< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/06/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /وجوب الغسل/ الدرس 52

 

الدرس (45): دلالة الروايات على الوجوب الغيري لغسل الجنابة

إنّما الروايات في باب وجوب الغسل لا تدلّ على أنّه واجب نفسيّ؛ بل لبيان أمور:

منها: أنّ الأخبار في صدد بيان أنّ الإنزال أو الدخول أو الإلتقاء سبب لوجوب الغسل، كقول عليّ (ع):" إذا مس الختانُ الختانَ؛ فقد وجب الغسل"[1] ، وخبر آخر:" إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل"[2] ، وصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع):" إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم"[3] .

منها: ما هو ظاهر في أنّه مستحب نفسيّ؛ كموثّقة سماعة وصحيحة عبد الرحمن المتقدّمتين في نوم الجنب، للإجماع على عدم وجوب الغسل حين الفراغ من الجماع.

ومنها: الأوامر الواردة في غسل الحيض والإستحاضة والنفاس، وأنّها إذا طهرت فعليها الغسل، وكذلك الأوامر الواردة في الوضوء والتيمّم؛ فإنّها لا تدلّ على أنّها في حدّ نفسها واجبة، بل ظاهرة في شرطيّتها، فتكون منصرفة إلى الوجوب الغيري الإرشادي، دون الوجوب النفسيّ.

ومنها: بعض الوجوه الاعتباريّة، وقالوا في تقريره: أنّ غسل الجنابة لو لم يكن واجباً نفسياً لزم جواز تفويت الواجب بالاختيار، وذلك لأنّ الجنب في ليلة شهر رمضان إمّا يجب عليه الغسل قبل طلوع الفجر نفسيّاً أو يجب عليه كذلك غيريّاً مقدّميّاً أو لا يجب عليه أصلاً.

والأوّل هو المدّعى، وأمّا على الآخرَيْن فيلزم المحذور، لأنّ الوجوب الغيري معلول ناشئ من وجوب ذي المقدّمة، وحيث أنّ الصوم قبل طلوع الفجر غير واجب، فغسل الجنابة الذي يكون مقدّمة له غير واجب قبله، لاستحالة تقدّم المعلول على العلّة، فيجوز تركه، ولازم ذلك عدم وجوب صوم الغد وجواز تركه لفقد شرطه، وهذا هو محذور تفويت الواجب بالاختيار، ومعه لا مناص من الالتزام بوجوبه النفسيّ لكيلا يرد هذا المحذور. وعلى فرض نفي الوجوب النفسي والغيري عن الغسل؛ يلزم هذا المحذور أيضا بالوجه المذكور.

وفيه أولا: بالنقض إلى المقدّمات الأخرى؛ كغسل الحيض والنفاس فيما إذا طهرت قبل الفجر، لو لم تأت بها قبل الوقت لزم تفويت الواجب بالاختيار، مع أنّه لم يقل أحد بوجوب تلك الأغسال نفسيّاً.

ثانيا: بالحل؛ حيث ورد في الأصول أنّ الواجبات المشروطة يكون وجوبها فعليّاً، والواجب استقباليّ، لإرجاع القيود والشروط إلى المادّة لا الهيئة، أعني المادّة مقيّدة بالطهارة، يعني الواجب والوجوب مرسل لا تقييد له.

بناء على هذا: فإنّ التكليف بالنسبة إلى المقدمات المفوّتة هو لزومه وتعيّنه قبل الوقت، وإلى غير المقدمات المفوّتة مخيّر بين فعلها قبل الوقت أو بعد الوقت، كالزاد والراحلة للحج. وعليه فلا يجب غسل الجنابة نفسيّاً، بل هو من المقدّمات المفوّتة، وعليه يكون واجباً بوجوب غيري.

ويدلّ عليه قوله تعالى:"﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه"﴾[4] ، بناءً على أنّ المراد بالشهادة هو رؤية الهلال، فالوجوب قبل طلوع الفجر فعليّ، والواجب؛ أي الصيام استقباليّ، وظرفه متأخّر؛ كما التزمنا به في جميع الواجبات المعلّقة، ومع فعليّة الوجوب تجب المقدّمة ولا يشترط في وجوبها فعليّة ظرف الواجب أيضاً.[5]

 


[5] أي مع فعلية وجوب صوم شهر رمضان برؤية الهلال، تجب مقدمته التي هي وجوب غسل الجنابة قبل طلوع الفجر، بالرغم من أنّ الواجب الذي هو بدء الصيام متأخرّ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo