< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /الدرس 18

 

الدرس (11):

وأمّا بالنسبة للسنّة، فقد دلّت على عدم الفرق بين القبل والدبر، الروايات الصحيحة:

منها: صحيحة زرارة المتقدّمة من قول عليّ (عليه السلام):" أتوجبون عليه الحدّ والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء، إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل"[1] .

وهي ظاهرة على أنّ موضوع وجوب الحدّ والرجم والغسل هو عنوان الإدخال، لا الإنزال مع الإدخال.

وفيه: أنّها خارجة عن المقام، لأنّ الخصم سلّم بالنسبة بين ملازمة وجوب الغسل ووجوب الحدّ، لأنّ عمر بن الخطاب رأى التلازم بين الوجوبين، ولأجل رفع الإختلاف بين الأنصار والمهاجرين سأل الامام علي (ع) بأنّ الأنصار تقول أنّ إنزال المنيّ سبب للغسل، والمهاجرون قائلون بأنّ الإدخال سبب له، فأجابه (ع) أنّ الملازمة بين الوجوبين غير قابلة للإنكار، ولا إطلاق للحديث حتى يشمل المقام.

ومنها: إطلاق الأخبار الواردة في أنّ الغسل يجب مع الإدخال أو الإيلاج والملامسة، لأنّ الإدخال يصدق على الإدخال في دبر الغلام أيضا، كصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما (ع):" سألته متى يجب على الرجل والمرأة؟ فقال: إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم"[2] ، وواضح أنّ الإدخال يعم الإدخال في الدبر أيضا.

ومنها: حسنة الحضرمي أو الصحيحة المرويّة في الكافي[3] عن الصادق (ع)، قال رسول الله (ص):" من جامع غلاما جاء جنبا يوم القيامة، لا ينفعه ماء الدنيا"[4] .

وهي ظاهرة على أنّ الجنابة كما تتحقّق بوطء المرأة كذلك تتحقق بوطء الغلام، بل الجنابة الحاصلة بوطء الغلام أشدّ قبحا، حيث أنّها لا ترتفع بماء الدنيا، وإنّما ترتفع بنار الجحيم أو ماء الحميم.

 

وقد يناقش في الدليلين الأخيرين:

بأنّ المطلقات وردت لبيان الكميّة أو الكيفيّة الموجبة للجنابة، فلا تدلّ على أنّ متعلق الإدخال؛ أي شيء؛ امرأة أو غلام، فهي غير ناظرة إليه حتى يتمسّك بإطلاقها، بل دلّت على أنّها تتحقّق بمطلق الإدخال دون التفخيذ وغيره.

وأنّ الجنابة التي لا ترتفع بالإغتسال بماء الدنيا خارجة عن الجنابة المصطلح عليها، التي رتبت عليها أحكام، من وجوب الغسل وحرمة المكث في المساجد ونحوها، فهي جنابة واقعيّة وأمر مغاير مع الجنابة المصطلح عليها، للقطع بأنّ واطئ الغلام إذا اغتسل لصحّت منه الصلاة وغيرها مما يشترط فيه الطهارة من الحدث، فلا دلالة على أنّ الجنابة تتحقّق في وطي الغلام، فالإنصاف أنّه لا دليل على وجوب الغسل عند وطئ الغلام.

ومن هنا ذهب المحقّق إلى نفيه في المعتبر، ومعه لا مناط من الإحتياط والجمع بين المحتملات _مثلا_ إذا كان متطهّرا قبل وطي الغلام فوطأه، فيكتفي بالإغتسال، وأمّا إذا كان محدثا قبله، فبعد الوطي يجمع بين الوضوء والغسل للإحتياط. [5]

وهذه المناقشة غير واردة؛ لأنّ المطلقات موافقة للمشهور ولبعض الروايات، كرواية الصيام: أنّ إتيان الزوجة يوجب بطلان الصيام، وأنت ترى أنّ الإتيان يشمل القبل والدبر، والإختصاص بالقبل مجازفة، وتخصيص بلا مخصّص.

نعم قد أمكن الإستدلال ببعض أحاديث الصيام على عدم وجوب الغسل بالإدخال في دبر المرأة، كمرفوعة البرقي عن أبي عبد الله (ع)، قال:" إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما، وإن أنزل فعليه الغسل ولا غسل عليها".[6]

ومرسلة أحمد بن محمد عن بعض الكوفيين، يرفعه إلى أبي عبد الله (ع):" في الرجل يأتي المرأة في دبرها وهي صائمة، قال: لا ينقض صومها وليس عليها غسل"[7] .[8]

وهذان الخبران لأجل ضعفهما سندا وإعراض المشهور عنهما ساقطان عن الحجيّة، فلا يصلحا للمعارضة.

 


[8] وسائل الشيعة، ج1، ص481، ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo