< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الأغسال /الطهارة فی الطواف

 

الدرس (24): اعتبار الطهارة في الطواف الواجب

الأمر الثاني: اعتبار الطهارة في الطواف الواجب

واعلم أنّ الطواف إمّا واجب أو مندوب، والواجب منه بالأصالة أو بالعرض؛ أعني ما وجب لأجل وجوب الإتمام في الحج. ووجه مندوبيّة الطواف؛ أنّه عبادة في نفسه وله ثواب، وللمكلف أن يأتي الطواف وحده، نظير صلاة تحية المسجد. ولا يلزم ضمّه إلى بقية النسك، ولذا يلزمنا أن نبحث فيه، وذلك أنّ الطهارة من الحدث الأكبر في كلا القسمين من الطواف واجب أم لا؟

أمّا الطواف الواجب؛ فقد دلّت الروايات على اعتبار الطهارة فيه، واعتبار عدم الجنابة فيه؛

منها: صحيحة محمد بن مسلم، قال:" سألت أحدهما عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور، قال: يتوضّأ ويعيد طوافه، وإن كان تطوّعا توضّأ وصلّى ركعتين"[1] .

بتقريب؛ أنّ قول السائل " وهو على غير طهور"؛ يعمّ الغسل والوضوء، وهذا قرينة على أنّ الطواف يعتبر فيه الطهارة عن كل من الحدث الأكبر والأصغر، لكنّ الإمام (عليه السلام) تعرّض لخصوص الوضوء في الجواب، لأنّه الأمر الغالبيّ، فإنّ الطواف من غير غسل لا يتحقّق إلاّ نادراً لحرمة دخول الجنب في المسجد، ولا يتصور ذلك إلاّ في موارد النسيان والغفلة أو الإكراه والإجبار. وهذا نادر بخلاف الطواف من غير وضوء.

هذا وقد علمنا أنّ الجنب على غير وضوء، واشتراط الطواف بالوضوء يستلزم اشتراطه بغسل الجنابة الذي يغني عن الوضوء، وهو أمر آخر.

ومنها: صحيحة معاوية بن عمّار؛ قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):" لا بأس أن يقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلاّ الطواف بالبيت، والوضوء أفضل"[2] ؛ أي في غير الطواف. تدلّ على بطلان الطواف من غير وضوء، ومن البديهي أنّ الجنب ليس على وضوء فعليه الغسل، ولا يلزم الوضوء، لأنّ الغسل يغنيه عن الوضوء، وغير ذلك من الأخبار.

وأمّا بالنسبة إلى الطواف المندوب فاعتبار عدم الجنابة فيه وعدمه اختلاف، فالمشهور بينهم عدم اشتراط الطهارة من الحدث الأكبر فيه.

قال صاحب الجواهر: لو طاف ناسيا مثلا صحّ طوافه للأصل بعد امتناع تكليف الغافل، ولعله المراد من محكي التهذيب «من طاف على غير وضوء أو طاف جنبا، فإن كان طوافه طواف الفريضة فليعده، وإن كان طواف السنّة توضّأ أو اغتسل فصلّى ركعتين، وليس عليه إعادة».[3]

وقد يستشكل؛ بأنّ البراءة لا تجري في المندوبات، وإنّما تجري في الأحكام الإلزاميّة، وذلك لأنّ الرفع في مقابل الوضع، أعني وضع إيجاب التحفّظ والإحتياط، والمستحبات لا يجب فيها التحفّظ والإحتياط بالبداهة حتى يرفع بالبراءة.[4] وهذا حقّ؛ كما قرّر في الأصول.

وأمّا اعتبار الطهارة من الحدث الأكبر في صلاة الطوافين الواجب والمندوب، ولا إشكال في اعتبارها، وذلك لإطلاق أدلّة اعتبارها في الصلاة من الكتاب والسنّة مضافا إلى النصوص الخاصة الواردة في المقام.[5]


[5] وسائل الشيعة، ج9، الباب38 من أبواب الطواف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo