< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /مسائل/ الدرس 80

 

المسألة (13) و(14) و(15)

النيّة في الإغتسال ومعناها

المسألة (13): إذا خرج من بيته بقصد الحمّام والغسل فيه؛ ‌فاغتسل بالداعي الأوّل، لكن كان بحيث لو قيل له حين الغمس في الماء ما تفعل؟ يقول: أغتسل، فغسله صحيح، وأمّا إذا كان غافلاً بالمرّة، بحيث لو قيل له ما تفعل؟ يبقى متحيّراً، فغسله ليس بصحيح‌.

إذا كانت حركته نحو الغسل منبعثة عن الداعي إلى ذلك العمل فقد نوى؛ كما إذا خرج من بيته بقصد الحمّام والغسل فيه، فاغتسل بهذا الداعي، وكان الداعي باقياً بحيث لو قيل له حين الغسل والغمس في الماء ما تفعل؟ يقول: أغتسل، فغسله صحيح. وهذا أمر رائج بين الناس، كخروجه من منزله بداعي التشرّف إلى الحرم والمساجد والموكب والحسينيّة، وغير ذلك، فإنّها من الأمارات الكاشفة عن وجود النيّة في خزانة النفس.

فإذا عرض عليه الغفلة، بحيث لو قيل له ما تفعل؟ يبقى متحيّراً، فغسله ليس بصحيح، لعدم تحقّق النيّة حتى الأمارات الكاشفة، بل الأمارة خلافه، لأنّ التحيّر موجب لانتفاء الداعي، وإلاّ لم يتحيّر، لكونه من الأمور الوجدانيّة التي تعرف بمجرّد الإلتفات إليها. نعم إذا كانت الإرادة الإجماليّة؛ فهي كافية ولا يلزم الإرادة التفصيليّة المرتكزة في النفس.

 

الشكّ في اغتساله

المسألة (14): إذا ذهب إلى الحمّام ليغتسل، وبعد ما خرج شكّ في أنّه اغتسل أم لا، ‌يبني على العدم، ولو علم أنّه اغتسل، لكن شكّ في أنّه على الوجه الصحيح أم لا، يبني على الصحّة. ‌

في المتن فرعان:

الفرع الأوّل: ما إذا ذهب إلى الحمّام ليغتسل، ثمّ شكّ بعد خروجه في أنّه اغتسل أم لا، يبني على العدم، لاستصحاب عدم الإتيان به، ولا تجري قاعدة التجاوز عن المحلّ العادي الذي يعتاد الإتيان بالعمل فيه، وهو الحمّام. إذا المراد من التجاوز؛ هو التجاوز عن جزء من العمل، بدخوله في جزء آخر كما مرّ كراراً.[1]

الفرع الثاني: ما إذا علم بالإغتسال، وعلم بأنّه اغتسل، لكنّه شكّ في أنّه على الوجه الصحيح أم لا؟ يبني على الصحّة، لقاعدة الفراغ، لقول أبي جعفر (ع) أنّه قال:" كلّما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو".[2] وهو ممّا مضى غسله، وكلّ شيء قد مضى يمضي كما هو.[3]

 

الإغتسال معتقداً بسعة الوقت

المسألة (15): إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت‌ فتبيّن‌ ضيقه، وأنّ وظيفته كانت هو التيمّم، فإن كان على وجه الداعي يكون صحيحاً، وإن كان على وجه التقييد يكون باطلاً، ولو تيمّم باعتقاد الضيق، فتبيّن سعته، ففي صحّته وصحّة صلاته إشكال. ‌

في المسألة صورتان:

الصورة الأولى: ما إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبيّن ضيقه وأنّ وظيفته كانت هو التيمّم، فقد فصّل الماتن (ره) فيها بين ما إذا أتى بالوضوء أو الغسل بداعي الأمر الفعلي المتوجّه إليهما، الناشيء باعتقاده من الأمر بالصلاة؛ يحكم بصحّتهما، إذ المفروض أنّه أتى بهما بدعوة أمرهما وبقصد الإمتثال والقربة، غاية الأمر وقع الخطأ في التطبيق، لأنّ الأمر الموجود الفعلي هو الإستحباب، وهو قصَدَه بالوجوب الغيري المقدّميّ، وهو غير مضرّ في صحّتهما، لإتيانهما بقصد الأمر والعباديّة.

وبين ما إذا توضّأ أو اغتسل على وجه التقييد، بمعنى أنّهما مقدّمتان للصلاة، مقيّداً بكونهما واجبين غيريين، بحيث لو لم يكن ذلك الداعي لم يأت بهما، يحكم ببطلانهما، لعدم مقدّميّتهما، وعدم وجوبهما الغيري حينئذ، بل كانت وظيفته التيمّم في الصورتين؛ أي الوضوء والغسل.

وفيها أقوال أخرى:

أحدها: ما ذهب إليه السيّد الخوئي (ره) بالصحّة، لأنّ طبيعة الوضوء أو الغسل طبيعة واحدة غير قابلة للتقييد بشيء، وإنّما نشأت العباديّة عن استحبابهما الذاتيين، فلا مانع من الحكم بصحّتهما، لإتيانهما بداعي أمرهما الفعلي، والخطأ في التطبيق غير مانع عن صحّتهما.[4]

والإشكال مبنائي؛ لأنّه منكر لأصل التقييد في الوضوء والغسل، وأنّهما غير قابلين له، والسيّد (ره) قائل بالتقييد فيهما، والحقّ مع السيّد، لأنّ المكلّف أتى بهما مقيّداً للأمر الغيري والوجوب المقدّميّ لهما، بحيث لو لم تكن الدعوة لم يأت بهما، ولا يعتقد بالإستحباب الذاتي للغسل، ولم يقصد الغسل الراجح في نفسه، والحكم بالبطلان محقّق، لأنّ وظيفته التيمّم لا الغسل.

 


[1] كالشك في قراءة الحمد بعد قراءة السورة، بينما شكه هنا في أصل العمل.
[3] وهذه الرواية هي دليل قاعدة الفراغ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo