< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /حرمة المکث/ الدرس 41

 

الدرس (34): حرمة المكث في المشاهد المشرفة

الأمر السادس: إلحاق المشاهد بالمساجد

قال السيّد (ره): والمشاهد كالمساجد في حرمة المكث فيها.

توضيح ذلك: اختلف الفقهاء في إلحاق المشاهد بالمساجد أو بالمسجدين. وذهب جماعة إلى إلحاقها بالمساجد لوجوه:

منها: أنّ روح المسجدية وحقيقتها التي هي شرافة المكان، وكونها محلّ العبادة وتحصيل التقرّب؛ موجودة في المشاهد المشرّفة على نحو أكمل وأتمّ، فيحرم المكث فيها أيضا كما يحرم في المساجد.

وفيه: أنّ أحكام المساجد إنّما تترتّب على عنوان المسجديّة دون روحها وحقائقها، وواضح أنّ عناوين المشاهد مغايرة لعناوين المساجد، فلا تسري أحكام المساجد إلى المشاهد إلاّ بدليل، فعليك التحقيق حوله، وعلينا أيضا التحقيق.

ومنها: أنّ عنوان التعظيم في قوله تعالى:" ﴿ومن يعظّم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب"﴾؛ يصدق على المشاهد، لأنّ تعظيمها واجب وترك المكث جنبا داخل تحت التعظيم، فهو أيضا واجب.

وفيه: أنّ التعظيم من الأمور المشكّلة ذوات المراتب، ولا دليل على إدراك جميع مراتبه، غاية الأمر أنّه أمر راجح مندوب، إلاّ أن يصدق الهتك عند الدخول في المشاهد، فلا يجوز دخوله من هذا الحيث، وهذا أمر آخر.

ومنها: النصوص الناهية عن دخول الجنب بيوت الأنبياء أو حضور الإمام (عليه السلام)؛ وهي كثيرة نذكر بعضها:

أحدها: خبر جابر الجعفي عن زين العابدين (عليه السلام) أنّه قال: أقبل أعرابيّ إلى المدينة، فلمّا صار قرب المدينة خضخض[1] ، ودخل على الحسين (عليه السلام) وهو جنب، فقال له: يا أعرابيّ أما تستحي، تدخل إلى إمامك وأنت جنب، أنتم معاشر العرب إذا خلوتم خضخضتم، فقال الأعرابيّ قد بلغت حاجتي فيما جئت له، فخرج من عنده فاغتسل، ورجع إليه فسأله عمّا كان في قلبه".[2]

ومنها: صحيحة محمّد حسن الصفّار في بصائر الدرجات عن أبي طالب؛ يعني عبد الله بن الصلت، عن بكر بن محمد، قال:" خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله (عليه السلام)، فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق وهو جنب، ونحن لا نعلم، حتى دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال: يا أبا محمد أما تعلم أنّه لا ينبغي لجنب أن يدخل بيوت الأنبياء؟ قال: فرجع أبو بصير ودخلنا".[3]

ومنها: ما عن المفيد في الإرشاد عن أبي بصير قال:" دخلت المدينة وكانت معي جويريّة لي، فأصبت منها، ثم خرجت إلى الحمّام فلقيت أصحابنا الشيعة وهم متوجّهون إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فخفت أن يسبقوني ويفوتوني الدخول إليه، فمشيت معهم حتى دخلت الدار، فلمّا مثلت بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام) نظر إليّ ثم قال: يا أبا بصير أما علمت أنّ بيوت الأنبياء وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب؟ فاستحييت، فقلت له: يا ابن رسول الله إنّي لقيت أصحابنا فخشيت أن يفوتني الدخول معهم، ولن أعود إلى مثلها، وخرجت".[4]

ومنها: ما عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبي بصير قال:" دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا أريد أن يعطيني من دلالة الإمام مثل ما أعطاني أبو جعفر (عليه السلام)، فلمّا دخلت وكنت جنبا فقال: يا أبا محمد ما كان ذلك فيما كنت فيه شغل، تدخل عليّ وأنت جنب، فقلت: ما عملته إلاّ عمداً، قال أولم تؤمن؟ قلت: بلى ولكن ليطمئن قلبي. وقال يا أبا محمد قم فاغتسل، فقمت واغتسلت وصرت إلى مجلسي وقلت عند ذلك إنّه إمام".[5]

والإنصاف أنّ هذه الأخبار في إثبات حرمة المكث في المشاهد قاصرة من جهتين:

الجهة الأولى: من حيث السند؛ لأنّ الروايتين الأخيرتين مرسلتان، وإن كانتا تامتان دلالة، فإنّ النهي فيها عن دخول الجنب على الإمام (عليه السلام) أو بيوتهم ظاهر في حرمة دخول الجنب على الإمام (عليه السلام).

الجهة الثانية: من حيث الدلالة، فالرواية الأولى وإن كانت بحسب السند معتبرة، إلاّ أنّها غير تامة بحسب الدلالة، وذلك لأجل كلمة "لا ينبغي"؛ لأنّها دالّة على الكراهة في الروايات كما هو المعروف، مضافاً إلى أنّ الرواية في مقام الإعجاز، لأنّ أبا بصير امتحن الإمام (عليه السلام) واختبره، والإمام (عليه السلام) أخبره بالجنابة، فلا دلالة على الحرمة، وثالثا أنّا نقطع بدخول الجنب على المعصومين (عليهم السلام) في مجالسهم العامّة، ولم يمنعهم الإمام (عليه السلام) ولم يأمرهم بالخروج، فلا دليل على حرمة دخول الجنب على المشاهد المشرّفّة، وإن كان الإحتياط حسناً.

 


[1] الخضخضة هي الاستمناء باليد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo