< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /التساوی/ الدرس 45

 

الدرس (38): حكم تساوي زمان التيمّم والخروج وحكم الحائض والنفساء

 

الفرع الرابع: حكم تساوي زمان التيمم والخروج

إذا كان زمان التيمّم والخروج متساويين؛ فهل يجب عليه التيمّم حينئذ للخروج أو أنّه يتخيّر بينه وبين الخروج من غير تيمّم؟ فيه قولان:

أحدهما: يتعيّن عليه الخروج من غير تيمّم؛ كما عن السيّد الخوئي (ره).

ثانيهما: يتخيّر، وذهب إليه جمع من الأعلام.

هذان القولان مبنيّان على اختصاص وجوب التيمّم بما إذا كان زمان التيمّم أقصر من زمان الخروج، وزمان الخروج أطول وأكثر من زمان التيمّم، وأمّا بناء على التعميم، كما تقدم عن الشهيد في الذكرى، فقد وجب عليه التيمّم أخذاً بظاهر الصحيحة وجموداً على ظاهرهاً.

وقد استدل على التعيّن؛ أنّه لو تيمّم في دقيقة واحدة، وقد يحتاج إلى الخروج دقيقة واحدة أخرى حتى يخرج منهما، وهو مكث واجتياز في حال الجنابة في المسجدين، وهو حرام، والتيمّم غير مسوّغ في حقّه؛ لأنّه وظيفة المضطّر، ولا اضطرار له إلى التيمّم ليكفيه في الدقيقة الثانية. إذ له أن يخرج في الدقيقة الأولى عن المسجدين من غير حاجة إلى التيمّم في ذلك، والتيمّم من غير ضرورة غير مسوّغ للإجتياز.[1]

وفيه: أنّ تمام الموضوع للحكم بوجوب التيمّم في المسجدين هو المكث والاجتياز، فلا فرق في صورة المتساويين بين المكث والاجتياز بعد التيمّم وبدونه، لأنّه اجتياز ومكث، والفرق بينهما يحتاج إلى الدليل الخاص، ولا دليل عليه، ودليل السيّد الخوئي ظنيّ لا اعتبار به، وهذا التخيير عقليّ، لأنّ المكلّف في مقام الامتثال لا يقدر على امتثال التيمّم والخروج بلا ارتكاب حرمة الاجتياز، فعليه التخيير عقلاً.

الفرع الخامس: حكم الحائض والنفساء في المسجدين

قد يقع الكلام تارة في الحائض، وأخرى في النفساء.

أمّا الحائض؛ فإذا حاضت وانقطع دمها ودخلت المسجدين، فلا ينبغي الإشكال في أنّ حكمها حكم الجنب؛ فيجب عليها التيمّم والخروج من المسجدين، وحكمها إجماعيٌّ، ويدلّ عليه صحيح زرارة ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)؛ قالا:" قلنا له: الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال: الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلاّ مجتازين، إن الله تبارك وتعالى يقول ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا".[2]

وجه الدلالة؛ هو أنّ الإمام (عليه السلام) استشهد بالآية على حرمة مكث الحائض ودخولها في المسجد، فمنه يظهر عدم اختصاص الأحكام المتقدّمة بالجنابة، وإلاّ لم يكن وجه للإستشهاد بالآية، فيجب عليها التيمّم والخروج من المسجدين، على التفصيل المتقدّم في الجنب.

وأمّا قبل الانقطاع، فلا دليل على إلحاق الحائض بالجنب، إلاّ رواية أبي حمزة، قال:" قال أبو جعفر (عليه السلام): إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول (ص) فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمّم ولا يمرّ في المسجد إلاّ متيمّما حتى يخرج منه ثم يغتسل‌، وكذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل ذلك"[3] ؛ ودلالتها ظاهرة.

ولكن لا يمكن الإعتماد عليها؛ لأجل أنّ الرواية مرفوعة، حيث رفعها محمد بن يحيى إلى أبي حمزة، مضافاً إلى أنّ إعراض الأصحاب عنها وعدم التعرض لها إلى زمن العلاّمة؛ دليل على عدم إمكان إلحاق الحائض بالجنب، لفرض جريان دمها وعدم انقطاعه، ومعه لا يرتفع الحدث بالاغتسال والتيمّم، فاللاّزم وجوب الخروج عليها فوراً، وإبطائها حرام في المسجدين.

وأمّا العلاّمة؛ فقد أفتى في معتبره باستحباب التيمّم عملاً بقاعدة التسامح في أدلّة السنن، ولا بأس به تسامحاً، بناءً على القول بالتسامح في أدلّة السنن، لكنّها لم تجوّز ولم ترخّص المكث والإبطاء، ولو بمقدار زمان التيمّم، لأنّ الرواية ضعيفة، ولا يمكن رفع اليدّ عن دليل الحرمة بالرواية الضعيفة، إذ لا يمكن الخروج عن الحكم الإلزامي إلاّ بدليل معتبر.

وأمّا النفساء؛ فحكمها حكم الحائض، لكونها بمنزلة الحائض، وما ورد في قصّة أسماء بنت عميس، حيث نفست في سفرها، وأمرها النبيّ (ص) بأن تعمل عمل الحائض، يؤيّد ذلك. ومورد الإستدلال روايتان:

الأولى: عن إسحاق بن عمّار، قال:" سألت أبا عبد الله (ع) عن الحائض تسعى بين الصفا والمروة، فقال: أي لعمري قد أمر رسول الله (ص) أسماء بنت عميس فاغتسلت[4] واستثفرت [5] وطافت بين الصفا والمروة".[6]

الثانية: عن صفوان، عن العيص بن القاسم، قال:" سألت أبا عبد الله (ع) عن المستحاضة تحرم، فذكر أسماء بنت عميس، فقال: إنّ أسماء بنت عميس ولدت محمّداً ابنها بالبيداء، وكان في ولادتها بركة للنّساء لمن ولدت منهنّ إن طمثت، فأمرها رسول الله (ص) فاستثفرت وتمنّطقت[7] بمنطق[8] ، وأحرمت".[9]

وهما ظاهرتان في أنّ حكم النفساء هو نفس حكم الحائض والمستحاضة، لأنّ مورد السؤال كان حول الحائض والمستحاضة، وجواب الإمام (ع) بالنفساء يدلّ على اتحادهم في الحكم.

 


[5] يقال‌ استَثْفَرت‌ المرأة بثَوْبها؛ إذا ائتزرت به، ثم رَدَّت طَرَف الإزار من بين رجليها، وغرزَتْه في الحُجْزَة مِن ورائه.
[8] المِنْطَقُ‌: شقّة تلبسها المرأة وتشدّ وسطها، ثم ترسل أعلاها على أسفلها إلى الركبة والأسفل إلى الأرض. قال في النهاية: أول من اتخذ الْمِنْطَقَ‌ أم إسماعيل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo