< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الغسل الارتماسي /افضلیة الترتیبی/ الدرس 71

 

المسألة (1): أفضلية الترتيبيّ من الإرتماسي

الغسل الترتيبيّ أفضل من الإرتماسيّ.

نسبه في الحدائق إلى بعض محدّثيّ متأخريّ المتأخرين، وتبعه كثير ممّن عاصرناه أو قارب عصرنا، لأنّ الأخبار الدالّة على الكيفيّة الآمرة بالترتيب، والآمرة بإجزاء الغسل الإرتماسيّ عن الترتيبيّ، تستلزم الجمع العرفيّ؛ بأنّ الأخبار الآمرة بالترتيب محمولة على الإستحباب، لأنّ الإجزاء ظاهر على تقدّم رتبة الترتيبيّ على الإرتماسيّ كما هو ظاهر. وهذا نظير ما إذا أمره المولى بشيء، ثم قال لو أتيت بشيء آخر كذا أيضاً أجزأك وكفاك، فإنّ الإتيان بالشيء الأولى أفضل حينئذ، لأنّه المأمور به.

 

المسألة (2): تعيّن كل من الكيفيّتين بالخصوص أحياناً

قد يتعيّن الإرتماسيّ؛ كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبي‌، وقد يتعيّن الترتيبي؛ كما في يوم الصوم الواجب، وحال الإحرام،[1] وكذا إذا كان الماء للغير ولم يرض بالإرتماس فيه‌.

والوجه في ذلك كلّه؛ أنّ كل واجب تخييريّ إذا تعذّر الإتيان بِعِدْلِه تكويناً وعقلاً[2] أو تشريعاً وشرعاً[3] يصير تعيينيّاً، كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبيّ الذي هو عِدل الإرتماسيّ، فقد تعيّن الإرتماسيّ. وقد يعجز عن عِدله، لأجل تعذّره ونهيه شرعاً؛ كالغسل الإرتماسيّ في يوم الصوم الواجب، وحال الإحرام، وفي ذلك يتعيّن الغسل الترتيبيّ، لحرمة الإرتماسيّ، ولكن الكلام في خروج الغسل الإرتماسيّ عن المقدّميّة الفعليّة أم لا؟

وفيه قولان، والحقّ خروجه؛ لأنّ المقدّميّة لرفع الحدث وللغايات الموقوفة عليه، والآن يخرج عن وجوب غيره ومقدّميّته، وينحصر الوجوب الغيري بالترتيبيّ، مضافاً إلى أنّه لا يقرّب، ويبطل لو جيء به، ولا يكون مقرّباً، ولا فرق بين الثلاثة الأخيرة.[4]

فتظهر ثمرة القولين في صورة العصيان؛ فلو عصى المحرم أو الصائم أو ارتمس من ماء الغير بغير رضى المالك؛ فقد بطل صيامه وصلاته إن صلاّه، ووجب الكفّارة للحجّ، لأنّ تغطية الرأس في الإحرام حرام، وموجب للكفّارة؛ هذا فيما إذا غسل سهواً وقصوراً لا تقصيراً، ولكن لا دليل على بطلانه.

 

المسألة (3): غسل كلّ عضو بالإرتماس في الترتيبيّ

يجوز في الترتيبي أن يغسل كل عضو من أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس‌، بل لو ارتمس في الماء ثلاث مرات؛ مرّة بقصد غسل الرأس، ومرّة بقصد غسل الأيمن، ومرّة بقصد الأيسر كفى، وكذا لو حرّك بدنه تحت الماء ثلاث مرات، أو قصد بالإرتماس غسل الرأس، وحرّك بدنه تحت الماء بقصد الأيمن، وخرج بقصد الأيسر، ويجوز غسل واحد من الأعضاء بالإرتماس والبقيّة بالترتيب، بل يجوز غسل بعض كل عضو بالإرتماس، وبعضه الآخر بإمرار اليد.

 

تعرّض الماتن (قدّس سرّه) لأمرين:

الأمر الأوّل: أنّ غسل كلّ عضو في الترتيبيّ بنحو الإرتماس جائز، وذلك لصدق الغسل، بلا فرق بين أنحائه وأطواره، ولا خصوصيّة له، والصبّ الوارد في الأخبار إنّما هو مقدّمة لجريان الماء على البدن ولا خصوصيّة له. فإنّ المحكيّ عن عبارة القدماء؛ أنّ مراد الجميع واحد، وهو مطلق الغسل، بأيّ نحو كان، وإن كان في المستند القول بالخصوصيّة، وقال:" أنّه لا ينبغي الريب في اعتبار الصبّ في الترتيبيّ"؛ اعتماداً منه على النصوص البيانيّة المشتملة على الأمر بالصبّ ونحوه.

وفيه: أنّ ظاهر الجميع كون المعيار هو غسل البشرة، ويؤيّده ورود الأمر بالصبّ في أخبار الوضوء مع ما عرفت من إطلاق الغسل في الكتاب والسنّة والإجماع، فلا موضوعيّة للصبّ.

الأمر الثاني: في وجوب التحريك، فقد ذهب الماتن إلى وجوبه تحت الماء، ولكن قد تقدّم منّا الإشكال بهذا النحو من الإرتماس، بل لابدّ من خروج تمام البدن من الماء والإرتماس فيه دفعة واحدة عرفيّة، كما في الرواية "إذا ارتمس الجنب إرتماسة واحدة".


[1] لأنّ تغطية الرأس للمحرم حرام.
[2] كضيق الوقت.
[3] كالنهي عن الإرتماس في الصوم الواجب أو في حال الإحرام أو ممانعة صاحب الماء من الغسل الإرتماسيّ.
[4] أي حرمة الغسل الإرتماسي يوم الصوم الواجب وحال الإحرام وإذا كان الماء للغير ولم يرض بالإرتماس فيه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo