< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد مهدی احدی‌

44/10/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /آراء الفقها

 

الدرس (110): التحقيق حول موثّقة عمّار

عن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام):" في الرجل ينكسر ساعده أو موضع من مواضع الوضوء فلا يقدر أن يحلّه لحال الجبر إذا جبر، كيف يصنع؟ قال: إذا أراد أن يتوضأ فليضع إناءً فيه ماءٌ، ويضع موضع الجبر في الماء حتى يصل الماء إلى جلده، وقد أجزأه ذلك من غير أن يحلّه".[1]

وقد دلّت على كفاية جعل موضع الجبر في الماء مع فوات الترتيب المعتبر في الوضوء، وهي مستند فتوى الأصحاب بعدم كفاية المسح على الجبيرة مع إمكان إيصال الماء تحت الجبيرة.

إشكال السيّد الخوئي على دلالة الحديث:

وقد أورد السيّد الخوئي على دلالتها بأنّ الموجود في الرواية ليس هو تعذّر حلّ الجبيرة، بل تعذّر المسح على البشرة، لأنّ ما رواه صاحب الحدائق هو الأصح،[2] حيث تدلّ الرواية على أنّ من لم يتمكّن من غسل مواضع الغسل بمسحها كما هو العادة _ بداهة عدم وجود المسح في اليد والساعد _ يجب أن يجعل موضع الجبيرة في الماء حتى يصل الماء إلى بشرته ولم تنظر الرواية إلى سقوط اعتبار الترتيب، لأنّه من الجائز أن يكون وصول الماء إلى البشرة مع مراعاة الترتيب؛ أي بغسل الأعلى إلى الأسفل في صورة التمكّن من جعل موضع الجبر في الماء، فقد يمسح الجبيرة كما هو الحق.

وأمّا متن رواية إسحاق بن عمّار على ما نقله صاحب الحدائق عن الشيخ في التهذيب والإستبصار، حيث بدل قوله:" فلا يقدر أن يحلّه" قال[3] : " فلا يقدر أن يمسح عليه"[4] .

وفيه؛ أنّ صحيحة الحلبي قرينة على أنّ المعتمد عند الفقهاء موثقة عمّار لا رواية إسحاق بن عمّار، لأنّ وجوب المسح على الخرقة منوط بإيذاء الماء وإضراره، حيث قال (عليه السلام):" إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة"، وكذا في خبر كليب الأسدي، حيث قال:" إن كان يتخوّف على نفسه فليمسح جبائره وليصلّ".[5]

وهذه الموثقة[6] هي مستند إفتاء الأصحاب بعدم وجوب رعاية الترتيب، بل لو تعذّر نزع الجبيرة مع إمكان إيصال الماء إلى تحتها وجب ذلك مقدّما على مسح الجبيرة، إذ المسح إنّما شرّع لأجل تعذّر الغسل، فمع إمكانه، ولو بنحو إيصال الماء تحت الجبيرة وعدم اعتبار جريان الماء في عضو الوضوء، فلا مجال لإنتقال المتوضئ إلى مسح الجبيرة.

وعليه؛ فلا وجه لحمل الشيخ الطوسي (ره) من حمل المسح على الجبيرة على استحباب المسح، وأنّ الواجب ليس إلا غسل ما حولها. [7]

الأمر الثالث: هل تشرع الجبيرة لتعذّر تطهير المحلّ؟

إنّ تعذّر تطهير المحل وعدم إمكان إيصال الماء إلى البشرة يتسبب من أمور:

أحدها: إما لضرر الماء، كما نصّ عليه في صحيحة الحلبي الآمرة بمسح الخرقة الموضوعة على القرحة إذا كان يؤذيه الماء؛ أي يضرّه.[8] ورواية كليب[9] الدالّة على المسح على الجبائر عند خوف الضرّر.

ثانيها: أو للنجاسة وعدم إمكان التطهير، فقد ذهب صاحب الجواهر (ره) إلى أنّ حكم هذا الفرض هو حكم فرض الضرر في كون المكلف مأمورا بالوضوء العذري، مستدلاّ بأنّ المراد من عدم التمكّن هو الأعم منه عقلا أو شرعا، ونجاسة المحل هو مانع شرعي عن غسله بعد اشتراط طهارته وطهارة ماء الوضوء، والمشروط عند عدم شرطه.[10] وقد ادعى صاحب المدارك عدم الخلاف فيه.[11] وهو ظاهر عبارة جامع المقاصد وكشف اللّثام.

ونصوص الباب غير قاصرة عن شموله، إذ النصوص على طوائف:

الطائفة الأولى: موردها خصوص صورة حصول الضرر بإيصال الماء إلى المحل، كصحيح الحلبي وخبر كليب الأسدي المتقدمين.

الطائفة الثانية: صورة عدم القدرة على إيصاله من وراء الجبيرة مع الضرر بنزعها، كصحيح ابن الحجاج المتقدم وخبر عبد الأعلى الوارد على المرارة، وخبر حسن الوشاء الوارد في الدواء المطليّ على يد الرجل، قال (ع):" يمسح عليه ويجزيه".[12]

الطائفة الثالثة: الروايات الدالة على الإكتفاء بغسل ما حول الجرح، كرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:" سألته عن الجرح كيف يصنع صاحبه؟ قال: يغسل ما حوله". وكصحيحة الحلبي المتقدمة، قال:" وسألته عن الجرح كيف أصنع به في غسله؟ قال: اغسل ما حوله". والمراد منهما هو الجرح الخالي عن الجبيرة، كما صرّح به الشهيد الأوّل في الذكرى،[13] والمحدث البحراني في الحدائق.[14]

والمستفاد عن السؤال عن الجرح لا عن نجاسته أو تضاعف النجاسة وشدتها بإيصال الماء إليها، يفهم العرف أنّ السؤال إنّما هو لضرره بالماء، فقد دلّت الرواية على أنّ الجرح إذا غسله فقد أوجب الضرر، وكل ما ورد في هذه الطائفة يؤيّد رأي صاحب الجواهر.


[2] لأنّ هذا الخبر ورد بسندين مختلفين، أحدهما عن عمّار والآخر عن إسحاق بن عمّار.
[6] أي موثّقة عمّار.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo