< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /غسل الرقبة

 

الدرس (56): حكم غسل الرقبة في الغسل الترتيبي

الأمر الثالث: حكم غُسل الرقبة في الغُسل الترتيبي

 

في دخول الرقبة في الرأس كي يجب غسلها معه أو دخولها في البدن كي يجب غسلها مع البدن؛ قولان:

القول الأوّل: ما ذهب إليه المشهور؛ من أنّها داخلة في الرأس، وكونها منه حكماً لا موضوعاً، لتصريح جماعة كثيرة به، وظاهر كلمات جماعة أخرى، حيث قالوا أنّ الأعضاء الثلاثة هي الرأس والجانبين الأيمن والأيسر، فإنّ الظاهر منه إلحاق الرقبة بالرأس. ولم يعرف الخلاف بين القدماء والمتأخرين، وأكثر متأخّريهم، إلاّ عن بعض معاصريّ المحدّث البحراني، وهو المحدّث الشيخ عبد الله بن صالح البحراني، ودليله أنّ الرقبة داخلة في البدن وخارجة عن الرأس، ولم يوجد في كتب اللغة ولا في كلام الأئمّة (ع) نصّ يتضمّن دخول الرقبة في الرأس، وأنّ هذه المسألة من المسائل الإجتهادية التي أفتى بها المجتهدون من غير دليل، ثم عيّن الاحتياط بالجمع بين غسلها مع الرأس، وغسلها مع البدن.[1]

فعلينا التحقيق حول النصوص، وما ورد في أدلّة المجتهدين، حتى نكشف أنّ الإستنباط لم يكن ظنيّا بدون دليل ولا ظنيّا غير معتبر.

منها: صحيحة زرارة الآمرة بصبّ ثلاث أكفّ على رأسه وصبّ الماء مرّتين على منكبه الأيمن، ومرّتين على منكبه الأيسر. [2]

بتقريب: أنّ الرقبة كما ترى داخلة في الرأس، ولو لم تغسل مع الرأس لبقيت غير مغسولة، لعدم دخولها في المنكبين، لوضوح أنّها فوق المنكبين، ولا أمر مستقلّ بغسل الرقبة، فيحكم دخولها في غسل الرأس، وهو المطلوب، سواء كان اسم الرأس شاملاً لها حقيقة، أم مجازاً.

ومنها: موثّقة سماعة، عن أبي عبد الله (ع) الآمرة بصبّ الماء على رأسه ثلاث مرّات ملأ كفّيه، ثم يضرب بكفّ من ماء على صدره وكفّ بين كتفيه. [3]

بتقريب: أنّ الرقبة لو لم تكن داخلة تحت الرأس في الغسل ستبقى غير مغسولة، وذلك لأنّ صبّ الماء على الصدر والكتف لا يشمل غسل الرقبة، لأنّها فوقهما.

وأمّا ضرب الكفّ منه على صدره وكفّ على كتفيه، فلأجل كونهما مقدّمة لإيصال الماء إلى تمام البدن بسهولة عرفاً، ولا ظاهر لها غيره.

نعم؛ قد استفاد بعض من صحيحة أبي بصير أنّ الرقبة داخلة في البدن لا الرأس، قال:" سألت أبا عبد الله (ع) عن غسل الجنابة، فقال: تصبّ على يديك الماء فتغسل كفّيك، ثم تدخل يدك فتغسل فرجك، ثمّ تتمضمض، وتستنشق، وتصب الماء على رأسك ثلاث مرات، وتغسل وجهك، وتفيض على جسدك الماء".[4]

وكصحيحة يعقوب بن يقطين عن أبي الحسن (ع) قال:" سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل (ع)؟ قال: الجنب يغتسل، يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل أن يغمسهما في الماء، ثم يغسل ما أصابه من أذى، ثم يصبّ على رأسه، وعلى وجهه، وعلى جسده كلّه، ثمّ قد قضى الغسل، ولا وضوء عليه"[5] .

بتقريب: عدم دخول الوجه في الرأس، وإذا لم يشمل الوجه فلا يشمل غسل الرقبة بطريق أولى، وهو الذي نقله في الحدائق عن بعض معاصريه؛ وهو الشيخ عبد الله بن صالح البحراني (قدّس سرّه).

وفيه: أنّ الظاهر منهما إمّا التنصيص على غسل الوجه؛ من قبيل عطف الجزء على الكلّ، لا لكونه خارجاً عن اسم الرأس، وإمّا لأجل الاهتمام به، وإمّا لاستحبابه في نفسه، ولو غسل مع الرأس، فقد أجزأ، مع أنّ وجوب غسل الوجه مع الرأس متّفق عليه من الفقهاء، إنّما الإشكال بالرقبة فقط، وظهور الصحيح المتقدّم[6] كاف في وجوب غسلها مع الرأس، فإنّه صريح كما تقدّم.


[6] وهي صحيحة زرارة: وسائل الشيعة، ج1، ص502، ح2، الباب26 من أبواب الجنابة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo