقونها على ما يُشَدُّ به القروح والجروح أيضا ويساوون بينهما في الأحكام.[2]

قوله "يغسل ما وصل إليه الغِسل" بكسر الغين، والغِسل بكسر الغين؛ الماء الذي يغسل به، وربّما جاء بالضمّ أيضا، الظاهر على وجوب غسل الموضع الذي ظهر منه.

قوله:" ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله"؛ ظاهر على عدم وجوب المسح على الجبيرة، لكن المعروف بينهم وجوب المسح عليها، وسيأتي بحثه.

ولا يعبث بجراحته؛ أي لا يكشف عليها ولا يشقّقها ولا يفتحها. وتقريب الاستدلال بها على التوسعة واضح.

الأمر الثاني: وجوب إيصال الماء تحت الجبيرة عند الإمكان وبدون المشقّة.

 

واستفاد من المتن أنّه (قدس سره) تخيّر بين أمور ثلاثة:

الأول: نزع الجبيرة وإيصال الماء إلى البشرة.

الثاني: تكرار الماء حتى يصل إلى ما تحتها بدون النزع.

الثالث: غمسها في الماء إلى أن يصل الماء تحتها.

والوجوب التخييري أمر مسلّم بين الفقهاء (رضوان الله عليهم)، ولكنّهم اختلفوا بين هذه الأمور وبين الأمرين، وهما النزع والغمس؛ بلا تعرّض لتكرار الماء،[3] كما أنّ بعض الفقهاء تعرّض لذكر النّزع والتكرار فقط بلا تعرّض للغمس.[4]

والروايات تعرضت للنزع والغمس بلا إشارة إلى التكرار، كما في صحيحة الحلبي؛ قال (عليه السلام):" وإن كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم يغسلها".[5]

وموثّقة عمّار؛ حيث قال:" ويضع موضع الجبر في الماء حتى يصل الماء إلى جلده".[6]

والذي يُسَهِّل الأمر هو أنّ الغرض وصول الماء إلى المحلّ بأيّ وجه كان، ولعلّ ذكر بعض هذه الأمور الثلاثة دون بعض على وجه المثال لا الإنحصار ولا خصوصيّة لها؛ أي للنزع أو الغمس.

ولا كلام فيه، بل عن الحدائق ظاهر الإجماع عليه، كما عن الشيخ مرتضى الأنصاري (ره) في طهارته نفي الخلاف والإشكال في التخيير بين الثلاثة، وأيضا لا كلام في عدم اعتبار الجريان في مفهوم الغسل، كما تقدّم تحقيقه بأنّ مجرّد الغلبة والإستيلاء كاف، وهذه حاصلة بالغمس في الماء أو التكرار وغير ذلك، وإنّما الكلام في اعتبار الترتيب وعدمه لأجزاء عضو الوضوء لعدم حصول الترتيب غالبا إلاّ في صورة النّزع.

والتحقيق أنّ التحفّظ على الترتيب، أعني غسل العضو من الأعلى إلى الأسفل، فلا إشكال في وجوبه وهو قد حصل في صورة النزع، لأنّ الغسل المستفاد من الأدلّة عرفا ما كان خاليا عن الحائل، وإن كان الحائل على العضو ولا يمكن أن ينزعه فعليه المسح على الحائل أو إيصال الماء إلى ما تحتها.

وأمّا إذا لم يمكن غسله مع الترتيب؛ ففي كفاية وضع الموضع على الماء وإيصال الماء إلى البشرة وعدم اعتبار جريان الماء، ففيه وجهان: ذهب السيّد الحكيم والسيّد الخوئي وبعض آخر إلى الإحتفاظ بالترتيب المعتبر بين أجزاء العضو الأعلى فالأعلى كالإرتماس، ولكنّ المستفاد من المتن كفاية وضع المحل في الماء وإن فاته الترتيب المعتبر في الوضوء. ويظهر الحق واختيار المذهب بتحقيق موثّقة عمّار فانتظر الدرس الآتي.


[3] مدارك الأحكام والحدائق الناظرة.
[4] الذخيرة والتذكرة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo