< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /الدرس 49

 

الدرس (42): حكم دخول الجنب في المسجد لأخذ الماء

 

المسألة (8): إذا كان جنباً وكان الماء في المسجد يجب عليه أنّ يتيمّم ‌ويدخل المسجد لأخذ الماء أو الإغتسال فيه، ولا يبطل تيمّمه لوجدان هذا الماء إلاّ بعد الخروج أو بعد الإغتسال، ولكن لا يباح بهذا التيمّم إلاّ دخول المسجد واللبث فيه بمقدار الحاجة، فلا يجوز له مسّ كتابة القرآن ولا قراءة العزائم إلا إذا كانا واجبين فورا‌.

لا إشكال في عدم جواز الدخول، وإنّما الكلام في جواز الدخول بالتيمم وأنّه واجب أم لا؟ وجهان بل قولان:

القول الأوّل: ذهب الماتن (ره) إلى وجوبه، وأنه لا يباح به إلاّ الدخول أو اللبث بمقدار الحاجة، ولا يبطل التيمّم بوجدان الماء إلاّ بعد الخروج أو بعد الإغتسال.

والوجه في ذلك؛ أنّ مجرى التيمّم وعلّة تشريع وجوبه عند الاضطرار والضرورة لرفع الحاجة إلى الطهارة، وواضح أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها، والمقدار من الحاجة إلى الطهارة الترابية هو الدخول أو اللبث لأخذ الماء، فإذا خرج عن المسجد فقد رفع الاضطرار، ولا يكفي التيمّم، فلا يجوز له مسّ كتابة القرآن ولا قراءة العزائم بهذا التيمّم، إلاّ إذا كانا واجبين فوراً لعدم كونهما غايته.

إن قلت: وجوب التيمّم لإباحة الدخول في المسجد للجنب ممنوع، لاستلزام من صحته عدمها؛ لأنّ الجنب إذا تيمّم فقد رفع المانع عن الإغتسال بكونه واجدا للماء، فإذا وجد الماء ولم يكن المانع له، فقد انتقض تيمّمه قهراً، فيلزم من صحّة التيمّم عدمها، وما يلزم من وجوده عدمه محال.

قلت: ليس الجنب في الفرض فاقداً للماء وليس بالتيمّم واجداً للماء، بل غاية وجوب التيمّم للجنب هو الدخول والمكث في المسجد بالمقدار اللازم وهو غير حاصل، وأمّا قاعدة "ما يلزم من وجوده عدمه"؛ لما إذا كان الجنب فاقدا للماء والآن يكون واجدا للماء، وبعبارة أخرى؛ لوجوب التيمّم غايات؛ من أنّه واجب لكونه واجداً للماء أو لوجوب الاغتسال على الجنب بوجود الماء، أو لجواز الدخول في المسجد، والقاعدة تجري في الصورتين الأوّليّتين لا الثالثة كما هو واضح[1] .

إن قلت: تكون غاية وجوب التيمّم الصلاة مع الطهارة المائيّة؛ أي الغسل، بمعنى أنّه مأمور بالاغتسال من جهة الأمر بالصلاة، ولا يتحقّق الغسل إلاّ بالتيمّم وجواز الدخول في المسجد، فالتيمّم حينئذ مقدّمة لمقدّمة الواجب، وإنّما وجب لوجوب الصلاة مع الغسل، فهذا أمر مستحيل، لأنّ الغسل والصلاة مع الطهارة المائيّة واجب مشروط بالتمكّن من الماء، ومع حرمة الدخول في المسجد لا قدرة شرعيّة له على الماء، فإنّ الممنوع شرعا كالممتنع عقلاً، ولأنّ النهي عن الدخول فيه معجز مولويّ عن استعمال الماء، وعليه يتوقّف وجوب الغسل؛ أي وجوب الصلاة مع الطهارة المائيّة، على جواز دخوله المسجد، فلو توقّف جواز دخوله المسجد على وجوب الصلاة مع الغسل، لدار، فلا يمكن أن يسوّغ التيمّم بغاية وجوب الغسل، ووجوب الصلاة مع الطهارة المائيّة.[2]

قلت: وجوب التيمّم خارج المسجد لا يكون واجباً، من باب أنّ غايته الطهارة المائيّة للصلاة، بل يجب في نظر العقل من جهة وجوب الجمع بين غرض الشارع من تحريم كون الجنب في المسجد، ووجوب الصلاة مع الطهارة المائيّة، نظير شراء الدواء لعلاج المرض، فإنّ وجوب الشراء ليس مقدّماً للعلاج، إذ العلاج كما يكون بالدواء المباح يكون بالمغصوب، بل لحكم العقل بوجوب الجمع بين غرض الشارع من حرمة الغصب ووجوب علاج المريض.

وأمّا لزوم الدور؛ فإنّه يكون فيما إذا كان الغرض واحداً، ولكن الغرض من الموقوف والموقوف عليه مختلف،[3] فلا يلزم الدور المحال كما هو ظاهر.

فالحقّ؛ أنّ المتن كامل بشرط إضافة أمرين:

أحدهما: عدم التمكّن من تحصيل الماء بغير الدخول.

ثانيهما: أن يكون وجوب الغسل فوري، وإلاّ فجوازه محلّ تأمّل، فضلاً عن وجوبه.

وتحقّق هذان الأمران فيما إذا كان الدخول في المسجد موجباً للتوقّف أو من الباب الواحد، وأمّا إذا كان عبوره من باب وخروجه من باب آخر، فدخوله لأخذ الماء جائز من دون تيمّم، كما سبق من الماتن هناك.

 


[1] لأنّه في الصورتين الأوليتين يكون حقيقة واجدا للماء، فلا يصحّ معه التيمّم، وأمّا في الصورة الثالثة فإنّ الماء بالرغم من وجوده إلاّ أنّ أمامه مانع، وهو حرمة الدخول في المسجد، فهو كالفاقد للماء، فيصحّ تيمّمه.
[3] فغرض التيمم هو دخول المسجد للطهارة المائية، وغرض الطهارة المائية هو الصلاة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo