< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/12/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /الدرس 135

 

الدرس (135): تابع لفروع استئجار صاحب الجبيرة

الفرع الثاني: قوله (قدس سره): بل لا يبعد انفساخ الإجارة إذا طرأ العذر في أثناء المدّة مع ضيق الوقت عن الإتمام واشتراط المباشرة.

توضيح ذلك: إذا آجر نفسه لصلاة الغير حالكونه سالماً وقادراً على الوضوء التام، ولكن طرء عليه العذر في أثناء مدّة الإجارة ووجب عليه الوضوء مع الجبيرة، فهل يحكم حينئذ بانفساخ العقد أم لا؟

ذهب الماتن (قدس سره) إلى انفساخ العقد فيما إذا كانت المدّة مضيّقة، ولا يبرأ في تلك المدّة واشترط المباشرة؛ لانكشاف عدم قدرة الموجر فتبطل الإجارة بالإضافة إلى المقدار الباقي من العمل، نظير ما إذا آجر نفسه للبناء فوقع في أثناء العمل وانكسرت رجله، ولم يتمكن من الوفاء بالعمل، حيث تنفسخ الإجارة بالإضافة إلى المقدار الباقي من العمل لعدم قدرته على إتمام العمل وتسليم المنفعة، وأما إذا كان مفاد الإجارة تمليك عمل في ذمّته، بحيث تقع الإجارة على العمل الكلّي الجامع بين المباشرة والتسبيب أيضا،[1] بحيث لا يكون شرط المباشرة على نحو التقييد، بل يكون على نحو الأولويّة،[2] تصحّ الإجارة لتمكّنه من العمل بالتسبيب، والعجز يوجب بطلان شرط المباشرة ولا يقتضي بطلان العقد.

إن قلت: لا وجه لصحّة الإجارة مع خيار تخلّف الشرط، لأنّ القدرة على العمل شرط في صحّة الإجارة حدوثا وبقاءً، فكما أنّ الإجارة لو كانت واقعة في حال عجز المكلّف من الوضوء التام، حكمنا ببطلانها، فكذلك طرأ العجز في الأثناء.

قلت: لا يجري خيار تخلّف الشرط في المقام على أيّ صورة، فإذا كانت الإجارة واقعة على عمل نفسه على نحو التقييد وطرأ عليه العذر في أثناء المدّة فقد بطلت الإجارة، لا أنّ له الخيار، لأنّ مفاد خيار تخلّف الشرط فيما إذا كان الشرط في العين المعيّنة وتخلّف الشرط فيها، كما إذا اشترط شراء العبد الكاتب أو الرومي ونحو ذلك، لكنّ البائع عند التسليم سلّمه العبد غير الكاتب وغير الرومي، بخلاف المقام، لعدم وقوع التخلّف من ناحية الموجر، أو إذا كانت الإجارة وقعت على العمل الكلّي، كما إذا باع منّاً من الحنطة في ذمّته بشرط أن تكون من المزرعة الكذائيّة، أو بيع كتاب الجواهر الكلّي على أن يكون طبعه من بيروت، فالشرط راجع إلى تضييق دائرة المبيع ولا يرجع إلى تعليق العقد، بل له ردّه إلى البائع ومطابقته بالمبيع الذي شرطه من مزرعة خاصّة أو من بيروت.[3]

هذا كله مبنيّ على القول بعدم جواز استيجار العاجز عن الوضوء التامّ، كما هو الحقّ، ولكن على مبنى الجواز لا ينفسخ العقد بطروّ العذر، لجواز استيجار العاجز من الأوّل.

الفرع الثالث: ما إذا طرأ العذر في أثناء قضاء الصلوات ويرجو زواله، أي البرء من الجرح أو القرح، فإنّ إتيان الباقي في هذه الحالة لا يخلو عن إشكال، لعدم الدليل على صحّة الوضوء وإباحته للصلاة بالنسبة إلى القضاء الذي وسع زمانه.

الفرع الرابع: ما إذا قصد إتيان الصلاة للغير في حال الوضوء مع الجبيرة تبرّعاً بدون أن يستأجره، ففي كفاية تبرّعه عن الغير إشكال، لعدم مشروعية صلاة المستأجر في حال الوضوء مع الجبيرة للغير، بل إنّما شرّعت بالنسبة إلى الأداء لنفسه ولا للقضاء عن نفسه ولا للغير، إلا إذا ضاق وقت القضاء.

 


[1] . أي لم يشترط عليه مباشرة العمل بنفسه، بل يشمل المباشرة بنفسه وعن طريق غيره، لأنّ المقصود هنا هو نفس إنجاز العمل فقط.
[2] . أي لا يكون العمل مقيّدا بمباشرته نفسه، بل يكون على نحو الأولويّة؛ أي يقدم المباشرة في العمل إلاّ إذا لم يتمكّن بسبب العجز فيستعين بغيره.
[3] . فخيار الشرط لا يقع في هذا المورد، لأنّ الفرق بينه وبين تقييد العمل بالمباشرة هو أنّ خيار الشرط يضّيق دائرة المبيع ويخيّر فيه المشتري بين مواصلة العقد أو فسخه، بينما تقييد العمل بالمباشرة يرجع إلى تعليق العقد على بعض الشروط من طرف البائع أو المؤجّر ولا يخيّر فيه البائع، بل يتعيّن انفساخ العقد مباشرة بعد انتفاء القيد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo