< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /المسائل/ الدرس 79

 

الشرائط المعتبرة في صحّة الغسل

المسألة (12): يشترط في صحّة الغسل ما مرّ من الشرائط في الوضوء، ‌من النيّة واستدامتها إلى الفراغ وإطلاق الماء وطهارته وعدم كونه ماء الغسالة وعدم الضرر في استعماله وإباحته وإباحة ظرفه وعدم كونه ‌من الذهب والفضة وإباحة مكان الغسل ومصبّ مائه وطهارة البدن وعدم ضيق الوقت والترتيب في الترتيبي وعدم حرمة الارتماس في الارتماسيّ منه؛ كيوم الصوم وفي حال الإحرام، والمباشرة في حال الاختيار، وما عدا الإباحة وعدم كون الظرف من الذهب والفضة وعدم حرمة الارتماس من الشرائط واقعي، لا فرق فيها بين العمد والعلم والجهل والنسيان، بخلاف المذكورات، فإن شرطيّتها مقصورة حال العمد والعلم‌.

 

وقد تقدّم توضيح ذلك في الوضوء، إلاّ أنّنا نذكرها بالإختصار وبالتعداد:

الأوّل: النيّة؛ بمعنى يشترط قصد الإمتثال مع كون الداعي أمر الله تعالى، لأنّ الغسل كالوضوء، تعبّديّ، وهو من العبادات المشروطة بها، ويمتاز عن سائر مقدمات الصلاة؛ كتطهير البدن واللباس وستر العورة التي لا يعتبر فيها قصد الإمتثال، ونيّة القربة.

الثاني: استدامة النيّة من أوّل الغسل إلى الفراغ؛ فلو نوى الخلاف أو تردّد وأتى ببعض الأفعال أو انصرف في أثنائه؛ بطل، إلاّ أن يعود إلى النيّة الأولى قبل فوات الموالاة، ولا يجب نيّة الوجوب والندب، بأن يقول: أغتسل الغسل الواجب أو المندوب، بل يكفي قصد القربة وإتيانه لداعي الله.

الثالث: إطلاق الماء؛ فلا يصحّ الغسل بالمضاف، لعدم رفعه للحدث، وإن خالف فيه الصدوق، وقال في الفقيه:" ولا بأس بالوضوء منه والغسل من الجنابة والإستياك بماء الورد".[1]

ودليل هذا القول خبر يونس، عن أبي الحسن (ع)، قال:" قلت له: الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضّأ به للصلاة؟ قال: لا بأس بذلك".[2]

وفيه: أنّه خبر شاذّ أجمعت الطائفة على ترك العمل بظاهره، ويمكن حمله على التقيّة، لأنّ كثيراً من العامّة قائلون بجواز الوضوء والغسل من المضاف.

الرابع: طهارة الماء؛ وهو إجماعيّ، بل من ضروريات الفقه، وتدلّ عليه نصوص كثيرة مستفيضة، بل متواترة. وهو شرط واقعيّ لا ذُكريّ[3] ، وبذلك لو اغتسل الجاهل بنجاسة الماء، وصلّى مع الغسل بالماء النجس جاهلاً، فعليه الإعادة أو القضاء إذا علم.

الخامس: عدم كونه ماء الغُسالة؛ بناءً على كونها نجسة، وإلاّ فالإغتسال بالماء المستعمل جائز كما مرّ في المسألة السابقة.

السادس: عدم الضرر في استعماله؛ وقد تقدّم في الشرط السابع من شرائط الوضوء؛ أنّه باطل وإن كان جاهلاً بالضرر، لعدم الملاك في الوضوء الضرري وغير ذلك. ولأنّه شرط واقعيّ لا ذُكريّ، خلافاً للمصنّف بأنّه حكم بالصحّة.

السابع: إباحة الماء؛ يشترط إباحة ماء الغسل، لعدم صحّة الوضوء بماء الغير بدون إذنه ورضاه، وهو مقتضى قاعدة اجتماع الأمر والنهي، حتّى على القول بجواز الاجتماع، لعدم تمشّي التقرّب بالفرد المجتمع مع الحرام، لأنّه مبغوض عند الشارع.

الثامن: إباحة ظرفه؛ والتحقيق عندي صحّة الغسل إذا كان الظرف غصبيّاً، لأنّ المكلّف بعد الإغتراف متمكّن من الوضوء بالماء المباح، وإن كان نفس الإغتراف حراماً[4] وتصرّفاً في مال الغير من دون رضاه، ومن المعلوم أنّ الإغتراف المحرّم ليس من أفعال الغسل، لكنّه عصى لاغترافه حراماً وتصرّفاً في مال الغير.

التاسع: عدم كون الظرف من الذهب والفضّة؛ والحقّ عندي الصحّة، فلا فرق بين العلم والجهل بالنسبة إلى الحكم الوضعي،[5] لكّنه يعصي[6] في فرض العلم دون الجهل، فراجع في ذيل المسألة الأولى والسادسة عشر من فصل حكم الأواني.

العاشر والحادي عشر: إباحة مكان الغسل ومصبّ مائه؛ لأنّ التصرّف في مال الغير من دون رضاه حرام، والنهي في العبادة موجب لبطلانها، هذا في صورة العلم بغصبيّة المكان، فمع الجهل بها لا بطلان، إلاّ أن يكون جاهلاً مقصّراً، فعليه الإعادة.

الثاني عشر: يشترط طهارة البدن؛ للأخبار المتقدّمة الآمرة بغسل الفرج وتطهيره وإزالة الخبث.

الثالث عشر: عدم ضيق الوقت؛ أن يكون الوقت واسعاً للغسل والصلاة، بحيث لا يلزم من الإغتسال وقوع صلاته ولو ركعة منها خارج الوقت، وإلاّ وجب التيمّم، للإجماع والأخبار.

الرابع عشر: والترتيب في الترتيبيّ؛ أي يشترط الترتيب في أفعال الغُسل إذا اغتسل غسلاً ترتيبيّاً، للإجماع والأخبار.

الخامس عشر: وعدم حرمة الإرتماس في الإرتماسيّ منه؛ كيوم الصوم، وفي حال الإحرام.

السادس عشر: يشترط مباشرة الغَسل في حال الإختيار، لأنّه في الصحّة والسلامة، وإعانة السالم في الغسل منافٍ للإختيار.

بقي هنا إشكال: وهو ما اختاره الماتن من أنّ عدم الضرر في استعماله شرط واقعيّ ينافي ما تقدّم منه في الشرط السابع من شرائط الوضوء، حيث قال هناك: بصحّة الوضوء مع الجهل بالضرر، وإن كان موجوداً في الواقع، وعليه، فعدم الضرر في المقام أيضاً شرط علميّ (ذُكريّ) لا واقعيّ.

ثمّ أنّ وجه ما ذكر في المتن "بخلاف المذكورات؛ فإنّ شرطيّتها مقصورة على حال العمد والعلم "، هو أنّ هذه الأمور شروط للتقرّب وحصول القربة، ولا يتأتّى قصد القربة من المتعمّد والعالم بذلك. نعم؛ يحصل التقرّب في صورة الجهل بشرطيّتها، وقد قرّر وجه ذلك في المسألة الأصوليّة في باب اجتماع الأمر والنهي، فراجع.


[3] أي الشرط العلميّ.
[4] بالنسبة للحكم التكليفي.
[5] أي في عدم البطلان. فسواء كان عالماً بأنّ الظرف من الذهب أو الفضّة أو كان جاهلاً بذلك، فإنّ الغسل صحيح. وذلك لنفس العلة السابقة؛ وهو أنّ الماء الموجود داخلهما مباح.
[6] هذا بالنسبة إلى الحكم التكليفي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo