< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/الأغسال /حرمة المکث فی المساجد/ الدرس 039

 

الدرس (32): حرمة المكث في المساجد

الأمر الخامس: المكث في سائر المساجد، بل مطلق الدخول فيها على غير وجه المرور حرام. ويدل عليه الكتاب والسنّة:

أمّا الكتاب؛ فقول الله عز وجل:"﴿لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلاّ عابري سبيل حتى تغتسلوا﴾".[1]

والمراد من الصلاة هو مكان الصلاة، وهو المسجد لا نفسها، بقرينة قوله " إلاّ عابري سبيل"، إذ لا معنى للعبور إلاّ عن مكان الصلاة لا نفسها، وعليه فالآية تدلّ على حرمة المكث في المساجد، بل الدخول فيها على غير وجه المرور. وقد تمسّك بالآية محمّد بن علي أبو جعفر (ع) قال:" الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلاّ مجتازين، إنّ الله تعالى يقول: ولا جنباً إلاّ عابري سبيل".[2]

وأمّا السنّة فقد كانت روايات كثيرة تدلّ على حرمة المكث في المساجد وجواز المرور، لكنّ الروايات متعارضة، بعضها تدلّ على الكراهة، وهي:

منها: رواية أنس بن محمد، عن أبيه عن جعفر بن محمد، عن أبائه (عليهم السلام) في وصيّة النبيّ (ص) لعليّ (ع): إنّ الله كره لأمّتي العبث في الصلاة إلى أن قال: وإتيان المساجد جنباً. [3]

ومنها: رواية محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) ستة كرهها الله لي، فكرهتها للأئمّة من ذريّتي، ولتكرهها الأئمّة لأتباعهم، العبث في الصلاة، والمنّ بعد الصدقة، والرفث في الصوم، والضحك بين القبور، والتطلّع في الدور، وإتيان المساجد جنباً. [4]

ظاهرتان على أنّ إتيان المساجد جنباً مكروه، فتقع المعارضة بينهما وبينما تقدّم من الصحاح، الدالّة على حرمة إتيان المساجد جنباً. منها صحيحة جميل المتقدّمة، ومنها صحيحة محمد بن مسلم، ومنها صحيحة أبي حمزة، حتّى الآية الشريفة.

وبهاتين الروايتين ذهب سلاّر إلى كراهة دخول الجنب في المساجد جنباً، وإلى استحباب ترك قرب المساجد جنباً.[5]

ويمكن رفع التعارض بأنّ الكراهة في الروايات إنّما هي بمعنى الحرمة، لأنّ المعنى اللغوي للكراهة هو المبغوضيّة وعدم طيب خاطرهم عليهم السلام، وليست هي بمعنى الكراهة المصطلحة عند الفقهاء، ويشهد به؛ أنّ جملة من المذكورات في الرواية من المحرمات، كالرفث إلى النساء في نهار شهر رمضان والمنّ بعد إعطاء الصدقة، لكونه إيذاءً وإساءةً، والتطلّع على الدور.

ومنها: صحيحة محمد بن القاسم، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الجنب ينام في المسجد، فقال: يتوضّأ ولا بأس أن ينام في المسجد ويمرّ فيه. [6]

فإنّها ظاهرة على جواز النوم في المساجد جنباً، وقد أورد عليه بوجوه:

الوجه الأوّل: بضعف السند؛ لأنّ محمد بن القاسم مشترك بين جماعة من الثقات والضعاف. ولعلّ المذكور في السند يحتمل الإنطباق على الضعاف، فلا تكون قرينة على تصحيحه.

وفيه: أنّ الإنطباق بالحمل الأوّلي ينطبق على الثقات والإنطباق على الضعيف، والإنصراف عن الثقات يحتاج إلى قرينة، لأنّ محمد بن القاسم بن الفضيل وابن المثنى ثقتان، وثّقهما النجاشي، وهما متّحدان، وله عدة روايات في الكتب الأربعة، فلم ترد من ابن المثنى رواية، حتى رواية واحدة، بعنوان محمد بن القاسم، وهذا دليل على اتحاده.

الوجه الثاني: إعراض الأصحاب عنها دليل على عدم حجيّة ظاهرها، حتى قال المحقّق في المعتبر "أنّ الصحيحة متروكة العمل عند الأصحاب، ولا عامل لها ولا واحداً، حتى الصدوق (قدس سره)، حيث قال:" ولا بأس بأن يختضب الجنب ويجنب وهو مختضب ويحتجم ويذكر الله، ويتنوّر، ويذبح، ويلبس الخاتم، وينام في المسجد، ويمرّ فيه"[7] ، والعبارة خالية عن التقييد بالوضوء، وهذه قرينة على عدم اعتماد الصدوق (قدس سره) بهذه الرواية.

 


[5] المراسم العلوية والأحكام النبوية، العلامة، ج1، ص250.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo