و منها[1] : أنّ العمل بالمفهوم في الأحكام الشرعيّة غيرُ ممكن؛ لوجوب التفحّص[2] عن المعارض لخبر العدل[3] في الأحكام الشرعيّة، فيجب تنزيل الآية على الإخبار في الموضوعات الخارجيّة؛ فإنّها هي التي لا يجب التفحّص فيها عن المعارض، و يجعل[4] المراد من القبول فيها[5] هو القبول في الجملة، فلا ينافي[6] اعتبار انضمام عدل آخر إليه، فلا يقال: إنّ قبول خبر الواحد في الموضوعات الخارجيّة مطلقاً[7] يستلزم قبوله في الأحكام بالإجماع المركّب[8] و الأولويّة[9] .

و فيه[10] : أنّ وجوب التفحّص عن المعارض غير وجوب التبيّن في الخبر، فإنّ الأوّل يؤكّد حجّيّة خبر العادل و لا ينافيها؛ لأنّ مرجع التفحّص عن المعارض إلى الفحص عمّا أوجب الشارع العمل به كما أوجب العمل بهذا، و التبيّن المنافي للحجّيّة هو التوقّف عن العمل‌ و التماس دليلٍ آخر، فيكون ذلك الدليل هو المتَّبع و لو كان أصلاً من الاُصول. فإذا يئس عن المعارض عمل بهذا الخبر[11] ، و إذا وجده أخذ بالأرجح منهما. و إذا يئس عن التبيّن توقّف عن العمل و رجع إلى ما يقتضيه الاُصول العمليّة.

فخبر الفاسق و إن اشترك مع خبر العادل في عدم جواز العمل بمجرّد المجي‌ء، إلّا أنّه بعد اليأس عن وجود المنافي يعمل بالثاني دون الأوّل، و مع وجدان المنافي يؤخذ به في الأوّل و يؤخذ بالأرجح في الثاني.

فتتبّع الأدلّة في الأوّل لتحصيل المقتضي[12] الشرعيّ للحكم‌ الذي تضمّنه خبر الفاسق، و في الثاني لطلب المانع[13] عمّا اقتضاه الدليل الموجود.

جلسه 119 (ص 271)

و منها[14] : أنّ مفهوم الآية غير معمولٍ به في الموضوعات الخارجيّة التي منها مورد الآية و هو إخبار الوليد بارتداد طائفة، و من المعلوم أنّه لا يكفي فيه خبر العادل الواحد، بل لا أقلّ من اعتبار العدلين[15] ، فلا بدّ من طرح المفهوم؛ لعدم جواز إخراج المورد.

و فيه: أنّ غاية الأمر[16] لزوم تقييد المفهوم- بالنسبة إلى الموضوعات- بما إذا تعدّد المخبر العادل، فكلّ واحدٍ من خبري‌ العدلين في البيّنة لا يجب التبيّن فيه.

و أمّا لزوم إخراج المورد[17] فممنوعٌ؛ لأنّ المورد داخلٌ[18] في منطوق الآية لا مفهومها.

و جعلُ[19] أصل خبر الارتداد مورداً للحكم بوجوب التبيّن إذا كان المخبر به[20] فاسقاً و بعدمه[21] إذا كان المخبر به عادلاً، لا يلزم منه إلّا تقييدٌ لحكمه‌ في طرف المفهوم و إخراج بعض أفراده، و هذا[22] ليس من إخراج المورد المستهجن[23] في شي‌ء[24] .