< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/الأغسال /مس الکتاب/ الدرس 37

 

الدرس (30): فصل فيما يحرم على الجنب

الأمر الثاني: حرمة مسّ اسم الله تعالى وسائر أسمائه وصفاته المختصة للجنب

أقول: وقد عرفت في الوضوء عدم ورود خبر في حرمة مسّ اسم الله تعالى على المحدث بالحدث الأصغر، وإنّما الفتوى بعدم جواز المسّ صدق عنوان "الهتك"، وأنّه مناف لعظمته، لوجوب تعظيم الله علينا.

وأمّا مسّ الجنب لاسم الله تعالى، فإنّ حرمته إجماعي، بل ضرورة المسلمين، وإن ورد في كلام قدماء أهل السنّة أنّه مكروه، إلاّ أنّهم ادعوا أنّ الكراهة في اصطلاحهم تطلق على الحرمة.

وتدل عليها موثّقة عمّار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام):" لا يمسّ الجنب درهماً ولا ديناراً عليه اسم الله".[1]

لكنّ موثّقة إسحاق بن عمّار قد دلّت على جواز مسّه، عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال:" سألته عن الجنب والطامث يمسّان بأيديهما الدراهم البيض؟ قال: لا بأس".[2]

والجمع بينهما؛ إمّا بحمل المنع على الكراهة وهذا جمع عرفي وإمّا الحكم بعدم تعارضهما لتعدّد الموضوع، لكون موضوع المنع في موثّقة عمّار مسّ اسم الله المكتوب على الدرهم حتى يشمل موضعهما الخاليان عن لفظ الجلالة، فيقيّد إطلاقها بما في موثّقة عمّار بن موسى من التقييد.

ولعل المسائل توهم أنّ الموضع الخالي من الدرهم والدينار عن اسم الله تعالى مسّه ممنوع، لاشتمالهما عليه، فقال (ع):" لا بأس"؛ معناه أنّه لا منع في مسّ الدرهم أو الدينار مطلقاً، بل المنع إنّما هو في مسّ ما عليه من اسم الجلالة، كما ذهب إليه السيّد الخوئي (ره).

وأمّا حمل قوله (ع) "لا بأس"، بما إذا لم يكن على الدراهم البيض اسم الله تعالى، وحمل قوله (ع) " لا يمسّ الجنب درهما"؛ على ما إذا كان عليها شيء من ذلك، كما ذهب إليه الشيخ.[3]

وأمّا بحمل قوله "لا بأس" على مسّ غير الكتابة من الدرهم، وحمل المنع على مسّ الكتابة منه كما في طهارة شيخنا الأعظم (ره).

أمّا الروايات الأخرى: فمنها رواية أبي الربيع عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الجنب يمسّ الدراهم وفيها اسم الله واسم رسوله؟ قال:" لا بأس، ربما فعلت ذلك".[4] نقله المحقّق (ره) في المعتبر عن كتاب الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير عن أبي الربيع.

وقد اضطرب الحديث من حيث خالد وأبي الربيع. فذهب السيّد الخوئي (ره) في رجاله إلى مدحهما ووثاقتهما. وفي كتاب الفقه إلى تضعيفهما. [5]

وقد ادعى أنّ حسن بن محبوب الواقع في سندها من أصحاب الإجماع، وهو لا يروي إلاّ عن ثقة، كما عن السيّد الحكيم في مستمسكه فقد أوهنه الخوئي (ره) بعدم الدليل عليه، لأنّه لو روى الحسن عن مجهول أو ضعيف لم يعتمد على روايته. [6]

وهو بعيد؛ لأنّ له كتبا كثيرة، منها كتاب المشيخة، وله طرق متعدّدة معتبرة، كما ذكرت في الفهرست للشيخ، ولا طريق له إلى مجهول أو ضعيف، وطريق الشيخ إلى الحسن صحيح، فما ادعى الخوئي (ره) غير وجيه، ولذا صحّحه في رجاله.

مضافا إلى أنّ هذا المتن ورد في صحيحة إسحاق بن عمّار، وفيما رواه المحقّق عن جامع البزنطي المتقدّم، كما تقدّم ذكره عن كلام الشهيد في الذكرى.

وأمّا نفي التعارض من وجوه:

الوجه الأوّل: أنّ الشيخين أعرضا عن رواية أبي الربيع، وكذا من تأخّر عنهما أعرضوا عنها. والإعراض يوجب وهن الرواية، فلا يعمل بها، كما ذهب إليه السيّد الحكيم.

الوجه الثاني: أنّه لا معارضة بينهما؛ حيث أنّ الموثّقة ظاهرة بمناسبة الحكم وموضوعه، وبقرينة اشتمالها على لفظة "على" الظاهرة في الإستعلاء في إرادة نفس لفظ الجلالة، ولا يفهم منها عند إلقائها إلى العرف إرادة مسّ الدرهم من غير مسّ الإسم، وهاتان الروايتان ظاهرتان في إرادة مسّ نفس الدرهم الأعمّ من اشتماله على الإسم وعدمه، كما إذا مسّ الموضع الخالي من الكتابة، فتقيّد بإطلاقهما بالموثّقة، ونحملها على إرادة مسّ الدرهم في غير الموضع المشتمل على الكتابة. [7]

الوجه الثالث: ذهب بعضهم إلى أنّهما يتعارضان فيجمع بينهما بحمل الموثّق على الكراهة؛ كما هو الحال في جميع موارد الجمع الدلالي، حيث يرفع اليد عن ظاهر كلّ من المتعارضين بنصّ الآخر، لكون قوله (ع) "لا بأس"؛ ظاهرا في الإباحة ونصاً في الجواز، بخلاف النهي في الموثّقة، لأنّه ظاهر في الحرمة ونصّ في عدم المحبوبيّة والمبغوضيّة، فترفع اليد عن ظاهر الحرمة بنص "لا بأس" وحملها على الكراهة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo