< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد مهدی احدی‌

45/03/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الأغسال /غسل الجنابة

الدرس (3):

الأمر الثاني: عدم الفرق بين قلّة المنيّ وكثرته.

قال السيد ره:" وإن كان بمقدار رأس إبرة"، أشار (قدس سرّه) لعدم الفرق في حصول الجنابة بخروج المني بين القليل والكثير، وذلك لإطلاق الأخبار، حيث دلّت على أنّ المدار في وجوب غسل الجنابة بالإمناء والإنزال وخروج الماء الأكبر أو الأعظم، فكلما صدق شيء من هذه العناوين، وجب الغسل، قليلا كان الخارج أم كثيرا، فلا دخل للكثرة ولا قدح للقلّة، لعدم شرطيّة الكثرة وعدم مانعية القلة.

وقد يتراءى من بعض الروايات عدم وجوب الغسل عند قلة الخارج من المنيّ؛ كصحيحة معاوية ابن عمّار؛ قال سألت أبا عبد الله (ع):" عن الرجل احتلم، فلمّا انتبه وجد بللاً قليلاً، قال: ليس بشيء إلاّ أن يكون مريضاً، فإنّه يضعف فعليه الغسل".[1] وهي كالقريح؛ في أنّ البلل القليل الذي وجده المحتلم ليس بشيء موجب للغسل.

وفيه: أنّ هذه الصحيحة قد وردت في البلل المشتبه، وقد دلّت على أنّها إذا كانت قليلة لا يوجب الإغتسال، لأنّ القلّة كالقرينة على عدم كونه منيّاً، حيث أنّه لو كان منيّاً لخرج على النمط المتعارف، لا على وجه القلّة، إلاّ في المريض، لأنّه لضعفه قد يخرج منه قليل من المني، فقد وجب عليه الغسل، ومعنى قوله (ع):" ليس بشيء"؛ أنّه لا يحكم بكونه منيّاً.[2]

وليس معنى قول السائل " احتلم"؛ خروج المني في المنام، بل معناه أن يرى الرجل في منامه شيئا، بأن رأى أنّه يواقع زوجته أو امرأة أخرى، وليس بالمعنى المصطلح عليه عندنا؛ أعني خروج المني منه وهو في المنام أو غيره.

الأمر الثالث: عدم الفرق _أيضا_ في حصول الجنابة بخروج المنيّ بين كونه مع الشهوة أو بدونها، سواء كان بالوطئ أو بغيره، وعليه الإجماع المحكيّ عن جماعة، بل عن المعتبر والذكرى: إجماع المسلمين، خلافا لمالك وأبي حنيفة وأحمد، فقد اعتبروا خروج المني مع الشهوة، وقد يظهر ذلك من بعض النصوص.

منها: صحيحة ابن جعفر (ع) عن أخيه موسى بن جعفر (ع)، قال:" سألته عن الرجل يلعب مع المرأة ويقبلها، فيخرج منه المني فما عليه؟ قال: إذا جاءت الشهوة ودفع وفتر لخروجه، فعليه الغسل، وإن كان إنّما هو شيء لم يجده له فتره ولا شهوة فلا بأس".[3]

وهذه الصحيحة كالصريح في اعتبار الشهوة لوجوب الغسل بخروج المني على الرجال. ولها محامل: أحدها: وجوب حملها على التقيّة، كما ذهب إليه جمع من الأساطين، منهم صاحب الوسائل والمحدّث البحراني وتبعهما السيّد الحكيم. وذلك لأنّ الصحيحة موافقة لمذهب الفتاوى العامة.

وفيه: أنّ مخالفة العامة إنّما يكون من المرجحات عند التعارض بين الخبرين، ولا معارض في البين، إذ لا رواية في المسألة تدلّ على وجوب غسل الجنابة على الرجال عند خروج المنيّ بلا شهوة.

نعم للمقام روايات مطلقة تدلّ على وجوب الغسل بالإنزال أو الإمناء أو بمجرد خروج الماء الأكبر والأعظم على ما مرّ ذكرها، فاللازم جريان قاعدة التقييد أو التخصيص، بأن يخصّص المطلقات من الروايات بخروج المنيّ مع الشهوة. فإذا لا ملزم في البين لحملها على التقيّة.


[2] ربّما يقال ما الفرق بين القلّة المذكورة هنا والقلّة المذكورة في صدر البحث، حيث أشار الماتن إلى أنه لا فرق في حصول الجنابة بخروج المني بين القليل والكثير، وقلنا هنا أنّ القلّة قرينة على عدم كونه منيّاً. قلت: أنّ القلّة المذكورة في كلام الماتن مقيّدة بالعلم بالجنابة وكونه منيّاً، فبعد العلم لا فرق بين القليل والكثير، وأمّا القلة المذكور هنا فتتعلق بالبلل المشتبه، والتي تشير القلّة فيه إلى أنّه ليس بمنيّ، لأنّ المني على المتعارف يخرج بكثرة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo