< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/06/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /روایات عدم الترتیب

 

الدرس (55): الروايات الدالة عدم وجوب الترتيب بين الجانبين عند بعض الأعلام (قدّس سرّه)

 

وأمّا صحيحة زرارة، فقد فصّلت بين صورتي الشكّ واليقين، ودلّت على وجوب إعادة الماء على الموضع غير المغسول أو مسحه بالبلّة الموجودة في بدنه وعلى إعادة الصلاة في صورة اليقين.

فعن زرارة عن أبي جعفر (ع) في حديث قال:" قلت له رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة، فقال: إذا شكّ وكانت به بلّة، وهو في صلاته، مسح بها عليه، وإن كان استيقن، رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلّة، فإن دخله الشكّ وقد دخل في صلاته، فليمض في صلاته، ولا شي‌ء عليه، وإن استيقن رجع فأعاد عليه الماء، وإن رآه وبه بلّة مسح عليه وأعاد الصلاة باستيقان، وإن كان شاكاً، فليس عليه في شكّه شي‌ء، فليمض في صلاته".[1]

فقد قال السيّد الخوئي (ره): بأنّ التفصيل يدلّنا على عدم اعتبار الترتيب بين الرأس والجانبين، لأنّ الترتيب لو كان معتبراً بينهما لوجب التفصيل بين ما إذا كان المحلّ المنسيّ غسله في الطرف الأيسر؛ فيعود عليه بالماء أو يمسحه بالرطوبة الموجودة في بدنه كما في الرواية، وبين ما إذا كان في الطرف الأيمن؛ فإنّه يعود عليه الماء أو يمسحه ويعيد غسل طرفه الأيسر، ليحصل به الترتيب المأمور به. [2]

وفيه: أنّ التفصيل قاطع لشركة حكم الشكّ واليقين، فلا يدلّنا على عدم اعتبار الترتيب، بمعنى أنّ الموضع المنسيّ؛ إذا شكّ في غسله لم يجب عليه إعادة الماء أو الرطوبة الباقية، وإذا تيقّن في عدم غسله؛ فليرجع وأعاد غسله بالماء أو بالمسح، ولا يكون في مقام بيان الترتيب كما هو ظاهر.

وقال أيضاً السيّد الخوئي في ذيل موثّقة سماعة[3] : " ثم يضرب بكفّ من ماء على صدره وكفّ بين كتفيه"[4] ؛ تدلّ على لزوم غسل الصدر والكتف من دون تقديم أحد الجانبين على الآخر.

وفيه أيضاً: أنّ الإمام (ع) لم يكن في مقام بيان الترتيب، بل في مقام بيان آداب الغسل وجريان الماء على الجسد بدون الإمرار، وكفاية مقدار قليل من الماء تحت الإناء، لذا قال (ع):" فما انتضح من مائه في إنائه بعدما صنع ما وصفت؛ فلا بأس".[5]

وقال أيضاً في ذيل صحيحة حكم بن حكيم عن أبي عبد الله (ع):" فإن كنت في مكان نظيف فلا يضرّك أن لا تغسل رجليك، وإن كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك"،[6] لو كان الترتيب بين الطرفين معتبراً لوجب أن يأمره بغسل رجله اليمنى أوّلاً، ثمّ غسل رجله اليسرى. [7]

وفيه أيضاً: أنّ الإمام (ع) في مقام بيان المكان، إن كان نظيفاً فليس عليه أن يغسله وإلاّ إذا كان المكان قذراً ورجلاه تنجّسا، فعليه أن يغسله، لبطلان الغسل بنجاسة موضع من البدن. والنجاسة مانعة عن صحّة الغسل كبقيّة الموانع في الجسد؛ كاللون والجسم الخارجي وغير ذلك. لكونه من أحكام الغسل؛ كما هو ظاهر.[8]

وقال أيضاً: وممّا يدلّنا على ما ادعيناه ولعلّه أظهر، ما في الباب في موثّقة عمار بن موسى الساباطي:" أنّه سأل أبا عبد الله (ع) عن المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل، ولم تنقض شعرها، كم يجزيها من الماء؟ قال: مثل الذي يشرب شعرها؛ وهو ثلاث حفنات على رأسها، وحفنتان على اليمين، وحفنتان على اليسار، ثم تمرّ يدها على جسدها كله".[9] حيث تدلّ كلمة "ثم" على التراخي[10] ؛ أي تراخي إمرار اليد عند صبّ الحفنتين على اليمين واليسار، ولم يشر (ع) إلى إمرار يدها على الجانب الأيمن أوّلاً ثم على الأيسر. [11]

وفيه: أنّها لا ظهور لها على الترتيب، لكون إمرار اليد على الجسد بعد رعاية الترتيب بجريان الماء، لا يكون مدخلاً للترتيب وعدمه، بل ملاك الواجب إمرار اليدّ حتّى يتيقّن بوصول الماء على كلّ البدن، كما هو واضح.


[4] (عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال: إذا أصاب الرجل جنابة فأراد الغسل فليفرغ على كفيه وليغسلهما دون المرفق، ثم يدخل يده في إنائه، ثم يغسل فرجه، ثم ليصب على رأسه ثلاث مرات ملء كفيه، ثم يضرب بكف من ماء على صدره وكف بين كتفيه، ثم يفيض الماء على جسده كله، فما انتضح من مائه في إنائه بعد ما صنع ما وصفت، فلا بأس).
[5] أقول: أنّ وجه بيان آداب الغسل دون قصد بيان الترتيب؛ هو ذكر مجموعة من مستحبات الغسل، كغسل اليدين والفرج، كما أشار إلى غسل الرأس ثلاث مرات، بينما العدد غير معتبر في غسر الرأس والجسد. بالإضافة إلى أن الإمام لم يفصّل بين الجانب الأيمن والأيسر، وأشار إلى غسل الجسد كلّه، والمتفق عليه أن التفصل بين الجانبين ضروري، حتى وإن لم نقل بوجوب الترتيب بينهما.
[8] وإزالة النجاسة عن البدن من مقدمات الغسل وليست داخلة في الغسل، حتى يأمره بغسل اليمنى ثم اليسرى، كما هو واضح.
[10] هذا ملخّص عبارته.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo