< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

44/12/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/أحكام الجبائر /المسلوس /ج2

 

الدرس (141):

أما الإلتزام بالتخصيص في أدلّة اشتراط الصلاة بالطهارة؛ فاللازم منه غير ملتزم، لأنّه موجب لعدم إلتزامهما بالطهارة؛ كالوضوء وغيره من أوّل الأمر، لأنّهما محدثان في أثناء وضوئهما أو بعده قبل الصلاة.

وأمّا الإلتزام بالتخصيص في أدلّة الناقضيّة،[1] فلا دليل عليه؛ أي فلا مخصّص لها، لأنّ المخصّص هو إطلاقات الأخبار الواردة في المسلوس والمبطون للمقام، وهي تدلّ على جواز إيقاع الصلاة لهما مع الحدث، كما استدلّ به المحقّق الأردبيلي (قدّس سرّه)[2] ، إذ الصلاة مع الحدث عذريّة إضطراريّة، لقوله (ع):" إذا لم يقدر على حبسه فالله أولى بالعذر"[3] ، فهذه الصحيحة؛ أي صحيحة منصور بن حازم، نصّ على أنّ المسلوس معذور إذا لم يقدر على حبس بوله، والفروض في الفترة أنّه متمكّن على حبسه، فلا يكون معذوراً، فإطلاق الأخبار ممنوع. ومنه يظهر ضعف ما عن الأردبيلي من التمسّك بإطلاق الأخبار.

وأمّا ما ذكره من ثبوت الخطاب بالصلاة على هذا الحال فهو مخدوش، لعدم شمول الخطاب بالصلاة الناقصة في صورة إمكان إتيان الصلاة التامّة في الفترة الواسعة، ونصوص البدليّة قاصرة عن شمول ذلك الفرض.

وبالجملة؛ فالحقّ ما ذهب إليه المصنّف من وجوب الإتيان بالصلاة في الفترة، فلو أتى بها في غير الفترة بطلت، لعدم كونها مأموراً بها، هذا كلّه في حكم الصورة الأولى حسب مقتضى القاعدة والأخبار.

قال السيّد:" نعم لو اتّفق عدم الخروج[4] والسلامة إلى آخر الصلاة، صحّت إذا حصل منه قصد القربة"؛ كما إذا أتى بالصلاة في أوّل وقتها رجاءً، واتّفق عدم خروج شيء من البول والغائط والريح، فالصلاة صحيحة وإن كانت الفترة إلى آخر الوقت، وقد حصل منه قصد القربة، لأنّها مأمور بها واقعاً، لا في اعتقاده، وإنّما موافقة الأمر الظاهري للواقعي مجز بلا شكّ.

وأيضاً قال:" وإذا وجب المبادرة لكون الفترة في أوّل الوقت فأخّر إلى الآخر عصى، لكنّ صلاته صحيحة"، أمّا وجه العصيان؛ فلأجل أنّ الصلاة في الفترة مأمور بها، ومخالفة المأمور به الواقعي معصية بلا ريب، وأمّا الصحّة؛ فلكون الصلاة لا تسقط بحال من الأحوال، كما يقتضيه تسالم الأصحاب عليه، فلا جرم تجب عليه الصلاة حتّى حال الحدث وغير الفترة، لأنّه لم يكن مصداقاً لتارك الصلاة المذموم في الروايات.

الصورة الثانية: أن لا يكون للمسلوس والمبطون فترة تسع الصلاة والطهارة، ولكن يكون خروج الحدث في مقدار الصلاة لا يزيد على مرّتين أو ثلاث أو أزيد بما لا مشقّة في التوضّؤ في الأثناء، قال السيّد (ره):" يتوضّأ ويشتغل بالصلاة بعد أن يضع الماء إلى جنبه، فإذا خرج منه شيء توضّأ بلا مهلة، وبنى على صلاته من غير فرق بين المسلوس والمبطون، لكنّ الأحوط أن يصلّي صلاة أخرى بوضوء واحد، خصوصاً في المسلوس، بل مهما أمكن لا يترك هذا الإحتياط فيه".

وتنقيح البحث يستلزم أمرين:

الأمر الأوّل: وجوب الوضوء في أثناء الصلاة وعدمه.

الأمر الثاني: جواز الجمع بين الصلاتين أو الصلوات بوضوء واحد أم لا. في نواقض الأحداث الطارئة للمسلوس والمبطون وجواز الجمع بينها.

أمّا الأمر الأوّل: فالحقّ عندي عدم وجوب الوضوء لهما في أثناء الصلاة إذا أحدث، خلافاً للسيّد في المتن، بل يكتفي بوضوء واحد لكلّ صلاة إذا أحدث بين الصلاتين.

أمّا أدلّة التوضّؤ في أثناء الصلاة للمبطون إذا أحدث، فلوجوه:

أحدها: هذا في المبطون أشهر أو المشهور، أو المعظم[5] أو الجماعة[6] ، وفي المسلوس محكياً عن السرائر وجماعة.

ثانيها: تدلّ عليه في المبطون ثلاث روايات، موثّق عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع):" صاحب البطن الغالب يتوضّأ ثم يرجع في صلاته فيتمّ ما بقي"[7] ، ورواية أخرى عنه:" صاحب البطن الغالب يتوضّأ ويبني على صلاته".[8] ورواية ثالثة للمبطون عنه (ع):" سألت أبا جعفر (ع) عن المبطون، فقال (ع): يبني على صلاته".[9]

ثالثها: ما دلّ على شرطيّة الطهارة لأفعال الصلاة، لأنّ الإجماع على عدم قاطعيّة الحدث للصلاة[10] ، وعلى عدم سقوط شرطيّة الطهارة لأفعالها[11] ، والجمع بينهما يقتضي الحكم بالتوضوء أثناء الصلاة إن أحدث.

وفيها إشكالات عديدة:

منها: أوّلاً: لا إعتبار بالشهرة، لأنّها ظنّ، إنّما المهمّ هو الأخبار.

ثانياً: أنّ الرواية الأولى[12] وإن كانت ظاهرة للتوضؤ في أثناء الصلاة، لأنّه قال:" يتوضّأ ثم يرجع في صلاته فيتمّ ما بقي"، إلاّ أنّها معارضة بالرواية الثالثة، لأنّ ظاهر قوله (ع):" يبني على صلاته"؛ عدم اعتنائه بما خرج عنه من الغائط، بل يديم الصلاة ويمضي فيها كما هو المتفاهم العرفي منه، ألا ترى إذا قيل بنى فلان على شيء، يفهم العرف منه أنّه أداته وفعله ولا يتركه، فلا يدلّ على رجوعه في الأثناء والتوضّأ. وعليه تقع المعارضة بينها وبين الرواية الأولى والثانية، الدالتين على الإعتناء بما يخرج منه ومن ثمّ البناء على صلاته.


[1] الأدلة القائلة بانتقاض الوضوء وبطلان الصلاة بالحدث.
[4] عدم خروج الريح أو البول أو الغائط.
[5] أي معظم الأصحاب عليه.
[6] جماعة من الأصحاب.
[10] كما أشرنا سابقا أنّ الإجماع قائم على عدم قاطعية الحدث لصلاة المبطون والمسلوس.
[11] أي أنّ الحكم الأوّلي قائم على أنّ أفعال الصلاة مشروطة بالطهارة.
[12] موثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo