< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد مهدی احدی‌

45/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الأغسال /غسل الجنابة/ الدرس

 

الدرس (2): فصل في غسل الجنابة

متن العروة الوثقى:" و هي تحصل بأمرين؛ ‌الأوّل: خروج المني، ولو في حال النوم أو الإضطرار، ‌وإن كان بمقدار رأس إبرة، سواء كان بالوطء أو بغيره، مع الشهوة أو بدونها، جامعا للصفات أو فاقدا لها، مع العلم بكونه منيّاً، وفي حكمه الرطوبة المشتبهة الخارجة بعد الغسل مع عدم‌ الإستبراء بالبول، ولا فرق بين خروجه من المخرج المعتاد أو غيره، والمعتبر خروجه إلى خارج البدن، فلو تحرك من محله ولم يخرج لم يوجب الجنابة، وأن يكون منه، فلو خرج من المرأة منيّ الرجل لا يوجب جنابتها إلا مع العلم باختلاطه بمنيها، وإذا شكّ في خارج أنّه منيّ أم لا -اختبر بالصفات من الدفق والفتور والشهوة، فمع اجتماع هذه الصفات يحكم بكونه منيّاً- و إن لم يعلم بذلك ومع عدم اجتماعها ولو بفقد واحد منها لا يحكم به، إلا إذا حصل العلم، وفي المرأة والمريض يكفي اجتماع صفتين، وهما الشهوة والفتور. الثاني الجماع‌: وإن لم ينزل، ولو بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها في القبل أو الدبر، من غير فرق بين الواطئ و الموطوء، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والحي والميت، والإختيار والإضطرار، في النوم أو اليقظة، حتى لو أدخلت حشفة طفل رضيع فإنهما يجنبان، وكذا لو أدخلت ذكر ميت أو أدخل في ميت، والأحوط في وطء البهائم من غير إنزال الجمع بين الغسل والوضوء إن كان سابقا محدثا بالأصغر، والوطي في دبر الخنثى موجب للجنابة دون‌ قبلها، إلا مع الإنزال فيجب الغسل عليه دونها، إلاّ أن تنزل هي أيضا، ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو أنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطئ ولا على الموطوء، وإذا دخل الرجل بالخنثى والخنثى بالأنثى، وجب الغسل على الخنثى دون الرجل والأنثى‌".

 

والماتن (قدس سرّه) تعرّض في المتن لأمور:

الأمر الأوّل: قوله (رحمة الله عليه):" وهي تحصل بأمرين: الأوّل خروج المنيّ ولو في حال النوم أو الإضطرار"؛ والوجه فيه الإجماع، كما عن الخلاف والغنية والمعتبر وغيرها بل عن بعضها إجماع المسلمين والنصوص به متواترة[1] ، الدالة على عدم الفرق بين اليقضة والمنام، فغسل الجنابة بأيّ وجه خرج المني فريضة، كما تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام). [2]

هذا مما لا كلام فيه ولا إشكال، إنّما الكلام في أنّ وجوب غسل الجنابة بالإنزال هل يختصّ بالرجل أو يعمّه والنساء أيضاً، والصواب عدم الفرق في وجوب الغسل عليهما بالإنزال، كالإدخال، وعليه إجماع المسلمين، كما حكى صاحب المدارك.[3] وعن جماعة دعوى الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم (ع)، لكنّ الروايات متعارضة، وهي على طائفتين:

الطائفة الأولى: ظاهرة في عدم الفرق بين الرجل والمرأة؛ وقد يدّعى تواترها.

منها: خبر محمد بن الفضيل، قال:" سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المرأة تعانق زوجها من خلفة فتحرك على ظهره، فتأتيها الشهوة فتنزل الماء، عليها الغسل أو لا يجب عليها الغسل؟ قال: إذا جاءتها الشهوة فأنزلت الماء وجب عليها الغسل"[4] ، وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:" سألته عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل، قال: إن أنزلت فعليها الغسل، وإن لم تنزل فليس عليها الغسل"،[5] ونحوها غيرها.

الطائفة الثانية: روايات كثيرة من صحاح وموثقة، تدل على الفرق بين الرجل والمرأة، وعليه الصدوق في المقنع:" إن احتلمت المرأة فأنزلت فليس عليها شيء"[6] ، كأنّه اعتمد على حمله من النصوص النافية للغسل عن المرأة إذا أنزلت المنيّ، كصحيح عمر بن أذينة:" قلت لأبي عبد الله (ع): المرأة تحتلم في المنام فتهريق الماء الأعظم؟ قال (ع): ليس عليها غسل"[7] ، وغير ذلك.[8]

وصحيحة مسلم الظاهرة في وجوب الغسل بالإدخال أمنت أم لم تمن. فتقع المعارضة بينهما وبين الروايات الدالة على وجوب الغسل بالإنزال على المرأة. ولا مناص إذا من العلاج بين الطائفتين، والمحتملات في الجمع بين الطائفتين ثلاثة:

أحدها: عدم مقاومة الطائفة الثانية للمعارضة لإعراض المشهور عنها، لأنّ الإعراض يوجب الوهن في الرواية وسقوطها عن الإعتبار والحجيّة.

ثانيها: تأويل وجمع الشيخ الحرّ العاملي: أمّا الحمل على الإشتباه أو عدم تحقق كون الخارج منيّا أو الحمل على أنها رأت في النوم أنّها أنزلت لم تجد شيئا كما يأتي أيضا. أو على أنها أحسّت بانتقال المنيّ عن محلّه إلى موضع آخر ولم يخرج منه شيء، فإنّ منيّ المرأة قلّما يخرج من فرجها، لأنّه يستقر في رحمها لما يأتي أيضا، أو على التقيّة لموافقتها لبعض العامة. [9]

وفيه: هذه الروايات النافية خالية عن هذه الوجوه، وهذه الوجوه مخالفة لظاهرها جدا، فلا يعبأ بها ولا قرينة عليها، ولعلّ هذا هو سبب إعراض المشهور عنها.

ثالثها: ما عن بعض الأكابر (قدس) من تقديم الطائفة الأولى على الثانية، وذلك إمّا لأنّ الطائفة الثانية موافقة للعامة على ما نسبه إليهم في الوسائل، وإمّا لأنّها أشبه بفتاويهم، والوجه في ذلك تعابير الأئمّة (عليهم السلام)، وهذه التعابير يؤيّدها، كرواية عبيد بن زرارة:" وقد وضع الله ذلك عليكم، وقال: وإن كنتم جنبا فاطهّروا، ولم يقل ذلك لهنّ"[10] ؛ ولا يمكن إسناد هذا التعبير إلى الإمام (عليه السلام)، لأنّ جميع الأحكام والخطابات الواردة في الكتاب أو أغلبها متوجّهة إلى الرجال، ولازم ذلك عدم تكليفهنّ بشيء مما كلّف به الرجال.

وكذا تعليله (ع) في صحيحة محمد بن مسلم:" لأنّها رأت في منامها أنّ الرجل يجامعها في فرجها، فوجب عليها الغسل، والآخر إنّما جامعها دون الفرج، فلم يجب عليها الغسل، لأنّه لم يدخله"[11] ؛ فهذا أشبه بفتاوى الناس؛ فهو مردود، لأنّ فيه تقيّة.[12]

وفيه: أنّ لازم كلام السيّد الخوئي (ره) أنّ الأئمّة (ع) ذكروا هذه التعابير من باب الإستحسانات والمرسلات، وذلك أشبه بفتاوى العامة، تعالى علوّه عنها، وتنزّهت المقامات العلميّة عن ذلك، بل لكلماتهم حقائق علميّة تُكشف بتكامل العلوم والمعرفة في مجالات الجنين والجنابة والإحتلام. مضافاً إلى أنّ هذه التعابير لا تشبه عبارات التقيّة، بل أغلبها ذات طابع علمي تجربي وغير ذلك.

 


[1] وسائل الشيعة، الباب2 و7 من أبواب الجنابة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo