< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الأغسال /انواع الغسل/ الدرس 8

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس (۱): فصل في الأغسال

 

متن العروة الوثقى:" والواجب منها سبعة؛ غسل الجنابة والحيض والنفاس والإستحاضة ومس الميت وغسل الأموات والغسل الذي وجب بنذر ونحوه؛ كأن نذر غسل الجمعة أو غسل الزيارة أو الزيارة مع الغسل، والفرق بينهما أنّ في الأوّل إذا أراد الزيارة يجب أن يكون مع الغسل ولكن يجوز أن لا يزور أصلا، وفي الثاني يجب الزيارة، فلا يجوز تركها، وكذا إذا نذر الغسل لسائر الأعمال التي يستحب الغسل لها‌".

قد تعرض الماتن (قدس سره) إلى ثلاثة أمور:

الأمر الأوّل: والواجب من الأغسال سبعة

والمراد من الواجب في المقام هو الأعم من الواجب الشرطي والواجب الشرعي، لأنّ بعض الأغسال شرطيّ غيري، لاشتراط صحّة بعض العبادات بهذه الأغسال، كغسل الجنابة والحيض والنفاس والإستحاضة ومسّ الميّت، وبعضها شرعيّ نفسيّ، كغسل الأموات.

الأمر الثاني: وجوب الأغسال تارة يكون بعنوانه الأوّلي، كغسل الجنابة والحيض والنفاس والإستحاضة ومسّ الميّت، لأنّها منصوص عليها، فقد صرحت بها الأخبار وبعض الآيات، وتارة أخرى يكون واجبا بعنوان ثانوي، نظير غسل الجمعة أو الزيارة إذ تعلّق بهما النذر، ولا دليل على وجوبهما في الكتاب والسنة إلا في النذر، فكانت هذه الأغسال واجبة بعنوان أنّها متعلّقة للنذر، وإن لم يفعل وتركها، وجبت كفارتان لو تركهما وكفارة لو ترك أحدهما.

الأمر الثالث: أنّ الماتن (قدس سره) تعرّض للفرق بين تعلق النذر بغسل الزيارة وبين الزيارة مع الغسل، بأنّ في الأوّل إذا أراد الزيارة يجب أن يكون مع الغسل، ولكن يجوز أن لا يزور أصلاً، وفي الثاني تجب الزيارة، فلا يجوز تركها، وكذا إذا نذر الغسل لسائر الأعمال التي يستحب الغسل لها. وسيجيء تفصيل الحال في المسألة الأولى.

صور نذر الغسل للزيارة:

المسألة (١): النذر المتعلق بغسل الزيارة ونحوها يتصور على وجوه. الأول أن ينذر الزيارة مع الغسل فيجب عليه الغسل والزيارة، وإذا ترك أحدهما وجبت الكفارة. الثاني أن ينذر الغسل للزيارة بمعنى أنّه إذا أراد أن يزور لا يزور إلا مع الغسل، فإذا ترك الزيارة لا كفارة عليه، وإذا زار بلا غسل وجبت عليه. الثالث أن ينذر غسل الزيارة منجّزا، وحينئذ يجب عليه الزيارة أيضا وإن لم يكن منذورا مستقلا‌، بل وجوبها من باب المقدمة، فلو تركهما وجبت كفارة واحدة، وكذا لو ترك أحدهما ولا يكفي في سقوطها الغسل فقط، وإن كان من عزمه حينه أن يزور، فلو تركها وجبت، لأنّه إذا لم تقع الزيارة بعده لم يكن غسل الزيارة. الرابع أن ينذر الغسل والزيارة فلو تركهما وجبت عليه كفارتان، ولو ترك أحدهما فعليه كفارة واحدة. الخامس أن ينذر الغسل الذي بعده الزيارة والزيارة مع الغسل، وعليه لو تركهما وجبت كفارتان، ولو ترك أحدهما فكذلك، لأنّ المفروض تقييد كل بالآخر، وكذا الحال في نذر الغسل لسائر الأعمال‌.

 

قال السيد (رحمة الله عليه): النذر المتعلق بغسل الزيارة ونحوها يتصور على وجوه.

أقول: والوجه في قوله "وجوه"؛ وعدم تعيينه لأعدادها، أن الصور غير حاصرة الأقسام لإمكان صور أخرى غيرها، لأنّ النذر تابع للمقصود، وهي على أقسام، وحاصلها في نذر غسل الزيارة أنّ المنذور تارة يكون بلا ضمّ شيء إليه؛ أي مطلق، وأخرى يكون مع ضمّ شيء إليه.

أمّا المطلق؛ فهو نذر الزيارة مع الغسل، بمعنى أنّ متعلق النذر أمر واحد، وهو الزيارة لكن مع الغسل، من دون أن يكون الغسل متعلقا للنذر أيضا، بل هو حينئذ من مقدّمات الواجب المطلق، فترك الزيارة بالمرة موجب للكفارة، وهو واضح، وترك الغسل أيضا سبب للكفارة لاستلزامه ترك ما هو منذور، وهو الزيارة مع الغسل، فترك أحدهما أو كلاهما موجب لكفارة واحدة، كما عن الماتن (قدس سره).

ومن هنا ظهر أنّ جعل هذا القسم من أقسام نذر الغسل كما هو المستفاد من المتن مسامحة واضحة، لكونه من أقسام نذر الزيارة والغسل على ما عرفت، مقدمة لها يجب تحصيله، نظير مقدميّة الطهارة للصلاة، هذا ما في الصورة الأولى.

وأمّا الصورة الثانية: ضم الزيارة للغسل، بأن ينذر الغسل للزيارة، لأنّ النذر مشروط بالغسل معلّق على الواجب المشروط، ففي هذا القسم إذا لم يقصد الزيارة، لا يجب عليه الغسل والزيارة، أمّا عدم وجوب الغسل فلعدم تحقّق شرطه؛ وهو إرادة الزيارة، وأمّا عدم وجوب الزيارة فلعدم قصدها بالنذر، نعم لو زار بلا غسل وجبت الكفارة، بخلاف الصورة الأولى التي تعلّق فيها النذر بالواجب، أي الزيارة والغسل مقدمة لها، ولم يتعلق النذر بالغسل، أي لم ينو أني أنذر الغسل للزيارة، بل قال: أنذر الزيارة مع الغسل.

الصورة الثالثة: أن ينذر غسل الزيارة منجّزا؛ يعني أن ينذر الغسل المتعقّب للزيارة، ففي هذا القسم تجب الزيارة بعد الغسل، لا لكونها منذورة مستقلة، بل لكونها مأخوذة في متعلّق النذر مقدّمة، فمع ترك الغسل أو ترك الزيارة بعده تجب عليه الكفارة وتكفي كفارة واحدة بترك أحدهما أو كلاهما، نظير ما عرفت في القسم الأول، بخلاف الصورة المتقدمة، إذ لا يجب عليه الزيارة فيها بعد الإغتسال، لعدم تعلّق النذر بها ولا أنّها قيد له، كما مرّ.

الصورة الرابعة: أن ينذر الغسل والزيارة، فلو تركهما وجب عليه كفارتان، ولو ترك أحدهما فعليه كفارة واحدة، وأمّا وجه الكفارتين، فلأجل أنّ كلاًّ منهما متعلّق لنذره، لغرض تعلق نذره بالمجموع المركّب من الغسل والزيارة على نحو العام المجموعي، بخلاف الصورة الثالثة؛ لعدم كون الزيارة متعلقة للنذر، وإنما كانت قيداً في متعلّقه.

الصورة الخامسة: أن ينذر الغسل بعده الزيارة، والزيارة مع الغسل؛ أي كلّ منهما مقيّدا بالآخر، وعليه لو تركهما وجبت كفّارتان ولو ترك أحدهما فكذلك، لأنّ المفروض تقيّد كلّ بالآخر، فترك أحدهما يوجب مخالفة نذره ونذر المقيّد به، وكذا الحال في نذر الغسل لسائر الأعمال.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo