< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/04/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الأغسال /فیما یتوقف علی غسل الصو

 

الدرس (25): مما يتوقف على الغسل الصوم

الأمر الثالث: مما يتوقف على الغسل الصوم

صوم شهر رمضان وقضاؤه؛ ‌بمعنى أنّه لا يصح إذا أصبح جنبا متعمدا أو ناسيا للجنابة، وأما سائر الصيام ما عدا رمضان وقضائه، فلا يبطل بالإصباح جنبا، وإن كانت واجبة، نعم الأحوط في الواجبة منها ترك تعمّد الإصباح جنبا، نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار تبطل جميع الصيام، حتى المندوبة منها، وأمّا الإحتلام فلا يضرّ بشي‌ء منها حتى صوم رمضان‌.

وفي المقام أربعة مسائل:

المسألة الأولى: لا يصح صوم شهر رمضان إذا أصبح جنبا متعمداً أو نسياناً للجنابة، وهو المشهور بين الأصحاب، بل دعوى الإجماع عن جماعة، من الطوسي[1] والعلامة[2] وابن ادريس[3] ، وعن صاحب الجواهر (قدس سره): يمكن دعوى تواتر نقله، وأنّ الحكم فيه من القطعيات. [4]

ولم ينقل الخلاف في المسألة من المتقدمين، إلاّ الصدوق، حيث أنّه أورد رواية في المقنع، وتوهّم دلالتها على عدم اعتبار الطهارة من الحدث الأكبر في شهر رمضان.[5]

وعن المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد التردّد في المسألة والميل إلى عدم الإعتبار، وفي الحدائق عن المحقق الداماد في رسالته الموضوعة في مسائل التنزيل، اختيار عدم اعتبار الطهارة من الحدث الأكبر في صحّة الصوم صريح.

والعمدة فيها النصوص؛ وهي على طائفتين: الأولى ما وردت في مورد النسيان ونحوه، والثانية ما وردت في مورد العمد.

أمّا الطائفة الأولى: فهي ظاهرة على عدم صحّة الصوم، كصحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام):" [6] عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج رمضان؟ قال(ع): عليه أن يقضي الصلاة والصيام".[7]

ومنها صحيحة معاوية بن عمار، قال:" قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الرجل يجنب في أوّل الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان، قال: ليس عليه شيء. قلت: فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح، قال: فليقض ذلك اليوم عقوبة".[8]

تقريب الإستدلال: أنّ ظاهرها سببيّة النوم، لبطلان الصوم لبقاء الصائم على الجنابة، وهو يوجب بطلانه، ولا فرق في البقاء على الجنابة نسياناً أو نائماً، والصيام [9] على بقاء الجنابة باطل على كل حال.

ومنها: رواية إبراهيم بن ميمون، قال:" سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان، ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان، قال: عليه قضاء الصلاة والصوم".[10]

وقد دلّت على أنّ الصوم يبطل بنسيان الجنابة، وعليه قضاء الصلاة والصيام، والإصباح جنباً بغير عمد يوجب بطلان الصوم وقضاؤه. ويستفاد منه حكم ما إذا تعمّد البقاء على الجنابة، فإنّه يوجب البطلان بالأولويّة.

أمّا الطائفة الثانية: فالنصوص الدالّة على بطلان الصوم في مورد العمد كثيرة فراجع.[11]

لكن يعارضها روايات أخرى؛ كالصحيح عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام):" كان رسول الله (ص) يصلّي صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب ثم يؤخّر الغسل متعمّدا حتى يطلع الفجر".[12]

ومثل ذلك صحيحة حمّاد بن عثمان:" أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أجنب في شهر رمضان من أوّل الليل، وأخّر الغسل حتى يطلع الفجر، فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجامع نساءه من أوّل الليل، ثم يؤخر الغسل حتى يطلع الفجر، ولا أقول كما يقوله هؤلاء الأقشاب، يقضي يوما مکانه"[13] .

وفي صدور الرواية وجوه تنقضه، ونقطع من هذه الوجوه بعدم صدور الرواية، وبذلك طرحها جمع من الفقهاء الكرام.

الوجه الأوّل: أنّا نقطع بوجوب صلاة الليل على رسول الله (ص) وهو من خصائصه، وهي مشروطة بالطهارة، ولا يمكنه والحال هذه أن يبقى جنباً إلى طلوع الشمس، ولا يجب التيمّم لعدم فقدان الماء ولعدم كونه عاجزاً من الطهارة المائية.

الوجه الثاني: أنّ النبي (ص) منزّه عن فعل ذو حزازة ومنقصة بلا شبهة، وإذ هو في الدرجة العليا من الطهارة والمرتبة القصوى من العصمة والقرب بالله العظيم، وإنّما البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان لو لم يكن محرّماً مبطلا للصوم، لا أقل أنّه مكروه، وكيف يصدر المكروه من النبي (ص) طول حياته، ویکون من عادته أن يجامع نسائه ويبقى على الجنابة إلى طلوع الفجر.

الوجه الثالث: أن قوله (عليه السلام):" ولا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب يقضي يوماً مكانه"؛ طعن على هؤلاء الأقشاب القائلون بحرمة البقاء ووجوب قضاء صوم شهر رمضان، إذا أجنب نفسه في ليله.

قال الطريحي: الأقشاب جمع قشب، بكسر الشين المعجمة ككتف، وهو من لا خير فيه من الرجال، يقال رجل قشب؛ أي لا خير فيه. ولا ندري من مراد الإمام (عليه السلام) بالأقشاب؟ عليّ والشيعة، القائلون بحرمة البقاء ووجوب القضاء؛ لما مرّ من أنّه متّفق عليه بينهم، ولم ينقل الخلاف في ذلك عن أحد من أصحابنا سوى الصدوق.

ولا ندري كيف وصفهم الإمام بالأقشاب؟ وهذه الوجوه قرينة بعدم القطع بصدور الرواية، وبذلك تكون مطروحة. ولو تقبلناها فهي محمولة على التقية، حيث ذهب القوم إلى عدم حرمة البقاء وعدم وجوب القضاء، أو محمولة على الإستفهام الإنكاري الإبطالي، بتقدير "الهمزة" في قوله (ع) كان رسول الله (ص)، فمعناه: أكان رسول الله (ص). فهو (ع) كان بصدد بيان الإستفهام الإنكاري لا الإخباري.

ونتيجة ذلك كلّه: أنّ هذه الصحيحة لا تدلّ على جواز البقاء وعدم وجوب القضاء.

بناء على هذا، الطائفة الثانية من الروايات سليمة عن معارضة أمثال هذه النصوص، لعدم القطع بصدورها أو محمولة على التقيّة فيؤخذ بما هو المشهور أو المجمع عليها، وهي الروايات المتقدّمة الدالة على حرمة البقاء ووجوب القضاء.

فتحصّل: أنّ صحّة صوم شهر رمضان مشروط بغسل الجنابة، بحيث إذا أصبح جنباً متعمّداً أو ناسياً، يحكم ببطلانه وقضائه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo