< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /اجزء المشترکة

 

الدرس (57): الأجزاء المشتركة في الغسل والترتيب من الأعلى فالأعلى

الأمر الرابع: الأجزاء المشتركة في الغسل

قال السيّد (ره): والأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانياً مع الأيمن، والنصف الأيسر مع الأيسر.

وجه الإحتياط؛ أنّ الرقبة تلحق بالجانبين، ولا تكون داخلة في الرأس عند بعض؛ كالخراساني في الذخيرة، وصاحب رياض المسائل، والشيخ عبد الله البحراني، لفقدان صريح النصّ في دخول الرقبة في الرأس، ومن جهة أخرى ذهب جمع آخر من الفقهاء إلى إلحاق الرقبة بالرأس؛ وهو الحقّ، وذكرنا في الجلسة السابقة أدلتهم، والجمع بين الطائفتين يوجب الاحتياط للخروج عن شبهة الخلاف.

والحقّ عندي؛ أنّ الإحتياط بلا وجه، لصراحة صحيح زرارة على دخول الرقبة في الرأس كما تقدّم، إلاّ أنّ لها حدّاً مشتركاً بين الرقبة والجسد، لابدّ من رعاية الاحتياط فيه، كما في الوضوء، حيث لابدّ من إدخال مقدار من الأطراف في الغسل تحصيلاً للقطع بتحقّق الغسل الواجب. ثم أنّ غسل النصف الأيمن من الرقبة هكذا بناءً على وجوب الترتيب بين الأيمن والأيسر، وأمّا بناءً على القول عدم وجوب الترتيب؛ فلا يلزم الاحتياط، بل لابدّ من غسله مع البدن كيفما اتّفق.

ومن الأجزاء المشتركة السرّة[1] والعورة يغسل نصفها الأيمن مع الأيمن، ونصفها الأيسر مع الأيسر، لاقتضاء إطلاق النصوص وظاهر كلمات الأصحاب، وصرّح به بعض، وقال السيّد بعد ذلك:" والأولى أن يغسل تمامهما مع كل من الطرفين"؛ وهذا بناءً على أنّهما عضواً مستقلاًّ تابعين للأيمن أو للأيسر، فاللازم أن يغسلهما بتمامهما مع كل من الطرفين، عملاً بكلا الاحتمالين، وهما مستقلاّن كبقيّة الأعضاء المستقلّة، كالأنف والصدر، وغسل التمام يوجب العمل باحتمال التنصيف والتبعيّة، واحتمال استقلال العضو.[2]

الأمر الخامس: عدم وجوب البدء بالأعلى فالأعلى

قال السيّد (ره): والترتيب المذكور شرط واقعيّ، فلو عكس ولو جهلاً أو سهواً بطل، ولا يجب البدأ بالأعلى في كلّ عضو، ولا الأعلى فالأعلى.

واعلم؛ أنّ مقتضى شرطيّة كل شرط دخل واقعيّ في المشروط، إلاّ أن يقوم دليل على الخلاف. والمفروض أنّه لم يقم دليل عليه هنا، بل قام الدليل على كون الترتيب دخيلاً واقعاً، نظير صحيحة زرارة عن أبي عبد الله (ع)، قال:" من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه، ثم بدا له أن يغسل رأسه، لم يجد بدّاً من إعادة الغسل".[3]

بدعوى ظهور قوله (ع) "بدا له" في صورتي الجهل والنسيان، ومعه تجب الإعادة في صورة العمد بالأولويّة القطعيّة.

وأمّا عدم لزوم رعاية الترتيب من الأعلى إلى الأسفل في كل عضو؛ فقد ذهب إليه المشهور بل ادعي عليه الإجماع، وكذا نفي الخلاف عنه.

ولكن تدلّ على الترتيب صحيحتان:

الأولى: عن زرارة، قال:" قلت له: كيف يغتسل الجنب؟ فقال (ع): ثم صبّ على منكبه الأيمن مرّتين وعلى منكبه الأيسر مرّتين".[4]

الثانية: عن زرارة، قال:" سألت أبا عبد الله (ع) عن غسل الجنابة؟ ...ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك".[5]

بتقريب: أنّ الإمام (ع) أمر بالصبّ على المنكب في الصحيحة الأولى، وحكم (ع) بوجوب الغسل من القرن إلى القدم في الصحيحة الثانية، وهذا يشعر بالترتيب المذكور،[6] ودليل على لزوم الإبتداء بالأعلى فالأعلى.

وفيه احتمالات أخرى، ومؤيّدات له سننقلها في الجلسة الآتية.


[1] سرّة: ناف، جمع "سرَر"؛ كما لو أنّ الحبل السريّ مازال لم يقطع بينهما. مثل اين است كه بند ناف هیچ وقت بریچه نشده است.
[2] أي أنّ غسل تمام السرّة والعورة، يتحقق به العمل بالإحتمالين؛ الاحتمال الأوّل القائل بأنّ نصفهما الأيمن تابع للنصف الأيمن من الجسد، ونصفهما الأيسر تابع للنصف الأيسر من الجسد، كما يتحقق به العمل كذلك بالقول الثاني القائل بأنّهما عضوا مستقلاًّ وأنّ تمامهما تابع للنصف الأيمن أو النصف الأيسر.
[6] أي رعاية الترتيب من الأعلى إلى الأسفل في كل عضو.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo