< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /الدرس 138

 

الدرس (138):

إذا اعتقد الضرر ثم تبيّن عدمه:

المسألة (33): إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة، فعمل بالجبيرة، ثمَّ تبيّن عدم الضرر في الواقع‌، أو اعتقد عدم الضرر، فغسل العضو ثمَّ تبين أنّه كان مضرّا، وكانت وظيفته الجبيرة، أو اعتقد الضرر ومع ذلك ترك الجبيرة، ثمَّ تبيّن عدم الضّرر، وأن ّوظيفته غسل البشرة، أو اعتقد عدم الضرر ومع ذلك عمل بالجبيرة ثمَّ تبين الضرر، صحّ وضوؤه في الجميع، بشرط حصول قصد القربة منه في الأخيرتين، والأحوط الإعادة في الجميع‌.

 

فالمسألة ذات صور أربعة: لأنّ المكلّف قد يكون معتقدا للضرر وقد يكون معتقدا لعدم الضرر، وعلى كلا التقديرين قد يعمل باعتقاده وقد يعمل على خلافه، أفتى الماتن (ره) بصحّة الوضوء بشرط حصول قصد القربة منه في الأخيرتين، والأحوط الإحتياط في الجميع. فلنا أن نذكرها مستقلاًّ.

أمّا الصورة الأولى: ما إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة، فعمل بالجبيرة، ثمّ تبيّن عدم الضرر في الواقع، فحكم المصنّف وجمع من الفقهاء بالصحّة، لأجل أنّ موضوع الوضوء مع الجبيرة في النصوص هو خوف الضرر لا الضرر الواقعي، وهو الحقّ عندي، ويتمشّى منه قصد الأمر، فيقع صحيحاً، لكون موافقة الأمر الظاهري يقتضي الإجزاء، كما قرّر في الأصول.

أمّا الصورة الثانية: ما إذا اعتقد عدم الضرر فتوضّأ وضوء تاماً، ثم تبيّن أنّه كان متضرّراً وكانت وظيفته الجبيرة، فهو أيضا صحيح، لعدم تحقق موضوع الجبيرة؛ وهو خوف الضرر، لكون اعتقاد الضرر في الصورتين دخيلاً في وجوب الجبيرة، فلا يكون الموضوع له الضرر الواقعي أو عدمه. كما أشرنا إليه في المسألة الثامنة عشرة.[1]

أمّا الصورة الثالثة: وهي ما إذا اعتقد الضرر فترك الجبيرة، ثم انكشف أنّه لم يكن ضرر في الواقع، وأنّ وظيفته غسل البشرة، فهو أيضاً صحيح، لما مرّ. ولأنّ خوفه لم يكن خوف حقيقة، وبانتفاء الموضوع ينتفي المحمول.[2]

وأمّا الصورة الرابعة: فهي ما إذا اعتقد عدم الضرر فإنّ وظيفته هي وضوء الصحيح، ومع ذلك عمل بالجبيرة ثم تبيّن الضرر، صحّ وضوئه أيضاً، لتحقّق موضوع الجبيرة،[3] فلا وجه لبطلانه.

وبعبارة أخرى:

تارة يكون الإعتقاد طريقيّاً والضرر واقعيّا، فإذا كشف الخلاف هنا يجب عليه الإعادة لبطلان الوضوء، لأنّ موضوع الجبيرة هو الضرر الواقعي والإعتقاد كان طريقا للواقع.

وأخرى؛ إذا كان اعتقاد الضرر هو موضوع الحكم لا طريقا للضرر الواقعي، فالعمل بالإعتقاد هنا مجز في كلاًّ من الصورة الأربعة.

بقي هنا أمور يلزمنا تحقيقها:

الأمر الأوّل: شرح قول السيّد:" بشرط حصول قصد القربة منه في الأخيرتين"؛ لأنّ المتوضئ كان عالماً بأنّ وظيفته الوضوء التام، وبمقتضى الأدلّة الأوّليّة في الوضوء، فإتيانه بالوضوء الجبيري خال عن أمر الشارع وعن قصد أمر تشريعي، فلا يكون مقرّباً، وهذا ممّا لا إشكال فيه، بشرط أن يكون موضوع وضوء الجبيرة هو الضرر الواقعي لا غير، فإنّ قول المصنّف (ره) "وكانت وظيفته الجبيرة"، وقوله:" وأنّ وظيفته غسل البشرة"؛ ظاهران في أنّ موضوع وضوء الجبيرة هو الضرر الواقعي، ولكنّ الحقّ عندي أنّ موضوعه خوف الضرر، بما أنّه خائف، لا الضرر الواقعي، وفي الصور الأربعة نحكم بالصحّة وحصول قصد القربة لوجود الأمر التشريعي للمعتقد والخائف بالضرر حتى في صور التبيّن؛ أي الصورة الرابعة.

 


[1] . الدرس 93.
[2] . بناءً على كون موضوع الجبيرة هو الضرر الواقعي لا خوف الضرر.
[3] . هذا فيما إذا كان موضوع وضوء الجبيرة هو الضرر الواقعي المفروض حصوله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo