< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/05/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /کنس المسجد للجنب/ الدرس 47

 

الدرس (40): المسألة (7) _ صور استيجار الجنب لكنس المسجد

 

المسألة (7): لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال جنابته، ‌بل الإجارة فاسدة، ولا يستحقّ أجرة، نعم لو استأجره مطلقا ولكنّه كنس في حال جنابته وكان جاهلاً بأنّه جنب أو ناسياً استحق الأجرة، بخلاف ما إذا كنس عالماً، فإنّه لا يستحقّ، لكونه حراماً، ولا يجوز أخذ الأجرة على العمل المحرّم، وكذا الكلام في الحائض والنفساء، ولو كان الأجير جاهلاً أو كلاهما جاهلين- في الصورة الأولى أيضا يستحقّ الأجرة، لأنّ متعلّق الإجارة‌؛ وهو الكنس، لا يكون حراماً، وإنّما الحرام الدخول والمكث، فلا يكون من باب أخذ الأجرة على المحرّم، نعم لو استأجره على الدخول أو المكث، كانت الإجارة فاسدة ولا يستحقّ الأجرة، ولو كانا جاهلين لأنّهما محرّمان، ولا يستحقّ الأجرة على الحرام، ومن ذلك ظهر أنّه لو استأجر الجنب أو الحائض أو النفساء للطواف المستحب؛ كانت الإجارة فاسدة، ولو مع الجهل، وكذا لو استأجره لقراءة العزائم؛ فإن المتعلّق فيهما هو نفس الفعل المحرّم، بخلاف الإجارة للكنس، فإنّه ليس حراماً، وإنّما المحرّم شيء آخر، وهو الدخول والمكث، فليس‌ نفس المتعلّق حراماً‌.

 

توضيح المسألة: لا إشكال في حرمة استيجار الجنب لكنس المسجد تكليفاً ووضعاً، ولذا قال السيّد في المتن:" لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال جنابته؛ بل الإجارة فاسدة"؛ من جهة أنّه منكر، والأمر بالمنكر والحثّ عليه حرام، ومن جهة أنّ شرط صحّة الإجارة هو القدرة على العمل، فإذا حرّم الله كنس الجنب المسجد بما أنّه موجب للمكث والتوقف، سلب عنه القدرة على العمل بلا ريب شرعاً، وإن قدر عليه عقلاً، فلا فرق بين كون انتفاء القدرة الشرعيّة ناشئاً من تحريم نفس العمل المستأجر عليه، ناشئاً من تحريم مقدّمته أو لازمه أو ملازمه. والعمدة في هذا التحريم هو الإجماع، كما يظهر من كلماتهم في كتاب الإجارة.

 

وللمسألة ثلاث صور:

الصورة الأولى: ما إذا استأجر الجنب لكنس المسجد حال جنابته؛ فقد حكم السيّد (ره) فيها بعدم جواز الإستيجار تكليفاً، وحكم أيضاً بفساد الإجارة وعدم استحقاق الأجرة وضعاً. لأنّ الإجارة وإن وقعت على أمر مباح وعمل مباح؛ وهو كنس المسجد، إلاّ أنّه يتوقّف على مقدّمة محرمّة؛ وهو الدخول في المسجد أو المكث فيه حال الجنابة.

والحق عندي: أنّه لو كان الأجير الجنب جاهلاً بجنابة نفسه أو صبيّاً أو مجنوناً؛ اندرجت تحت المسألة السادسة، التي عرفت أن الأقوى فيها جواز الإدخال، فتكون الإجارة صحيحة والأجير يستحقّ الأجرة، لتعلّق الإجارة بأمر مباح؛ وهو الكنس، والدخول فيه غير محرّم لأجل الجنابة وعدم العلم بالحرمة، فتصحّ الإجارة.

نعم: لو كان الأجير عالما بجنابة نفسه وحرمة دخوله في المسجد، تفسد الإجارة بلا شبهة، وذلك لتوقّفه على الدخول في المسجد والمكث فيه عالماً عامداً، وهو محرّم ممنوع شرعاً، لعدم إمكان اجتماع الأمر بالكنس مع النهي عمّا يتوقّف عليه، فلا يقدر على الجمع بين الواجب والحرام، إلا العبور والمرور، إن دخل وعلم وذكر بأنّه جنب، فيخرج سريعاً من المسجد.

ثم أنّ في فرض بطلان الإجارة وعدم استحقاق الأجير أجرة المسمّى، يستحقّ أجرة المثل بلا كلام، لقاعدة الإحترام؛ أي احترام العمل، حيث صدر عمل الكنس بأمر المستأجر وإذنه، وهو مقتضى قاعدة " ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده"؛ وهذا هو الحكم في الإيجارات الفاسدة، والمفروض أنّ الكنس ليس حراماً بنفسه؛ حتى يقال أنّه لا ماليّة له شرعاً، فلا أجرة بإزائه.

وعليه فقول السيد (ره) " ولا يستحقّ أجرة"؛ لابدّ من حمله على عدم استحقاق الأجير أجرة المسمّى فقط لا أجرة المثل، وإن كان ظاهر كلامه عدم استحقاق الأجرة رأساً وبالمرّة، حتى أجرة المثل.

الصورة الثانية: ما إذا استأجر الجنب مطلقاً، ولكنّه كنس في حال جنابته، فقد فصّل السيّد (ره) فيها بين صورتي الجهل والعلم، وقال باستحقاق الأجرة فيما إذا كان الأجير جاهلا بجنابة نفسه أو ناسياً، وبعدم استحقاق الأجرة فيما إذا كان الأجير عالما بجنابة نفسه. معلّلاً بكونها أجرة المثل على العمل المحرّم.

وفيه؛ أنّ الإجارة لم تقع على الكنس في المسجد حال الجنابة ومقيداً بها، بل وقعت مطلقاً؛ أي طبيعي الكنس وجامعه المشترك بين المحلّل والمحرّم، وبهذا يكون حلالاً، وليس فيه فرد حرام، فتقع الإجارة صحيحة، لعدم تعيّن الفرد المحرّم، ويستحقّ الأجير أجرة المثل حتى في صورة العلم بالجنابة كالجاهل بها، بلا فرق على تقدير الجهل؛ بين الجهل بالأجير وبين جهله والمستأجر كليهما.

فتحصل؛ عدم الفرق بين هاتين الصورتين حكماً وضعياً وتكليفيّاً.

وبذلك ظهر التعليل للماتن، لعدم استحقاق الأجرة عند العلم بالجنابة، بقوله " لكونه حراماً" بلا وجه، لكون الإجارة على المطلق وطبيعي الكنس لا الفرد المحرّم، مضافاً إلى أنّه ينافي قوله (قدس سرّه) في ذيل المسألة:" بخلاف الإجارة للكنس، فإنّه ليس حراماً، وإنّما المحرّم شيء آخر، وهو الدخول والمكث، فليس نفس المتعلّق حراماً".

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo