< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد مهدی احدی‌

44/12/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /الدرس 131

 

الدرس (131): تابع للمسألة (28)

وأما وجه التيمّم؛ فلعدّة كثيرة من الأخبار، وقد دلّت على أنّ الجريح والقريح إذا أجنب يجب عليه التيمّم فحسب.

منها: صحيحة محمد بن مسلم:" قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ بِهِ الْقَرْحُ وَالْجِرَاحَةُ يُجْنِبُ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ لَا يَغْتَسِلَ، يَتَيَمَّمُ".[1]

ومنها: صحيحة البزنطي عن الرضا (عليه السلام):" فِي الرَّجُلِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ وَبِهِ قُرُوحٌ أَوْ جُرُوحٌ أَوْ يَكُونُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْبَرْدَ، فَقَالَ: لَا يَغْتَسِلُ يَتَيَمَّمُ".[2]

ومنها غير ذلك من الأخبار، وهي متعارضة مع الصحيحتين المتقدمتين؛ أي صحيحة عبد الله بن سنان، حيث قال:" يغسل ما حوله"[3] ، وهي غير مختصّة بالوضوء، بل مطلقة تشمل كلاًّ من الوضوء والغسل. وعليه فهما متّحدان في الجرح المكشوف، حيث يجب غسل ما حوله في كليهما، وقد ذكر في الجمع بينهما وجوه لا بأس للتعرض لبعضها.

وقال السيّد الخوئي بعد ذكر وجوه الجمع: بأنّ الإنصاف أنّ الطائفتين متنافيتين لوحدة المورد فيهما، ومقتضى الجمع العرفي بينهما رفع اليد عن ظاهر كل منهما بنص الآخر، حيث إنّ الطائفة الآمرة بالإغتسال ظاهرة في تعين الغسل وناصة في جوازه، والطائفة الآمرة بالتيمم ظاهرة في تعين التيمّم وناصّة في جوازه، فبنص كل منهما ترفع اليد عن ظاهر الآخر، وتكون النتيجة ما ذكرناه من جواز كل من الغسل والتيمم، وكون المكلف مخيرا بينهما. [4]

وفيه: ما تقدّم أنّ ظاهر أمر الإمام (عليه السلام) في صحيحة الحلبي وجوب الغسل لا جوازه، حيث قال:" اغسل ما حوله"[5] ، وأيضا تقدّم أنّ الشهيد الأوّل صرّح في الذكرى[6] أنّ هذا الأمر مرتبط بالجرح المكشوف، لأنّ المجروح يغسل ما حوله، وساعده المحدث البحراني.[7]

وكذلك الأخبار الآمرة بالتيمم لا تكون ناصة على جواز التيمم من حيث أن ظاهر قول الصادق (عليه السلام):" لا يغتسل ويتيمم"، وجوب التيمم لا جوازه.

والحق عندي؛ ما ذهب إليه شيخنا الأنصاري (قدس سره) واستحسنه عدة ممن تأخر عنه بأن حمل الروايات الآمرة بالتيمم على ما إذا لم يتمكن من الطهارة المائية ويخاف منها الضرر، حيث سئل عن الامام (ع):" أو يخاف على نفسه من البرد"، وحمل الروايات الآمرة بالغسل والطهارة المائية على صورة عدم تضرر المواضع الصحيحة من بدنه بالإغتسال، وحمل الطائفة الآمرة بالمسح على ما إذا لم يخف الضرر من تحصيل الطهارة.

والدليل على هذا الجمع العرفي الإجماع عليه، وهو أقرب الوجوه لما تقدم في صور المباحث للجبائر فراجع.

مضافا إلى ذلك: فإنّ الوجوب التخييري في الخبرين المتعارضين يكون في حالة ما إذا لم يكن جمعا تبرّعيّا عرفيا وجمعا دلاليّا، فمع وجود الجمع الدلالي والجمع العرفي لا يصل الدور إلى الوجوب التخييري، لأنّ الوجوب التخييري ليس وجوبا عقليا. والوجوب العقلي يتعلّق بالمتزاحمين وليس بالمتعارضين، كأن أواجه في مقام الإمتثال حالتين إمّا العمل بوجوب إزالة النجاسة عن المسجد أو العمل بوجوب إقامة الصلاة، هنا يقول العقل بأنّه لا يمكن امتثالهما معا، لأنّه لا يوجد عندك إلاّ قدرة واحدة، فأنت مخيّر. ولكن في باب المتعارضين يكون الوجوب التخييري وجوبا شرعيّا، وذلك لما ورد عن الإمام الصادق (ع) والإمام الحسن العسكري (ع) بما مضمونه:" إذا جاءكم عنا خبران متعارضان فتخيّرا"؛ وعليه يكون الوجوب التخييري وجوبا شرعيّا. وهذا الوجوب التخييري يجري فيما إذا لم يكن الجمع دلاليّا، فإذا كان الجمع دلاليّا فلا يوجد تخيير.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo