< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/الأغسال /التبیین فی الاسماء/ الدرس 38

 

الدرس (31): التبيين في أسماء الله وصفاته

أسماء الله وصفاته توقيفية، لا يصدر عن غير الله تعالى، لقوله تعالى:" ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾[1] وقد جعلها الله مشتركاً معنوياً بين ذاته المقدّسة وبين غيره، كالقادر والرازق والعالم، وإذا كانت قرائن صارفة صرفها عن الله تعالى، فلا إشكال في جواز مسّها، وإلاّ فلا يجوز مسّها، والقرائن إمّا خارجيّة وإمّا داخليّة.

وأمّا القرائن الخارجية؛ فالقرآن والأدعية تصرفها عن استعمالها بغير الله عز وجل، وأمّا القرائن الداخلية فقصد المتكلّم والكاتب من استعمال الأسماء، مثل أنّه قصد من "القادر" طبيعة القدرة لا مصداقه المعيّن، فإذا قصدت من لفظة "هو" الضمير المتّصل، فجواز مسّها واضح، ولكن إذا قصدت منها اسم ذات الله عزّوجلّ، فلا يجوز مسّها.

وأمّا الإشتراك اللفظي بينها فلا يتصوّره، لأنّ أسماء الله وصفاته توقيفيّة، والإشتراك خلاف التوقيفيّة، فما قيل "وأمّا إذا كانت اللفظة مشتركة بينه وبين غيره اشتراكا لفظيا؛ بأن يحمل له بوضع ويحمل لغيره بوضع عليحدة" [2] ؛ غير صحيح، ولذا اضطرب في ذكر المثال بقوله: كما إذا جعل اسم ولده الله، ولو عناداً، وغفل عن أنّه مستلزم لغير توقيفيّة أسماء الله، لأنّ الله اسم الذات، ولا يقع علما لغير الله، ولا يقبل وضعاً آخراً، وهو أمر واضح عند المتكلمين والمفسرين والفقهاء، حشرهم الله مع الأئمة (عليهم السلام).

نعم؛ لا فرق بين حرمة مسّ اسم الله بين كونه عربيّاً وكونه من سائر اللغات، لأنّ قوله (ع):" لا يمسّ الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله"؛ مطلق وتقييده بالعربية بلا مقيّد. نعم؛ لابدّ لأصل اللسان وضع الخاص لا المطلق، لجواز مسّ مطلق ما دلّ على الذات المقدّسة ولو بالقرائن.

 

الأمر الثالث: حرمة مسّ أسماء الأنبياء والأئمة (ع)

والدليل على حرمة مسّها أمور:

الأوّل: الشهرة الفتوائيّة؛ لكنّها غير معتبرة عند المتأخّرين، والحقّ أنّ الشهرة الفتوائية حجّة إذا كانت على ذكر السبب والمسبّب، بأن يقال: مسّ أسماء الأنبياء والأئمّة من الجنب حرام؛ للإجماع والشهرة.

الثاني: الإجماع على حرمتها؛ لما عن ابن زهرة في الغنية؛ ولا دليل على اعتبار الإجماع المنقول؛ كما قرّر في الأصول.

الثالث: مسّ الجنب لأسمائهم (ع) خلاف تعظيم شعائر الله، "﴿ومن يعظم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب﴾".[3]

وفيه: أنّه لا يتمّ؛ إذ التعظيم له مراتب، وليس واجباً بجميع مراتبه. وإن كانت مراتبه جميعاً واجبة؛ لما جاز اجتياز الجنب من الصحن الشريف، ولا مسّه لحائط الصحن، لأنّه خلاف تعظيم الشعائر.

فالحق؛ عدم حرمة مسّ أسماء الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) جنباً، إلاّ أن يستلزم هتكاً، فإنّ المسّ محكوم بالحرمة حينئذ؛ ولذا قال السيّد (ره): الأحوط ترك المسّ؛ لأنّه حسن بقوله (ع): أخوك دينك.

 

حرمة دخول المسجدين:

الأمر الرابع: من المحرمات دخول المسجدين؛ أي المسجد الحرام ومسجد النبي (ص)، وإن كان بنحو المرور، دون بقيّة المساجد، لعدم حرمة مرور الجنب فيها، وهو وجه الإمتياز بين المسجدين وبقية المساجد. والمسألة متسالم عليها بين الأصحاب، وتدلّ عليه النصوص الكثيرة؛ نذكر بعضها:

منها: صحيحة جميل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال: لا، ولكن يمرّ فيها كلّها، إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول (ص). [4]

ومنها: صحيحة محمد بن مسلم، قال:" قال أبو جعفر (عليه السلام) في حديث الجنب والحائض: ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ولا يقربان المسجدين الحرمين".[5]

ويتفرع عليها؛ أوّلا: إذا أجنب في أحد المسجدين الحرمين يجب التيمّم والخروج فوراً، وذلك لحرمة المرور، وذلك لصحيحة ابن حمزة، قال:" قال أبو جعفر (عليه السلام) إذا كان الرجل نائماً في المسجد الحرام أو مسجد الرسول (ص) فاحتلم فأصابته جنابة، فليتيمّم، ولا يمرّ في المسجد إلاّ متيمّماً ولا بأس أن يمرّ في سائر المساجد، ولا يجلس في شيء من المساجد".[6]

وثانيا: مطلق الكون حرام فيهما، وبذلك يحرم دخول المسجدين بصدق الكون، ويدلّ عليه حسن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث الجنب والحائض، ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ولا يقربان المسجدين الحرمين. [7]

ثالثا: لو فرضنا أنّ التيمّم أكثر زماناً من الخروج الفوري، لأنّه كان قرب باب المسجدين، ولا يحتاج خروجه منها إلاّ زماناً قصيراً بخطوة، أو أمكنه الإغتسال في المسجد في زمان أقلّ من زمان التيمّم، فلا يجب التيمّم، بل يجب العمل بأقلّه زماناً، فلا جمود على مورد الصحيحة المتقدّمة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo