< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /صور استیجار الجنب/ الدرس 48

 

الدرس (41): تابع لصور استيجار الجنب لكنس المسجد

الصورة الثالثة: ما إذا وقعت الإجارة على أمر محرّم في نفسه؛ كما إذا استأجر الجنب للمكث في المسجد، أو لوضع شيء فيه، لما سبق أنّه حرام في نفسه أو استأجره للطواف أو لختم القرآن وغير ذلك من المحرّمات. وفي بطلان الإجارة أقوال:

أحدها: بطلان الإجارة مطلقاً؛ كما ذهب إليه السيّد (ره) في المتن.

ثانيها: صحّة الإجارة مطلقاً؛ لأنّ الإجارة وقعت على أمر مباح وهو الكنس، وكانت مقدّمته حرام.

ثالثها: التفصيل بين صورتي العلم والجهل؛ فتبطل الإجارة في صورة العلم وتصحّ في صورة الجهل، وهو الحق عندي، لأنّ الحرمة مع الجهل بها ليست بمنجّزة، فالعمل الذي هو الدخول أو المكث يكون مباحاً ظاهراً مرخّصاً فيه، والأجير الجاهل يكون قادراً على تسليمه، فتصحّ الإجارة وتستحقّ الأجرة، ولكنّ الحرمة على العالم بها منجّزة وهو لا يقدر على تسليم العمل المستأجر عليه، حيث لا يمكن الجمع بين الوفاء بالإجارة وبين النهي عن عمل الإجارة، والقدرة الشرعيّة مسلوبة، لكون عدم قدرته عليها لأجل الحرمة المنجّزة.

ويضاعده قول النبي (ص):" أنّ الله تعالى إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه"[1] ، وخبر تحف العقول المنقول في أوّل المكاسب للشيخ مرتضى الأنّصاري (قدّس سرّه).

ولم نقل وقد يستدل؟ لأنّ هاتين الروايتين لا يعتمد عليهما، لأجل كون خبر النبيّ مرسلاً ولم توجد في جوامعنا الروائيّة وضعف رواية التحف.

وعليه: فوجه فساد الإجارة في صورة العلم هو ما تقدّم من عدم قدرة الأجير على تسليم العمل.

والفرق بين أجرة المغنّية وأجرة الكنس للجنب، أنّ أجرة المغنّية سحت، والإجارة باطلة، لعدم ماليّتها وملكيتها شرعاً، بخلاف المقام، لكون الكنس يقع في إزائه مال شرعاً، ولا يكون حراماً بل الحرام الدخول والتوقّف في المسجد للجنب، فلا يكون من باب أخذ الأجرة على ما لا ماليّة له.

نعم؛ لا يجوز الإستئجار تكليفاً بما أنّها حرمة منجّزة، لكونه عالما بأنّ دخول الجنب على المسجد حرام وإنّما فصّلنا بين الجاهل والعالم، لأنّ الجاهل مرخّص في العمل، ومجرّد الحرمة الواقعيّة غير قادحه في استحقاق الأجرة، لأنّ الجهل مانع عن تنجيز الحرمة الواقعيّة، وله الرخصة الظاهرية والجاهل قادر على تسليم العمل المستأجر.

وكذلك الفرق بين افتضاض البكر بالأصابع أو بالإدخال وبالدخول على الثيّب إكراهاً، وبين ما نحن فيه؛ ففي الأوّل ذهبوا إلى وجوب مهر المثل، إلاّ الشيخ، لعدم إلغاء الشارع ماليّة العمل، بل الشارع أوجب وفرض مهر المثل؛ بما أنّ العمل بإزاء الوطي والبضع، وعليه نصّ خاص، والمقام من هذا القبيل في عدم إلغاء المالية، لكنّ الفرق في وجود الدليل في باب الوطي وعدم وجود الدليل على المقام، ولذا فصّلنا بين الجاهل والعالم، بأنّ الجاهل على العمل الحرام إذا أكره على قراءة سور العزائم مدّة معيّنة فلا مانع من أن يأخذ عليها الأجرة مع تمكينه من تسليم العمل إلى المستأجر وبما أنّ المكلّف قادر على تسليم العمل لجهله بجنابته، فلا يكون الأجير سالبا عن الأجرة المستحقّة للأجرة. ولا فرق بين إصدار العمل بالمباشرة وبين إصداره بالتسبيب[2] لحرمته على الجميع، إلاّ أنّ حرمة ذلك غير مستلزمة لبطلان الإجارة وعدم استحقاق الأجير الجاهل بجنابته الأجرة المسمّاة.

ولكن الحقّ؛ أنّ الفرق واضح؛ لاستلزام المباشرة الدخول والمكث في المسجد، وعدم استلزام التسبيب ذلك، ككنس المسجد بالمكنسة الكهربائية الرقمية، التي يمكن برمجتها لكنس المسجد من دون الدخول فيه، أو كنسه بالمكنسة الكهربائية ذات الخرطوم الطويل، والتي يمكن العمل بها من خارج المسجد.

 


[2] كالكنس بالمكنسة الكهربائية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo