< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/08/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /مسائل الدرس 81

 

تابع لصور المسألة (15) والمسألة (16)

تعرّضنا في الجلسة السابقة إلى الأقوال فيما إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبيّن ضيقه، وأشرنا إلى القول الأوّل للسيّد الخوئي، والآن نتعرّض لبقية الأقوال.

ثانيها: ما ذهب إليه السيّد البروجردي (قده) من القول بالبطلان مطلقاً إذا كان الداعي إليه امتثال الأمر بالصلاة التي ضاق وقتها، إلاّ إذا كان الوقت باقياً بعده بمقدار ركعة.[1] حينها يتيمّم ويأتي بصلاته.

وفيه: أنّ الفارق بين الداعي والتقييد ما عرفت؛ أنّ الداعي يكون من باب الخطأ في التطبيق، وقد أتى بالفعل بقصد القربة وبداعي الأمر،[2] بخلاف من اغتسل على وجه التقييد؛ أي أتى الغسل بقصد الأمر الغيري المقدّميّ، ولا يقصد الغسل الراجح في نفسه، وبذلك يحكم ببطلانه.[3]

ثالثها: ما ذهب إليه بعض الأعلام،[4] وهو المختار "إذا قصد الكون على الطهارة للّه، وكان داعيه على ذلك امتثال أمر الصلاة على نحو الداعي[5] على الداعي[6] ؛ يحكم بالصحّة، وإلاّ باطل مطلقاً، لعدم الدليل على أنّه أخطأ في التطبيق، ولا قرينة صارفة له، بل هو يغتسل بقصد الكون على الطهارة ويقصد الكون عليها، لامتثال الأمر.

الصورة الثانية: ما إذا تيمّم باعتقاد ضيق الوقت وانكشف سعته، وأنّ وظيفته كانت هو الاغتسال. ففي صحّته وصحّة صلاته إشكال، ينشأ من أنّ موضوع مشروعيّة التيمّم هو ضيق الوقت أو اعتقاد الضيق.

والحقّ عندي هو الأوّل،[7] لعدم الدليل على الثاني، وقد تعرّض (قدس سرّه) في المسألة الرابعة والثلاثين من مسائل مسوّغات التيمّم، وقال هناك: ببطلان التيمّم جزماً، إذ المسوّغ للتيمّم هو ضيق الوقت الواقعي، لا ضيق الوقت الزعمي التخيّلي، ولا خوف الضيق وفوات الوقت.

 

عدم إعطاء الأجرة في الإغتسال

المسألة (16): إذا كان من قصده عدم إعطاء الأجرة للحمامي ‌فغسله باطل، وكذا إذا كان بناؤه على النسيّة من غير إحراز رضا الحمّاميّ بذلك، وإن استرضاه بعد الغسل، ولو كان بناؤهما على النسيّة، ولكن كان بانياً على عدم إعطاء الأجرة أو على إعطاء الفلوس الحرام، ففي‌ صحّته إشكال. ‌

في المسألة ثلاث صورة:

الصورة الأولى: إذا كان من قصده عدم إعطاء الأجرة للحمّامي، فغسله باطل.

الصورة الثانية: ما إذا كان بناؤه على النسيئة من غير إحراز رضى الحمّامي بذلك، فغسله باطل، وإن استرضاه بعد الغسل.

الصورة الثالثة: لو كان بناؤهما على النسيئة، ولكن كان بانياً على عدم إعطاء الأجرة أو على إعطاء الفلوس الحرام، ففي صحّته إشكال.

والتحقيق في تلك الصور يستلزم المرور على قواعد الإجارة والأجرة؛ لأنّ بينهما فرقاً واضحاً، فالإجارة موكولة على العقد بين الموجر والمستأجر، وإعطاء حق الإجارة خارج عن قوام الإجارة، لأنّه راجع إلى مقام الوفاء والأداء، بلا دخل له في حقيقة الإجارة، فالغسل في هذا الفرض يكون صحيحاً، لكون المعاملة صحيحة على كلّ حال، وذمّة المغتسل مشغولة بالأجرة المسمّاة.

بخلاف أجرة الحمّامي، فإنّه موكول إلى بناء المغتسل، ويجري عليه قاعدة إباحة التصرّف للماء وغيره، لأنّه يعلم أنّ الحمّام ليس مجّاناً، بل ينتفع من مائه في قبال عوض رائج في بلاده، فلو بنى على عدم إعطاء الأجرة، فلا يجوز التصرّف، لأنّ الإعطاء دخيل في جواز تصرّف في الحمام بأيّ نحو كان نقداً أو نسيئةً، ومن ذلك تعرف وجه البطلان في الصورة الثانية، فإنّه لم يتحقّق فيه المعاملة المجوّزة للتصرّف.[8]

وأمّا وجه عدم فائدة الإسترضاء،[9] فلأجل أنّ المغتسل حال غسله إمّا يعلم بعدم رضى الحمّاميّ باغتساله بدون الأجرة، وإمّا أن يكون شاكّاً في ذلك، فعلى الأوّل لا يتمشّى قصد القربة بما أنّه عالم بحرمة التصرّف في مال الغير بدون إذنه، ولا يكون الرضى اللاحق كاشفاً عن الرضى السابق وثبوت الحلّ للتصرّف في ماء الحمّام، لعدم تبديل الحكم الفعلي حين وقوعه، وعدم انقلابه، بحيث تنقلب الحرمة إلى الإباحة، وعلى الثاني فالغسل أيضاً باطل، لاستصحاب عدم رضى الحمّاميّ، فالتصرّفات الصادرة منه محكومة بالحرمة بالإستصحاب.

وأمّا الصورة الثالثة؛ فالحقّ أيضاً البطلان، لعدم إحراز الرضى، لعدم الفرق بين النقد والنسيئة، بل يجري في المقام أيضاً قاعدة إباحة التصرّف، لأنّ المغتسل بنى على عدم إعطاء الأجرة أو أعطى الفلوس الحرام، فلا يجوز التصرّف، حتى وإن كان بناء المغتسل والحمّاميّ على النسيئة، إنّما المهمّ قصده وبنائه،[10] ولا تفاوت في النقد وغيره.

 


[2] لأنّ الكون على الطهارة أمر راجح فغسله صحيح.
[3] لأنّه هنا أتى بالغسل لأجل الصلاة الواجبة، لذلك كان عليه البحث والتحقيق، فإذا لم يفعل وبان أنّ وظيفته التيمم، يبطل غسله.
[4] السيّد الگلبایگانی.
[5] الداعي الأوّل هو الإغتسال لأجل الصلاة.
[6] الداعي الثاني هو الغسل الاستحبابي للكون على الطهارة، فيصح غسله لأجل الداعي الثاني، وهو الكون على الطهارة.
[7] أي ضيق الوقت الواقعي.
[8] لأنّه أجرى عقد النسيئة من دون رضى المالك.
[9] أي طلب رضا الموجر بعد الغسل.
[10] أي قصد المغتسل بعدم إعطاء الأجرة أو إعطاء المال الحرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo