< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/11/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /الدرس 125

 

الدرس (125): دوران الحكم مدار خوف الضرر

المسألة (١٨): ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة‌، وإن احتمل البرء، ولا تجب الإعادة إذا تبيّن برؤه سابقا، نعم لو ظنّ البرء وزال الخوف وجب رفعها.‌

 

فيها ثلاثة صور:

الصورة الأولى: ما إذا كان خوف الضرر باقيا؛ يجري حكم الجبيرة وإن احتمل البرء، ولا كلام فيه عند الأصحاب، ويشهد له خبر كليب المتقدم، قال:" إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره"، فإنّه مطلق سواء احتمل البرء أم لم يحتمل، وسواء كان جرحه أو كسره باقيا أم كان حادثا، وسواء كان خوف الضرر موضوعيا أو طريقيا.

الصورة الثانية: ما إذا تبين البرء سابقا بعد إجراء حكم الجبيرة، ففيه أقوال:

القول الأوّل: عدم وجوب الإعادة، كما ذهب إليه الماتن (قدس سره) ومن تبعه.

القول الثاني: وجوب الإعادة، وإليه ذهب صاحب الجواهر.

القول الثالث: التفصيل بين موضوعية خوف الضرر وبين طريقيّته، فعلى الأول عدم وجوب الإعادة وعلى الثاني وجوب الإعادة.

وأما عدم وجوب الإعادة، فلأوجه:

الوجه الأوّل: مقتضى خبر كليب المتقدّم؛ أنّ الخوف له موضوعيّة في ترتّب أحكام الجبائر، فإذا تبيّن الخلاف، كان الوضوء صحيحا واقعا ما دام الخوف باقيا، فتصحّ الصلاة المأتيّ بها واقعا.

الوجه الثاني: استصحاب بقاء جرحه أو كسره أو قرحه، وقد قرّر في الأصول أنّ مقتضى موافقة الأمر الظاهري؛ الإجزاء وإن انكشف الخلاف.

الوجه الثالث: بدلية الوضوء الناقص[1] عن الوضوء التامّ؛ لأنّ الخوف[2] لـمّا كان طريقا إلى ثبوت الضرر؛ كان مانعا عن الوضوء التام، وعدم القدرة على الوضوء التام كاف في مشروعية وضوء الجبيرة.

وأمّا دليل وجوب الإعادة؛ فهو الجمع العرفي بين خبر كليب المتقدّم والنصوص الظاهرة في كون تمام الموضوع هو الضرر الواقعي، فإذا انكشف وتبيّن البرء سابقا تجب الإعادة، لعدم وجود الضرر عند الوضوء، وعند فقدان الضرر يلزم وضوء غير الجبيرة.

فقد ظهر أنّ النصوص تدل على أنّ خوف الضرر طريق إلى أنّ تمام الموضوع هو الضرر الواقعي، أو جعل موضوع كلاًّ من خبر كليب والنصوص هو الضرر الواقعي، وخوف الضرر يكون طريقا إليه.[3]

والكلّ عندي مخدوش، لعدم كون خوف الضرر في خبر كليب موضوعيّا، بل أخذ الخوف يكون طريقا إلى الواقع، فقد أشار الإمام (عليه السلام) إلى وجوب المسح على جبائره ما إذا خاف الضرر بوصول الماء إليه، فلا ظهور لموضوعية الخوف.

وأما إجزاء موافقة الأمر الظاهري عند كشف الخلاف في داخل الوقت، فقد تقدّم أنّه خلاف التحقيق، كما بُيّن في محلّه، وأمّا عدم القدرة على الوضوء التام، فلا يكون مثبتا لجواز الوضوء الناقص، وإن كان حجة، لأنّ مثبتات الأدلّة اللفظية حجّة، إلاّ أنّه قد سبق منّا كراراً عدم كون الوضوء الناقص بدلا عن الوضوء التام، بل البدل هو التيمّم. وأما التفصيل[4] فهو حكم أصولي لا إرتباط له بالفقه والعمل.

وأما الجمع[5] فلا دليل عليه، بل الدليل على خلافه، لورود النصوص لمن حدث به الجرح أو الكسر أو القرح وكان مجبورا حال الوضوء، سواء كان برئ في الواقع أم لم يكن، لأنّها مطلقة، كصحيحة ابن الحجاج[6] . مضافا إلى أنّ اليقين بالبرء لم يتّفق إلا نادرا،[7] ولا تصدر النصوص بأمر نادر قليل الإتفاق، جدّا.

والحق مع السيّد (ره) في المتن، لا لأنّ خوف الضرر موضوع لأحكام الجبائر حدوثا وبقاءً، بل الروايات مطلقة، تأمر بالمسح على الجبيرة، سواء برء في الواقع أم لم يبرء، فتدبّر.

الصورة الثالثة: ما إذا ظنّ البرء وزال الخوف، فالواجب عليه رفع الجبيرة وتحصيل الطهارة المائية، أخذا بالأدلّة الأوليّة للوضوء، ولعدم شمولها لإطلاقات النصوص المتقدّمة، لأنّ التعبّد بالظن حجة، ما لم يكشف خلافه.

 


[1] أي وضوء الجبيرة.
[2] الخوف من فتح الجبيرة ووصول الماء إلى البشرة؛ لاحتمال تضررها به.
[4] التفصيل بين موضوعية خوف الضرر وبين طريقيّته.
[5] الجمع العرفي بين خبر كليب المتقدّم والنصوص الظاهرة في كون تمام الموضوع هو الضرر الواقعي وخوف الضرر طريق إليه، فإذا انكشف وتبيّن البرء سابقا تجب الإعادة.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص463، أبواب أبواب الوضوء، باب39، ح1، ط آل البيت. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ:" سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا (ع) عَنِ الْكَسِيرِ تَكُونُ عَلَيْهِ الْجَبَائِرُ- أَوْ تَكُونُ بِهِ الْجِرَاحَةُ- كَيْفَ يَصْنَعُ بِالْوُضُوءِ- وَعِنْدَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَغُسْلِ الْجُمُعَةِ- فَقَالَ يَغْسِلُ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ الْغَسْلُ مِمَّا ظَهَرَ- مِمَّا لَيْسَ عَلَيْهِ الْجَبَائِرُ- وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَطِيعُ غَسْلَهُ- ولَا يَنْزِعُ الْجَبَائِرَ، وَلَا يَعْبَثُ بِجِرَاحَتِهِ".
[7] أي لا يحصل إلاّ نادرا، فمن النادر أن يحصل للمتوضئ اليقين ببرئه عند الوضوء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo