< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /محرمات الجنب/ الدرس 40

 

الدرس (33): مرور الجنب في المساجد

قال السيد (ره): وأمّا المرور فيها بأنّ يدخل من باب ويخرج من آخر، فلا بأس به.

ويدلّ عليه الآية الشريفة، لأنّ ظاهر "عابري سبيل"؛ هو العبور من طريق إلى طريق آخر، وجعل المسجد طريقا، فلا يصدق العبور بالدخول والخروج من باب واحد.

والنصوص الواردة استثنت ثلاثة عناوين:

أحدها: عنوان المرور، كما في صحيحة جميل، بقول الصادق (عليه السلام):" ولكن يمرّ فيها كلّها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول (ص) [1] وكذا في غيرها من الأخبار.

ثانيها: عنوان الإجتياز، كما في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم، بقول الباقر (ع):" لا يدخلان المسجد إلا مجتازين".[2]

ثالثها: عنوان المشي في المسجد في مقابل الجلوس فيه، وهي رواية جميل عن أبي عبد الله (ع)، قال:" للجنب أن يمشي في المساجد كلها، ولا يجلس فيها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول (ص)". [3]

وأما المرور؛ فلا يبعد أن يكون متّحداً مع الاجتياز من حيث الطريق، والاجتياز؛ جعل المسجد طريقاً ومعبراً، بأن يدخل من باب ويخرج من باب آخر. وأمّا إذا دخل من باب واحد وخرج منه أو بيمين الباب وبشماله، فلا يصدق عليه المرور والاجتياز.

والمشي غير الإجتياز والمرور، لأنّ المشي في مقابل الجلوس، والاجتياز والمرور في مقابل المكث والتوقّف، وبينهما التباين لا العموم من وجه، كما ادعى السيّد الخوئي في تنقيحه.

واللازم؛ إمّا حمل المشي على الاجتياز والمرور، لعلّ الإمام (عليه السلام) أراد من المشي المرور والاجتياز، وإمّا بمناقشه السند، لأنّها ضعيفة بوجود سهل بن زياد الآدمي، فإنّه ضعيف لعدم ثبوت وثاقته.

 

دخول المسجد جنبا بنية الأخذ:

قال السيّد (ره): وكذا؛ أي لا بأس، بالدخول بقصد أخذ شيء منها، فإنّه لا بأس به.

أمّا الأخذ؛ فلا خلاف في جوازه ظاهراً، بل عن العلاّمة (قده):" وهو مذهب علماؤنا"[4] ، وتدلّ عليه النصوص:

منها: صحيحة عبد الله بن سنان، قال:" سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: نعم، ولكن لا يضعان في المسجد شيئا".[5]

ومنها: صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام):" الحائض والجنب يأخذان من المسجد ولا يضعان فيه شيئا، قال زرارة: قلت له فما بالهما يأخذان منه ولا يضعان فيه؟ قال لأنّهما لا يقدران على أخذ ما فيه إلاّ منه، ويقدران على وضع ما بيدهما في غيره".[6]

فإنّ ظاهرهما تحليل الأخذ من حيث هو في قبال تحريم الوضع، فإنّ حكمة الأخذ؛ أنّ الجنب أو غيره لا يتمكّن من أخذ متاعه الذي في المسجد إلاّ بالدخول فيه غالباً، كما أنّه وغيره متمكّن غالباً من وضع متاعه في مكان آخر غير المسجد، فلا يضطرّ إلى الدخول فيه، ولا إشكال فيه.

إنّما الإشكال؛ في أنّ الظاهر هو أنّ حرمة الوضع والأخذ توجب الدخول المحرّم، فكيف يفصل بينهما؟ وما الدليل على التفصيل؟ وأنّ الفرق المذكور في الرواية إنّما يستفاد منه الفرق بملاحظه تحقّق الدخول المحرّم في كليهما، سواء وضع المتاع في المسجد أم أخذه، تحقّق الدخول المحرم. لكنّ المسألة مشكلة، وهي أنّ الوضع لا يكون محرّماً مطلقاً، بل مع الدخول في المسجد فقط.

وحل الإيراد؛ أنّ حرمة الوضع وجواز الأخذ لا يستندان إلى أنفسهما، بل يستندان إلى الدخول، لأنّ الأخذ بلا دخول لا ينظر كأخذ المتاع من الخارج عن طريق القدرة وغيرها، ولا يكون الوضع في ذاته محرّم، وإن كان كذلك؛ يستلزم حرمة الوضع من خارج المسجد إلقاءً.

وبذلك نعلم أنّ ملاك حرمتهما؛ أي الدخول والمجوّز للأخذ، أنّ الأخذ إذا لم يستلزم المكث مُجَازٌ، كما قال به خبر صحيحة محمد بن مسلم وزرارة.

ولكنّ السيّد الخوئي ذهب إلى أنّ حرمة الوضع وجواز الأخذ مستندان إلى ذاتيهما، وذلك لأنّه الظاهر من صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم، لأنّه (عليه السلام) قد بيّن حكم الدخول قبل ذلك، وأنّه محرّم إلاّ على نحو الاجتياز، ثمّ بيَّن جواز الأخذ وحرمة الوضع، فمنه يظهر أنّ جواز الأخذ ليس من جهة جواز الدخول، وكذا حرمة الوضع ليست مستندة إلى حرمة الدخول، لتقدّم حكم الدخول حرمةً وجوازاً، فلا وجه لإعادته. فليس حرمة أحدهما وجواز الآخر إلاّ مستندين إلى أنفسهما، وبه يصحّ الحكم بحرمة الوضع مطلقاً، وإن كان من غير دخول.[7]

وهو بعيد جداً، لعدم حرمة الوضع من طريق الإلقاء والأسباب الإلكترونيّة[8] ، وغير ذلك. بل الحرمة مستندة إلى الدخول. واستثني منه حرمة الدخول لجهة أخذ المتاع، فافهم.

 


[8] مثل إرسالها عن طريق الطائرات المروحية الصغيرة (الكوادكوبتر) أو عن طريق سيارات التحكم عن بعد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo