< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /اعتبار الترتیب/ الدرس 60

 

الدرس (53): في اعتبار الترتيب بين الجانب الأيمن والأيسر

الأمر الثاني: هل يعتبر الترتيب بين الجانب الأيمن والأيسر في غسل الجنابة؟

وفي اعتباره الشهرة والاجماع، وهو المعروف بينهم، ويدلّ عليه الأخبار:

منها: صحيحة زرارة:" ثمّ صبّ على رأسه ثلاث أكفّ، ثمّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين، وعلى منكبه الأيسر مرتين، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه"[1] .

بتقريب؛ أنّ هذه الصحيحة تدلّ على وجوب الترتيب بين الأيمن والأيسر، لأجل ظهورها في كون أجزاء الغسل ثلاثة؛ وهي غسل الرأس، وغسل الجانب الأيمن، وغسل الجانب الأيسر، بداهة أنّه لو لم يجب الترتيب بين الجانبين لكان للغسل جزءان، وهما: غسل الرأس والبدن، مع أنّ الواو تدلّ على الترتيب، كما ذهب إليه بعض النحاة. ومع أنّ "مرّتين" بواسطة العطف في حكم التكرار "أي على منكبه الأيسر مرّتين"، ولا يلزم التكرار، وهذه قرينة على الترتيب، ولذا لو قال (ع):" ثمّ صبّ على منكبه الأيمن ومنكبه الأيسر مرّتين أو مرات"؛ لم تكن الصحيحة ظاهرة في الترتيب، إلاّ بناءً على قول بعض النحاة، والإجماع قرينة خارجية على الترتيب كما هو ظاهر.

وأورد عليه: أنّ الإجماع لا يكون إجماعاً تعبّديّاً كاشفاً عن رأي المعصوم (ع)، لمخالفة جملة من الفقهاء؛ كالشيخ البهائي والمحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك والذخيرة، حيث ذهبوا إلى عدم الاعتبار، وأنّ الواو العاطفة لا تدلّ على الترتيب، بل ظاهرة في مطلق الجمع، دون الترتيب، وأيضاً لا دلالة على أنّ أجزاء الغسل ثلاثة، بل له جزءان، والتعبير بغسل الرأس والجانب الأيمن والأيسر؛ بملاحظة أنّ الماء في مفروض الروايات هو الماء القليل، والكيفية المتعارفة العادية في غسل البدن بالماء القليل، ولا دليل على وجوب الترتيب بين الأيسر والأيمن.[2]

وفيه: أنّ السيرة بين العلماء والعوام من المسلمين في جميع الأعصار مع تكرار الغسل في كلّ آن مع مراعاة الترتيب بين الجانبين، فكيف يكون مخفيّاً على الشيعة والأصحاب، ومع ذلك لا يحتاج إلى المبحث الأدبي، والمباحث اللفظيّة، فما سمعت من الإجماعات وغيرها أعظم قرينة على إرادة الترتيب ولو مجازاً، ولا مدخل للواو، ولا يلزم البحث حوله، والكلام الطويل فيه مستبعد عن النظر، فتأمّل.

ومنها: صحيحة محمد مسلم، عن أبي جعفر (ع) قال:" غسل الميّت مثل غسل الجنب"[3] ، وجه الدلالة هو التنظير من حيث أنّ الترتيب في غسل الميّت واجب، وغسل الجنابة لو لم يكن الترتيب فيه واجباً؛ لما جعله في تنظيره، بل اللازم أن يقال: غسل الميّت مثل غسل الجنب إلاّ في الترتيب.

فإن شئت فقل: أنّ معنى مثل هذه الصحيحة: أنّ الكيفيّة والترتيب الثابتين في غسل الميّت مطابقة للكيفيّة والترتيب الثابتين في غسل الجنابة، كما قال به صاحب الحدائق. [4]

والمخالف يردّ على وجه الدلالة بأمور:

أحدها: لا يدلّ على أنّ ما يعتبر في غسل الميّت يعتبر في غسل الجنابة، لاعتبار تعدّد الغسلات والمزج بشيء من السدر والكافور، وعدم اعتبار شيء من ذلك في غسل الجنابة، وإنّما شبّه بغسل الجنابة فيما يعتبر فيه؛ أعني لزوم إصابة الماء ووصوله إلى تمام البدن، بحيث لا تبقى منه ولو بمقدار شعرة واحدة، فهو يعتبر في غسل الميّت أيضاً بهذه الرواية. [5]

وفيه: أنّه بعيد، لأنّ التشبيه مقتضاه ثبوت حكم المشبّه به (غسل الجنابة) للمشبّه (غسل الميّت)، وكذا سئل (ع) لم يغسّل الميّت مثل غسل الجنابة؟ فإنّ السؤال ظاهر عن الترتيب، لأنّ بين الميّت والحيّ في الغسل فرق واضح، بما أنّ غسل الميّت لا تعمّ به البلوى، ولكن غسل الجنابة تعمّ به البلوى. مضافاً إلى أنّ غسل الميّت غسل الإنسان غيره، ولكنّ غسل الجنابة؛ غسل الشخص الجنب نفسه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo