< فهرست دروس

الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/10/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /مسائل/ الدرس 87

 

تابع لاستحباب غسل اليدين قبل الغسل ثلاث مرات

وههنا فروع يجب الإشارة لها:

الفرع الأوّل: ظاهر عبارة الشرائع اختصاص الإستحباب المذكور فيما إذا كان الاغتسال بالإغتراف من إناء؛ حيث يستحبّ له هنا قبل الاغتراف للشروع في الغسل أن يغسل يديه ثلاث مرات، لا ما إذا كان من الماء الكثير أو كان الغسل ارتماسيّاً أو تحت المطر؛ فلا وجه لاستحباب غسل اليدين ثلاثا قبل الغسل في هذه الحالات، خلافاً للمنقول عن العلاّمة؛ حيث أثبته مطلقاً[1] ، وقوّاه صاحب الجواهر، ثمّ أنّ الموجب لرفع اليد عن ظاهر الأمر بالغسل وحمله على الاستحباب هو الإجماع،[2] لأنّ الحكمة في الأمر باستحباب غسل الكفّين هو الاحتياط من جهة النجاسة، ولذا كان في بعض الأخبار أنّه إن لم يكن أصاب كفّه شيء غمسها في الماء.[3] وأغلب الفقهاء المتأخرين يؤيدون رأي العلامة وصاحب الجواهر؛ أي أنّ غسل اليدين ثلاثاً قبل الغسل مستحب مطلقاً.

الفرع الثاني: إذا لاحظنا الروايات وجدنا بأنّها مختلفة؛ فبعضها أمر بالغسل من المرفق، والبعض الآخر أمر بالغسل إلى نصف الذراع، وأخرى أمرت بالغسل إلى الزندين. وذهب صاحب الجواهر إلى حملها على مراتب الفضيلة، ورجحان استحباب بعضها على البعض الآخر.

الفرع الثالث: أمّا الغسل من المرفق؛ فهو مستحب من حيث الغسل، فيكون كالمضمضة؛ أي أنّه مستحب نفسي لا غيري. أي أنّ الأمر بها مستقل؛ كغسل اليدين قبل الأكل، وهذا خلاف لغسل المقدار الزائد على دائرة الوجه، فهو مستحبّ غيري، ومقدمة لتحصيل الإطمئنان بغسل تمام أطراف الوجه.

الفرع الرابع: الغسل مرة أو مرتين غير مجزٍ؛ أي ّأنّه لا يجزي في العمل بالاستحباب، بل لا بد للعمل بالاستحباب من التثليث.

الفرع الخامس: البعض ميّز بين النصوص، فالروايات الآمرة بالغسل من الكف إلى المرفق، تشير إلى الاستحباب الغيري، وأمّا الروايات الآمرة بالغسل إلى نصف الذراع أو إلى الزندين؛ تشير إلى الاستحباب النفسي. إلاّ أنّ وحدة السياق تنفي الفرق بين النصوص، وغسل اليدين بأيّ نحو كان مستحبّ، فكلّها تشير إلى الاستحباب النفسيّ.

 

الثالث: المضمضة والاستنشاق بعد غسل اليدين ثلاث مرّات، ويكفي مرّةً أيضاً.

فيها ثلاثة أمور:

الأمر الأوّل: أنّ الأخبار في المضمضة والإستنشاق متعارضة، وقد تدلّ على وجوبهما صحيحة زرارة، قال:" سألت أبا عبد الله (ع) عن غسل الجنابة؟ فقال: تبدأ فتغسل كفّيك، ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك، ثمّ تمضمض واستنشق، ثم تغسل جسدك".[4]

وموثّقة أبي بصير قال:" سألت أبا عبد الله (ع) عن غسل الجنابة، فقال: تصبّ على يديك الماء فتغسل كفّيك، ثم تدخل يدك فتغسل فرجك، ثم تمضمض وتستنشق، وصبّ الماء على رأسك ثلاث مرّات وتغسل وجهك وتفيض على جسدك الماء".[5]

وقد صرّحت على عدم وجوبهما، موثّقة سماعة، قال:" سألته عنهما، فقال (ع): هما من السنّة".[6] ورواية أبي يحيى الواسطي، عمّن حدّثه، قال: قلت لأبي عبد الله (ع) الجنب يتمضمض؟ فقال: لا، إنّما يجنب الظاهر، ولا يجنب الباطن، والفم من الباطن".[7]

ولا يخفى أنّ مقتضى الجمع بين هاتين الطائفتين، حمل الأمر بهما على الاستحباب، معلّلاً في بعضها بأنّه لا يجنب الباطن.

الأمر الثاني: استحبابهما بعد غسل اليدين أمر ثابت. كما يقتضيه عطفهما بـ "ثم" الدالّة على الترتيب.

الأمر الثالث: الإكتفاء بالثلاث، والمرّة مطابق للروايات، وقد روي "مرّة تجزئه".[8]


[1] أي أنّ غسل اليدين ثلاثا قبل الغسل مستحب، سواء كان الماء قليلا أو كثيرا.
[2] لأنّ ظاهر الأخبار يدل على وجوب غسل اليدين ثلاثا قبل الغسل، ولكنّ إجماع الفقهاء مقدم على ظاهر تلك الأدلة. فالإجماع دل على استحباب غسل اليدين ثلاثا قبل الغسل مطلقا من دون التقييد بالإغتراف وغيره.
[3] أي يبدأ الغسل مباشرة من دون غسل يديه ثلاثاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo