< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /فی قصد غسل الجنابة/ الدرس53

 

الدرس (46): في قصد الوجوب والندب في غسل الجنابة

في هذا الفصل أمور:

الأمر الأول: لا يجب في غسل الجنابة قصد الوجوب والندب، بل لو قصد الخلاف لا يبطل، بل يلزم عليه أن يأتي به بقصد القربة والإمتثال، لأنه أمر عبادي كما هو المتسالم عليه بين المسلمين، فضلا عن الإماميّة. وعباديّة غسل الجنابة لحجتين:

أحدهما: أن يأتي به بداعي استحبابه النفسيّ، لأنّه مستحبّ نفسيّ واستحبابه هو التطهّر من الجنابة لا نفس الغسل.

ثانيهما: أن يؤتى به بداعي أنّه مقدّمة للعبادة وواقع في سلسلتها، كما أنّه نحو إضافة للعمل إلى الله، ولا يختص بدخول الوقت. وبذلك قال بعض كالسيّد الخميني (ره): وجوبه لا يكون شرعيّاً ولا استحبابا غيريّاً مقدميّاً، لكن الغسل يقع للعبادة وله أقسام كثيرة تأتي في باب الأغسال المستحبة.[1]

نعم؛ بناءاً على أنّ مقدمة الواجبة واجبة؛ إذا دخل الوقت والغسل واجب غيري ولا يكون مستحباً نفسياً، لتنافي الوجوب مع الإستحباب، فإذاوجب عليه قصد الوجوب الغيري، لا يمكن قصد استحبابه النفسي.

وقد يتفرع عليه؛ أنّ المكلّف إذا أتى به بقصد استحبابه النفسي بعد دخول الوقت أو بداعي وجوبه الغيري قبل الوقت؛ فإن كان ذلك مستنداً إلى اعتقاده من حيث أنّه اعتقد أنّ الوقت داخل، حالكونه قبل الوقت، فإنّ الغسل صحيح إن جهل بذلك، لأنّه قصد أمره الفعليّ، وغاية الأمر أنّه أخطأ في تطبيقه على الاستحباب النفسي أو على وجوبه الغيري، ومثله لا يخلّ بصحة العبادة، بعد كون الطبيعة المستحبة نفسيّاً أو الواجبة مقدمةً؛ طبيعة واحدة.

الأمر الثاني: لو كان عالما بالمسألة؛ فأتى به قبل الوقت بداعي وجوبه الغيري متعمّداً، أو بعد الوقت بداعي استحبابه النفسي متعمّداً، فهل يحكم بصحّة الغسل أو أنّه فاسد؟ فقد فصّل السيّد (ره) بين ما إذا لم يكن بقصد التشريع وتحقّق منه قصد التقرّب، وما إذا لم يكن كذلك، فبناءًا على التشريع باطل، وإلا صحيح، لكنّ الخوئي (ره) ذهب إلى أنّه تشريعيّ، وقال: كيف لا يكون تشريعيّاً والمفروض أنّه قصد الخلاف عامداً ومتعمّداً.

وقال في وجه عدم انفكاكه عن التشريع: لا لأنّه عبارة عن إدخال ما علم أنّه ليس من الدين أو لم يعلم أنّه من الدين في الدين، ومع العلم بعدم استحباب شيء، إذا أتى به بعنوان أنّه مستحبّ لا محالة كان من إدخال ما علم أنّه ليس من الدين في الدين.

وأما حرمة التشريع تستلزم بطلان العبادة أم لا؟ ففيه مبنيان:

أحدهما: أنّ التشريع يستلزم بطلان العبادة فيما إذا كان إلى الأمر والتكليف، كما إذا علم بوجوب شيء، فبنى على استحبابه، كما ذهب إليه الآخوند (ره) في الكفاية.

ثانيهما: أنّ التشريع سواء كان في مقام الأمر أو في مقام الإمتثال يستلزم البطلان، وذلك لأجل سراية حرمة البناء والتشريع إلى العمل المأتيّ به، المانعة من كونه مقرّباً. وبه يحكم بحرمته ومبغوضيّته، ومعها كيف يكون العمل مقرّباً به ليحكم بصحّته، كما عن السيّد الخوئي (ره).[2]

لكن؛ قد تقدّم منّا في شرائط الوضوء أنّ مجرّد التشريع في مقام الإمتثال لا يقدّم ما لم يرجع إلى التشريع في ذات الأمر، الباعث له على الفعل الموجب لفوات قصد القربة.

الأمر الثالث: إذا شكّ في دخوله، يكفي الإتيان به بقصد القربة للإستحباب النفسي أو بقصد إحدى الغايات المندوبة أو بقصد ما في الواقع من الأمر الوجوبي أو الندبي، لأنّ غايته معلومة وقصده واضح، فلا جهل في قصده ونيّته، فراجع في شرائط الوضوء.

 


[1] تعليقة الإمام الخميني (ره) على العروة الوثقى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo