< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/08/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /مسائل / الدرس 84

 

المسألة (22)

المسألة (22): حكم ارتماس الصائم عن نسيان

الكلام في ذلك يتمّ في ضمن الجهات الأربعة:

الجهة الأولى: حكم الارتماس في شهر رمضان أو في الواجب المعيّن قضاءً أو نذراً ولو في غير رمضان؛ فتارة يكون الإرتماس عن سهو وغفلة، فلا يحرم ارتماسه، فيصحّ غسله، كما يصحّ صومه لعدم سبب للفساد وضعاً، والسبب للفساد هو المفطر الحرام، فإذا لم يكن الإرتماس حراماً فلم يقع المفطر الحرام، ولا موجب لبطلان الصيام حينئذ، وأخرى يكون عن علم وعمد، فالصوم باطل، كما أنّ الغسل أيضاً باطل، إذ المحرّم لا يتقرّب به.

الجهة الثانية: حكم الارتماس في صوم غير الواجب المعيّن أو غير شهر رمضان؛ أيضا يبطل بالارتماس في الماء، إلاّ أنّ الغسل يقع صحيحاً ولا حرمة فيه، لعدم حرمة الإفطار في الصوم المندوب أو الواجب غير المعيّن قبل الزوال، فلا ملازمة بين بطلان الصوم وبطلان الاغتسال بناءاً عن وقوع الارتماس عمداً، وأمّا إذا وقع سهواً وغفلة فلا إشكال في صحّة صومه وغسله لعدم حرمة الارتماس حينئذ تكليفاً، فلا يوجب الفساد وضعاً.

الجهة الثالثة: حكمه في حال الإحرام، فالإرتماس فيه تارةً يكون عن سهو وغفلة، فهو وإن كان من المحرمات النفسية لكنّه لا يوجب بطلان الغسل، كالنظر إلى الأجنبية حال الصلاة، فإنّه لا يوجب بطلان الصلاة وإن كان النظر حراماً نفسياً.

وأخرى يكون عن علم وعمد؛ فهو حرام تكليفيّ، يوجب بطلان الغسل دون الإحرام وإن كان آثماً، لأنّ تحريم تغطية الرأس في الإحرام كغيره من محرمات الإحرام، فلا يلزم من فعله الفساد.[1]

الجهة الرابعة: ما إذا أحدث الإرتماس حالكونه صائماً، فلا إشكال في بطلان صومه سواءً كان الصوم صوم شهر رمضان أو غيره، لكنّه هل يصحّ غسله إذا نوى الغسل حال الخروج أم لا؟ فقد استشكل الماتن _قده_ في صحّة غسل صوم شهر رمضان، لأنّ الارتماس بحسب البقاء وإن لم يكن مفطراً، إلاّ أنّ الاتيان بالمفطر محرّم في شهر رمضان، ولو بعد إبطال الصوم أو الإفطار، كما إذا أفطر بالأكل أو الجماع، فيحرم عليه الأكل أو غيره ثانياً وثالثاً في نفسه، لا بعنوان أنّه مفطر، ومع حرمته ومبغوضيّته لا يكون الغسل مصداقاً للواجب ورفع الحدث الأكبر.

وأمّا في غير صوم رمضان؛ فأيضاً استشكل فيه الماتن من جهة أنّ الإرتماس من أوّله؛ وهو غمس بدنه في الماء وإحاطته إلى آخره، وهو خروجه من الماء؛ شيء واحد وموجود بوجود فارد، والمفروض أنّ هذا الوجود الواحد محكوم بحرمته، وهو مبغوض، ومع مبغوضيّته وحرمته كيف يقع مصداقاً للواجب ومقرّباً إلى الله، وإن كان ذلك الوجود أمراً مستمراً؟ نعم لو تاب ثم خرج بقصد الغسل صحّ.

وفيه: أوّلاً: أنّ لازمه أن لو ارتمس في الجزء الأخير من النهار وبقي تحت الماء حتى دخل الليل فخرج، لم يفطر، إذ لم يقع منه وجود واحد مركّب من الغمس والخروج.

وثانياً: ليس الخروج مأخوذاً في معنى الإرتماس، فلذلك لو ارتمس الجنب في الماء ناوياً للغسل؛ تحقق الغسل وإن لم يخرج منه.

وثالثاً: أنّ الصوم غير مشروط بعدم الإرتماس، بل مشروط بعدم المفطر، والمفروض أنّ الإرتماس بقاءً ليس بمفطر، فلا يحرم، نعم؛ الإتيان بالمفطر في صوم رمضان حرام حتّى بعد الإفطار والإبطال كما مرّ.

ورابعاً: أنّه مخالف لإطلاق قوله (ع):" إذا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة"؛ يعمّ حال الدخول والحدوث والبقاء والخروج، فلا إشكال ولا كلام في صحّة صومه وغسله وعدم ارتكاب الحرام حال الإحرام إذا لم يكن دخوله في الماء وارتماسه فيه عن عمد واختيار، فينوي بالخروج الغسل، ووزان الخروج من الماء في الفرض وزان الخروج من الدار المغصوبة التي دخلها بلا اختيار، فلا يكون حراماً، بل يكون تخلّصاً عن الحرام بقاءاً، وهذا بخلاف ما إذا كان دخوله في الماء وارتماسه فيه بسوء اختياره، فلا إشكال في بطلان صومه الواجب المعيّن أو صوم رمضان، لكون الارتماس الإختياري العمدي مفطراً له، وهل يصحّ غسله المنويّ حال الخروج أم لا؟ وجهان: والحقّ هو التفصيل بين صوم رمضان وغيره، فيبطل الغسل في صوم رمضان، وفي غير رمضان فلا يبطل الغسل، لعدم حرمة الإرتماس حسب البقاء، وعدم حرمة الإتيان بالمفطر ثانياً وثالثاً.

 


[1] فلا يوجب بطلان الإحرام بل يوجب الكفاّرة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo