< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /الدرس 126

الدرس (۱۲۶): المسألة (۱۹) و(٢٠) و(۲۱)

 

إذا كان رفع الجبيرة مفوتا للوقت:

المسألة (۱۹): إذا أمكن رفع الجبيرة وغسل المحل‌ّ، لكن كان موجبا لفوات الوقت، هل يجوز عمل الجبيرة، فيه إشكال، بل الأظهر عدمه والعدول إلى التيمّم.

 

أما وجه الإشكال؛ فلعدم الدليل على جواز مسحه على الحائل إلا الإجماع، فإنّ الإجماع عند الضرورة قائم على جواز المسح على الحائل،[1] كما تقدّم في المسألة الرابعة والثلاثون من مسائل أفعال الوضوء؛ أنها تطلق على ضيق الوقت والجبائر أم تطلق على عدم نزع الخفين للبرد وشبهه.[2] والإشكال في توسعة الضرورة حتى تشمل ضيق الوقت؛ كما عن صاحب الجواهر هناك. [3]

فالضرورة التي اشتمل عليها النص هناك لا تشمل ضيق الوقت، لأنّ مقتضى صحيحة[4] أبي الورد[5] إنّما هو في صورة العجز بعدم التمكن من المسح على البشرة، من حيث أنّ وصول الماء إلى البشرة مضر لها، وأمّا إذا كان المسح عليها بلا أيّة مضرّة، إلا أنّ ضيق الوقت يكون هو المانع عن المسح على البشرة، فلا دليل على جواز المسح على الجبيرة.

وأما وجه أظهرية عدم جواز عمل الجبيرة والعدول إلى التيمّم؛ فلإنصراف الأخبار المتقدمة عنها، لاختصاص روايات الجبائر بما إذا لم يتمكّن من غسل البشرة أو مسحها من جهة الكسر أو الجرح أو القرح، فلا تشمل من كان بدنه سليما ولم يضرّه الماء، إلاّ أنّه لم يتمكّن من غسله أو مسحه لضيق الوقت وعدم سعته لحلّ الجبيرة، فعليه التيمّم.

الدواء المختلط بالدم:

المسألة (٢٠): الدواء الموضوع على الجرح ونحوه، إذا اختلط مع الدمّ وصارا كالشيء الواحد‌، ولم يمكن رفعه بعد البرء، بأن كان مستلزما لجرح المحلّ وخروج الدمّ، فإن كان مستحيلا بحيث لا يصدق عليه الدمّ، بل صار كالجلد، فمادام كذلك يجري عليه حكم الجبيرة، وإن لم يستحل[6] كان كالجبيرة النجسة، يضع عليه خرقة ويمسح عليه‌.

وفيها قولان آخران غير قول السيّد في المتن:

أحدهما: وضع الخرقة والمسح عليها، بناء على استحالة الدمّ، لأنّ الدواء متنجّس، إلاّ أن يجري عليه حكم الجرح المكشوف[7] ، على إشكال كما ذهب إليه[8] السيّد الحكيم[9] والسيّد الخميني[10] (قدس سرهما).

ثانيهما: ما إذا كان الدم والدواء مستحيلا، فيجري عليه حكم الجبيرة، وإلا يبقى على تنجسه، فيجب عليه التيمّم، وهو مختار السيد الخوئي[11] والگلبيگاني[12] (قدس سرهما) وهو المختار، لاختصاص أخبار الجبيرة بالجريح والكسير والقريح، ولا تشمل الدواء المختلط بالدم، بل تنصرف عنه، فإذا لم يمكن رفع الدواء المتنجس، فلا وجه لجريان أحكام الجبيرة كما هو واضح، بل المتعين هو التيمّم.

 

هل المسح برطوبة اليد يجزي عن الغسل:

المسألة (۲۱): قد عرفت أنّه يكفي في الغسل أقلّه، ‌بأن يجري الماء من جزء إلى جزء آخر، ولو بإعانة اليد، فلو وضع يده في الماء وأخرجها ومسح بما يبقى فيها من الرطوبة محل الغسل؛ يكفي، وفي كثير من الموارد هذا المقدار لا يضرّ، خصوصا إذا كان بالماء الحار، وإذا أجرى الماء كثيرا يضرّ، فيتعيّن هذا النحو من الغسل، ولا يجوز الإنتقال إلى حكم الجبيرة، فاللازم أن يكون الإنسان ملتفتا لهذه الدقّة. ‌

 

توضيح العبارة: أقل الغسل وهو إنتقال جزء من الماء من جزء إلى جزء آخر يكون مجزءا، لما عرفت في بحث غسل الوجه من الوضوء، حيث قلنا هناك أنّه عبارة عن جريان الماء من جزء إلى جزء، إما بنفسه أو بواسطة اليد ونحوها، ولا كلام فيه.

إنما الكلام في أنّ المكلف إذا وضع يده في الماء وأخرجها ومسح برطوبتها وجهه أو غيره من مواضع الكسر أو الجرح هل هو مجز أم لا؟

أفتى السيد (ره) في المتن بإجزائه؛ خصوصا إذا كان جريان الماء كثيرا مضرّا، فيتعين هذا النحو من الغسل، ولا يجوز الإنتقال إلى حكم الجبيرة، فاللازم أن يكون الإنسان ملتفتا لهذه الدقة[13] .

وقد أورد عليه: بأنّ المسح غير الغسل؛ وبينهما عموم من وجه،[14] فإنّ المسح عبارة عن مرور الماسح على الممسوح برطوبة ونداوة،[15] وهما أمران متقابلان في الوضوء، ومن هنا جعله الله سبحانه في مقابل الغسل في الآية المباركة:" فاغسلوا وجوهكم وأيديكم... وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم..."؛ فلا يجزئ أحدهما عن الآخر بوجه. [16]

والحق عندي؛ أنّه لابدّ في الفرض المزبور من صدق عنوان الغسل ولو بأحد مراتبه، وإلا ينتقل إلى أحكام الجبيرة والإشكال وارد.[17]

 


[1] كما ذهب إلى ذلك السيّد في العروة ومن تبعه.
[2] المكيال الأوفى في شرح العروة الوثقى، ج5، فصل في أفعال الوضوء، الدرس 151، المسألة 34 في المسح على الحائل لضيق الوقت.
[5] عن أَبِي اَلْوَرْدِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ):" إِنَّ أَبَا ظَبْيَانَ حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَأَى عَلِيّاً (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، أَرَاقَ اَلْمَاءَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى اَلْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: كَذَبَ أَبُو ظَبْيَانَ، أَ مَا بَلَغَكَ قَوْلُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِيكُمْ سَبَقَ اَلْكِتَابُ اَلْخُفَّيْنِ، فَقُلْتُ: فَهَلْ فِيهِمَا رُخْصَةٌ؟ فَقَالَ: لاَ، إِلاَّ مِنْ عَدُوٍّ تَتَّقِيهِ أَوْ ثَلْجٍ تَخَافُ عَلَى رِجْلَيْكَ. (وسائل الشيعة، ج1، ص322، الباب38 من أبواب الوضوء، ح5).
[6] يستحيل.
[7] وهو المسح على أطرافه.
[9] السيّد الحكيم: استحالته على تقديرها لا تكفي في إجراء حكم الجبيرة إذا لم يستحل الدواء المتنجس به. (مستمسك العروة الوثقى، ج2، ص551).
[10] الإمام الخميني: هذا مجرّد فرض، ومع ذلك لا ينفع مع تنجّس الدواء، إلّا إذا فرض استحالته أيضاً وهو مجرّد فرض آخر، ومع تحقّق الفرضين لا يبعد جريان حكم الجرح المكشوف على إشكال، فلا يُترك الاحتياط بضمّ التيمّم، والأحوط منه وضع الخرقة والمسح عليها مع ذلك‌. (العروة الوثقى مع التعليقات).
[11] السيّد الخوئي: بل ينتقل الأمر إلى التيمّم، سواء في ذلك الاستحالة وعدمها‌. (العروة الوثقى مع التعليقات).
[12] السيّد الگلپايگاني: وكان الدواء كذلك أيضاً، وإلّا يبقى على تنجّسه‌. (العروة الوثقى مع التعليقات).
[13] لأنّ السيد اليزدي يعتبر المسح أقل مراتب الغسل، بحيث بينهما عموم من وجه، فمادة إفتراق الغسل هو جريان الماء ومادة إفتراق المسح هو إمرار الماسح على الممسوح، ومادة اشتراكهما هو جريان الماء وإمرار الماسح على الممسوح في نفس الوقت، كصب الماء على الوجه وإمرار اليد عليه في نفس الوقت.
[14] يذهب السيد الخوئي إلى وجود التباين بين الغسل والمسح، والتباين بين الغسل والمسح يكون فيما إذا لم نعتقد بأنّ المسح هو أدنى مراتب الغسل، وأما الذين يقولون بأنّ المسح هو أقل مراتب الغسل؛ كالسيد اليزدي، يعتقدون بأنّ المسح هو الغسل إلا أنه مرتبته النازلة، لذلك يقولون بوجود نسبة العموم والخصوص من وجه بينهما، إلاّ أنّ السيد الخوئي وبتبعه الأستاذ لا يقول بذلك، بل يرجح القول الأوّل، أي وجود التباين بين الغسل والمسح.
[15] والغسل هو جريان الماء.
[17] إذا مسح بحيث يصدق عليه الغسل، كان مجزيا، وإلاّ ينتقل إلى حكم الجبيرة، والإشكال وارد عليه حينئذ. فيضع خرقة ويمسح عليها لينتفي الإشكال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo