< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/11/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /الدرس 122

 

الدرس (122): حكم جبيرة اللاصق ببعض المواضع

المسألة (١٤): إذا كان شيء لاصقا ببعض مواضع الوضوء ‌مع عدم جرح أو نحوه؛ ولم يمكن إزالته أو كان فيها حرج ومشقّة لا تتحمّل؛ مثل القير[1] ونحوه، يجري عليه حكم الجبيرة، والأحوط ضمّ التيمّم أيضا.‌

أمّا دليل وجوب الجبيرة على اللاصق وإن كان اللاصق خارجا عن مورد النصوص، فلأن أخبار الجبائر مختصّة بالجراحة والقرحة والكسر، فقد استدل شيخنا الأعظم (ره) بتنقيح المناط[2] ، لأنّ مناط وجوب الجبيرة على أحد هذه الأعذار الثلاثة عدم تمكن المتوضئ من إيصال الماء إلى بشرته؛ وهذا متحقّق في المقام أيضا، لتعذّر إزالة اللاصق أو لحرج ومشقة غير قابلة للتحمّل؛ كالتصاق القير ونحوه.

وفيه: أنّه قياس؛ لأنّ المراد بالقياس أن نحصي الحالات والصفات التي من المحتمل أن تكون مناطا للحكم، وبالتأمّل والحدس والإستناد إلى ذوق الشريعة يغلب على الظن أنّ واحدا منها هو المناط، فيعمّم الحكم إلى كل حالة يوجد فيها ذلك المناط، وهو ظن يحتاج التعويل عليه إلى دليل على حجيّته.

وعلى هذا لا يكون عدم التمكّن من إيصال الماء إلى بشرته مناطا قطعيا لاجتزاء اللاصق بالجبيرة، لكونه ينتقض بالجرح المكشوف بعدم إمكان إيصال الماء إليه، مع أنّه لا يجب وضع الخرقة عليه حتى يجب المسح على الخرقة، بل نحكم بكفاية غسل أطرافه مع صحّة الوضوء، فإن كان هذا المناط تامّاً فلا يكون فرق بين الجرح المكشوف واللاصق والجبيرة، مع أنّه فرق بَيِّنٌ؛ لعدم وجوب وضع الخرقة وعدم وجوب المسح على الجرح المكشوف.

 

وفي الجواهر إدعى القطع بفساد القول بوجوب التيمّم بدل الغسل أو الوضوء لمن كان في يده قطعة قير مدى عمره _أي مادام على قيد الحياة_[3] .

وفيه: أنّ القطع بفساد القول بوجوب التيمّم في المقام خال عن الوجه، بل الدليل على خلافه، لأنّ التراب أحد الطهورين وأنّه يكفيك عشر سنين،[4] لأنّ الأمراض؛ مثل الرمد، إذا لم تبرء ما دام العمر، فسوف تكون وظيفته التيمّم قطعا.

فالحق عندي؛ أنّ محلّ الوضوء إذا كان مطليّا بالدواء؛ فقد يجري عليه حكم الجبيرة، لصحيحة الحسن بن علي الوشاء، قال:" سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الدواء إذا كان على يد الرجل؛ أيجزيه أن يمسح على طلي الدواء؟ فقال: نعم يجزيه أن يمسح عليه"[5] . وعن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي بكر الحضرمي قال:" سألت عن المسح على الخفين والعمامة، فقال: سبقَ الكتابُ الخُفَّينِ، وقال: لا تمسح على خُفٍّ"[6] . ورواية أخرى عن حماد بن عثمان، عن عمر بن يزيد قال:" سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يخضِّب رأسه بالحنّاء ثم يبدو له في الوضوء، قال: يمسح فوق الحناء". وعن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام):" في الرجل يحلّق رأسه ثم يطليه بالحناء ثم يتوضأ للصلاة، فقال: لا بأس بأن يمسح رأسه والحناء عليه".[7]

وروايته الأخرى عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال:" نعم يمسح عليه ويجزيه"، وما ورد في المسح على الحنّاء محمول على الضرورة، ولا يمكن استناده في المقام.

وأمّا إذا كان اللاصق غير الدواء كالقير ونحوه؛ فيفصّل فيه، بما إذا لم يكن اللاصق في محل التيمّم، كما إذا لصق بذراعه، فيتعيّن عليه التيمّم، لعدم التمكّن من الوضوء التام. وقد عرفت أنّه أجنبيّ عن مورد أخبار الجبيرة، وما إذا كان اللاصق على محلّ التيمّم، كما إذا كان على يديه أو وجهه فيجب عليه الجمع بين التيمّم والوضوء، لأنّ مقتضى العلم الإجمالي بوجوب أحد الأمرين؛ أي الوضوء مع وجود القير ونحوه والتيمّم؛ الجمع بينهما، حتى لا يلزم المخالفة الإحتمالية. لأنّ الوضوء اللاصق بالقير وضوء ناقص، يحتمل أنّ الجبيرة عليها، لعدم وجود الدليل الكافي، فلا يكون طهورا؛ حالكون الصلاة مشترطة بالطهور، وأنّها لا تسقط بحال، فضمّ التيمّم إليه يرفع المخالفة الإحتمالية الإجمالية، فتدبر.


[1] لسان العرب، ابن منظور، ج5، ص124. وهو صُعُدٌ يذابُ فيُسْتَخْرَجُ منه‌ القارُ وهو شي‌ء أَسود تطلى به الإِبل والسفن يمنع الماء أَن يدخل.
[2] وهو أحد الطرق المستعملة في استنباط الحكم الشرعي، وهو فصل علة الحكم عن الأوصاف الغير الدخيلة الواردة في النص، حتى يتمكن الفقيه من تعميم الحكم إلى الموارد المشابهة، الواردة فيها نفس العلة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo